شريف علي
بداية اود الاشارة الى ان المراد بمصطلح “التقسيم” الاحتمالية المتوقعة لتجزئة أو تقسيم سوريا إلى مناطق أو كيانات منفصلة. وقد يتضمن ذلك تفكيك سلطة الدولة المركزية وتشكيل وحدات إدارية أو سياسية أو إقليمية جديدة. التي غالبًا ما يتمحور حول السيناريوهات التالية::
حكومات اقليمية: قد تحصل مناطق مختلفة على مزيد من السيطرة على إدارة شؤونها ومواردها، مما يؤدي إلى ظهور نظم سياسية وإدارية متميزة.
التجزئة السياسية والاجتماعية: قد تدفع الاختلافات العميقة سواء كانت عرقية أو سياسية أو أيديولوجية المناطق إلى تأكيد استقلالها أو تبني نظام فيدرالي، مما قد يؤدي في النهاية إلى تقليص وحدة الدولة السورية.
التأثيرات الخارجية: قد تستغل القوى الخارجية أو تدفع نحو حدوث تقسيم في سوريا لتحقيق مصالحها الاستراتيجية، مما يؤثر على توافق بعض المناطق مع مصالحها.
بشكل أساسي، يشمل مصطلح “التقسيم” هنا مجموعة من الاحتمالات تتراوح من نقل السلطة بشكل سلمي ضمن هيكل فيدرالي إلى احتمال انقسام البلاد إلى عدة مناطق ذات حكم مستقل
فالتطورات الأخيرة التي شهدتها سوريا والمترافقة مع اتساع جبهة دعاة سوريا فيدرالية تأتي في أجواء متلبدة سياسيا وعسكريا الداخلية منها والخارجية عكرت صفو مختلف مكونات الشعب في سوريا بسقوط النظام الاستبدادي،
التطور الاول : توجه الادارة الجديدة المغاير لتطلعات غالبية مكونات الشعب في سوريا .والذي تبلور بشكل واضح في أولى خطواتها السياسية على الصعيد الداخلي في تشكيلها للجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني،ومن ثم آلية اختيار أعضاء المؤتمر وحرمان شركاء الوطن من المشاركة فيه.
التطور الثاني: تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضرورة إبقاء الجنوب السوري منطقة منزوعة السلاح، مع تعهده بحماية الأقلية الدرزية. نتنياهو أشار إلى أنه لن يسمح لقوات تنظيم هيئة تحرير الشام أو الجيش السوري الجديد بدخول المنطقة جنوب دمشق، مشددًا على رفضه لأي تهديد للطائفة الدرزية.
التطور الثالث الإعلان عن تشكيل مجلس عسكري في السويداء، يضم الفصائل العسكرية المحلية من أبناء المنطقة. الهدف من هذا المجلس هو التصدي لأي تهديدات أمنية محتملة وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، حسب ما ورد في البيان التأسيسي.
بشكل عام، تدعو معظم القوى السياسية والعسكرية الفاعلة على الساحة السورية إلى الحفاظ على وحدة سوريا، ولكنها قد تكون مستعدة للنظر في حلول اللامركزية أو حكم ذاتي أو فيدرالية كجزء من تسوية سياسية شاملة،أو قد تأخذ الامور منحا آخرا وتخلق البيئة الملائمة للتقسيم شاء السوريون أم أبوا،كون حل الأزمة السورية واستقرار المنطقة بات هدف استراتيجي تفي بضمان مصالح مراكز القرار الدولية النافذة في المنطقة (أمريكا ،بريطانيا و إسرائيل )
رغم ان البلدان تلك لم تعلن رسميًا دعمها لتقسيم سوريا، ولكن هناك تقارير تشير إلى أن بعض المسؤولين الإسرائيليين يرون في تقسيم سوريا فرصة لتحقيق مصالحهم الاستراتيجية. لكن إسرائيل لديها مصالح استراتيجية في تقسيم سوريا، لتحقيق عدة أهداف:
تقسيم سوريا يمكن أن يؤدي إلى إضعاف اي نظام سوري مستقبلا، يقلل من التهديدات الأمنية على إسرائيل من الجبهة الشمالية.
تقسيم سوريا أن يؤدي إلى إنشاء مناطق عازلة بين إسرائيل والمناطق التي تسيطر عليها الفصائل الاسلامية المتطرفة و الجماعات المسلحة، مما يعزز الأمن على الحدود.
تقسيم سوريا يمكن أن يؤدي إلى إعادة تشكيل الخريطة السياسية في المنطقة، مما يمنح إسرائيل فرصة لتعزيز نفوذها الإقليمي سياسيا واقتصاديا ووضع حد لمحاولات تمدد النفوذ التركي التي لديها مصالح استراتيجية في سوريا، وتحديداً في المناطق الشمالية والجنوبية يمكن ايجازها بالاتي .
– التصدي للقيام اي كيان كوردي على امتداد حدودها الجنوبية ويشكل امتداد لاقليم يمكن أن يشجع االشعب الكوردي في تركيا على السعي للاستقلال.
– تعزيز نفوذها الإقليمي من خلال دعم فصائل في سوريا. يمكن أن يمنحها دوراً أكبر في تحديد مستقبل سوريا السياسي ، ويجعل من سوريا معبرا الى بلدان الخليج .
– تعتبر سوريا سوقاً مهماً للمنتجات التركية، والشراكة في مشاريع إعادة الإعمار في سوريا…
بهذا تركيا تفضل حلاً سياسياً يحافظ على وحدة سوريا و يضمن مصالحها الأمنية والاقتصادية بينما الموقف الرسمي لإسرائيل يظل غير واضح بشأن هذا الموضوع رغم تصريحات نتنياهو الاخيرة.
في ظل هذه التطورات، يبقى السؤال الأساسي: هل يبدأ تقسيم سوريا من الجنوب؟ السياق السياسي والعسكري في المنطقة يشير إلى أن الأمور قد تأخذ هذا الاتجاه، خصوصًا في ظل المصالح المتداخلة والمتعارضة للقوى المحلية والإقليمية. يبقى المستقبل مفتوحًا على احتمالات عديدة، وقد تكون الأيام المقبلة حاسمة في تحديد مصير جنوب سوريا وبقية البلاد.
25 شباط 2025