نظام مير محمدي*
لقد أدى انهيار نظام بشار الأسد، أحد أكثر الحلفاء الإقليميين أهمية لنظام الملالي، إلى تحول سياسي زلزالي في الشرق الأوسط. فبالنسبة لطهران، لا يمثل سقوط الأسد خسارة شريك رئيسي فحسب، بل يمثل أيضًا ضربة مدمرة لطموحاتها التوسعية الأوسع نطاقًا.
القادة الإيرانيون يعترفون بالتأثير
اعترف أحمد خاتمي، العضو البارز في مجلس صيانة الدستور ومجلس الخبراء في إيران، مؤخرًا بالتحديات التي يفرضها سقوط الأسد. وفي خطاب له، حث قادة القوات بالوكالة لإيران في العراق على البقاء يقظين، محذرًا إياهم من “الخداع بالوعود الكاذبة لأمريكا”. ودعا إلى اتخاذ إجراءات حاسمة، مؤكدًا على الحاجة إلى “كسر أقدام الإرهابيين التكفيريين في سوريا”.
وفي بيان انتقادي، أعلن خاتمي: “لا ينبغي للكتاب الجهلة والمستهترين أن يثبطوا عزيمة الناس بالزعم بأن المقاومة قد انتهت. أين ذهبت المقاومة؟ إنها لا تزال قوية وستستمر في المنطقة حتى يتم طرد الولايات المتحدة”.
يؤكد هذا الخطاب على يأس النظام الإيراني للحفاظ على نفوذه وموازنة خسائره الاستراتيجية.
تأثير الدومينو لسقوط الأسد
بالنسبة للقيادة الإيرانية، كان نظام الأسد يمثل حجر الزاوية في “محور المقاومة”، وهي شبكة من الوكلاء والحلفاء الذين يعملون على تعزيز أجندة طهران الجيوسياسية. إن سقوط الأسد لا يؤدي إلى تآكل نفوذ إيران الإقليمي فحسب، بل يشير أيضًا إلى تأثير الدومينو، مما يهدد استقرار واستمرار الجماعات والجهات الفاعلة الأخرى المدعومة من إيران.
لقد كشف عجز الحرس الثوري ووكلائه عن حماية نظام الأسد عن نقاط ضعفهم. وقد انكشفت الهشاشة السياسية والعسكرية لهذه القوات، مما يدل على افتقارها إلى الدافع والقدرة على الصمود في وجه الديناميكيات الإقليمية المتطورة.
التحديات التي تواجه قوات الوكلاء الإيرانيين
كان أحد أهم تداعيات سقوط الأسد هو الضغط على وكيل إيران الأساسي في العراق، قوات الحشد الشعبي. تأسست هذه المجموعة، على غرار الحرس الثوري الإيراني، في البداية لمحاربة داعش ولكنها سرعان ما أصبحت أداة لطهران لفرض قوتها في العراق وخارجه.
تواجه قوات الحشد الشعبي الآن تحديين أساسيين:
1. تكثيف الضغوط الداخلية: تنظر الجماعات السياسية والاجتماعية العراقية بشكل متزايد إلى قوات الحشد الشعبي كمصدر لعدم الاستقرار والفساد. وقد ازدادت هذه المشاعر قوة في أعقاب انهيار الأسد، حيث يشكك العديد من العراقيين في استمرار أهمية المجموعة.
2. إضعاف الدعم الإيراني استراتيجيًا: مع فقدان الحرس الثوري الإيراني لقبضته الإقليمية، تضاءلت قدرة إيران على دعم وكلائها بشكل كبير. أجبر هذا التراجع حلفاء طهران على مواجهة حقائق سياسية وعسكرية جديدة.
تسلط تصريحات الشخصيات الرئيسية الضوء على الديناميكيات المتغيرة، حيث نفى فالح فياض، رئيس هيئة الحشد الشعبي، مؤخرا مزاعم دخول قواته إلى الأراضي السورية، مما يشير إلى تراجعه عن التدخل الإقليمي العدواني. ومع ذلك، فإن اعترافه بأن “ما يحدث في سوريا له تأثير مباشر على الأمن القومي للعراق” يؤكد العواقب البعيدة المدى لسقوط الأسد.
ووصف رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، الحليف البارز لطهران، التطورات في سوريا بأنها “بداية مشروع جديد في المنطقة”. تعكس مثل هذه التصريحات اعترافا متزايدا بأن استراتيجية إيران الإقليمية تتفكك.
التداعيات الإقليمية الأوسع نطاقاً
لقد تردد صدى سقوط الأسد خارج العراق. في لبنان، يتصارع حزب الله – وهو ركيزة أخرى من ركائز “محور المقاومة” الإيراني – مع انتكاساته الخاصة. تشير التقارير إلى أن الولايات المتحدة تضغط على حكومة العراق لحل هيئة الحشد الشعبي، مما يزيد من تآكل نفوذ طهران.
ولاحظت صحيفة العرب اللندنية أن الولايات المتحدة تستغل هزيمة حزب الله والأسد لإضعاف وكلاء إيران. وعلى نحو مماثل، نقلت صحيفة الشرق الأوسط عن مستشار لرئيس الوزراء العراقي قوله إن العراق لم يعد قادراً على العمل كمحور للمقاومة الإيرانية بعد سقوط الأسد وإضعاف حزب الله.
الرؤية الاستراتيجية لخامنئي في الأزمة
لقد أكد المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي باستمرار على أهمية النفوذ الإقليمي الإيراني باعتباره حجر الزاوية لبقاء النظام وطموحاته التوسعية. كما سلط الضوء على الدور الحاسم الذي تلعبه القوى بالوكالة في تحقيق هذا العمق الاستراتيجي، ووصف جهودها بأنها حيوية ليس فقط لأمن إيران ولكن أيضاً لأهدافها الإيديولوجية والجيوسياسية.
في خطاب بارز، قال خامنئي: “لا تتجاهلوا الجغرافيا الواسعة للمقاومة. يجب ألا نقتصر على منطقتنا المباشرة. هذا المنظور الشامل العابر للحدود هو في بعض الأحيان أكثر أهمية من التزامات البلاد الأكثر إلحاحاً”.
يؤكد هذا المنظور إصرار خامنئي على الحفاظ على شبكة واسعة من النفوذ تمتد عبر الشرق الأوسط. ولكن انهيار نظام الأسد كشف بشكل صارخ عن نقاط الضعف في هذه الرؤية. فالقوى بالوكالة، التي كانت تُروَّج لها ذات يوم باعتبارها الأصول الاستراتيجية للنظام، تواجه الآن ضغوطاً داخلية وخارجية هائلة، مما يسلط الضوء على هشاشة طموحات طهران. ومع تكيف المنطقة مع الديناميكيات المتغيرة، تبدو رؤية خامنئي غير منسجمة بشكل متزايد مع الحقائق المتكشفة.
ومع ذلك، فإن انهيار الأسد يكشف عن العيوب في هذه الاستراتيجية، مما يشير إلى تراجع هيمنة النظام الإيراني الإقليمية.
الخلاصة
يمثل سقوط بشار الأسد لحظة محورية في الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط. وبالنسبة للنظام الإيراني، فإن هذا يعني فشل سياساته التوسعية الإقليمية وبداية النهاية لمجموعاته بالوكالة. ومع تراجع نفوذ طهران، يقف الشرق الأوسط على عتبة عصر جديد، يتميز بتحالفات متغيرة وإعادة تعريف لديناميكيات القوة.
*كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني