ربحنا الحرية – خسرنا أنفسنا

عصمت شاهين الدوسكي
* هل الحرية أن تكون إنسانا أم شبيه إنسان ..؟
* هل ربحنا الحرية وخسرنا أنفسنا ..؟
* هل ربحنا الحرية وخسرنا أرض تنعم بالصحة والنعمة والأمان والسلام ..؟
* يا ترى من يقرأ ومن يسمع ومن يرى ومن يدون الحرية الإنسانية الحقيقية ..؟
تراكمت الحريات في العصر الحديث واغلب الناس يتمسك بها كملاذ لفكره وسلوكه وعمله وتصرفاته وإذا عدنا إلى صفحات التاريخ نرى إن الحرية وفق السلام والإسلام مرتبطة بموافقة الشريعة حتى لا تتعقد الأمور وتختلط وتضطرب ولا يفسد نظام الكون . وإذا أفلتت الحرية بلا شروط وأحكام وتصرف الإنسان على هواه يعمل ما يشاء كيفما يشاء يضر نفسه ويضر الآخرين بدعوى الحرية .
الحرية الحقيقية هي التخلص من القيود المظلمة القاسية التي تقيد طاقات الإنسان الإيجابية والإبداعية والإنتاجية وتشمل التخلص من العبودية بجميع أشكالها وصورها العصرية والتخلص من الضغوطات المفروضة التي تعيق التقدم والنجاح وبناء حضارة يضرب بها المثل على وجه البسيطة ..
ليتخذ قراراته وعيشه وحياته دون إكراه أو ضغط أو إجبار أو قوة خارجية ، فالحريات الأربعة حرية الرأي والتعبير حرية العبادة حرية التحرر من الحاجة وحرية التحرر من الخوف لا تبتعد في الحياة علنا أن يكون لك اختيار ، الاختيار يمنحك فهم نفسك وسبيل لتحقيق الذات وفهم الحياة بصورة أشمل وتحقيق دور إيجابي فيها .
الحرية الفردية السليمة قيمة ولكنها ليست قانون حتى لو تقبلها الآخر ، فللآخر حريات تقف عندها تفهمها تقدرها ،ولمنع نفي وإهمال هذه الحريات من قبل شخص أو مجموعة أو فئة معينة فالدولة تأخذ على عاتقها مسؤولية تنظيم الحريات من خلال قوانين إنسانية سامية ترتقي بالإنسان خلاقة قي ديمومة العيش والعطاء وتحفظ كرامته  .
وفد ذكرت الحرية في الإسلام والمسيحية وباقي الأديان ففي حرية الاعتقاد والاعتناق قوله تعالى (قُلْ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمُ ٱلْحَقُّ من رَّبِّكُمْ ۖ فَمَنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِى لِنَفْسِهِۦ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يضِلُّ عَلَيْهَا ۖ وَمَآ أَنَا۠ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍۢ ) ” يونس 108 ” وفي المسيحية (وَأَمَّا الرَّبُّ فَهُوَ الرُّوحُ، وَحَيْثُ رُوحُ الرَّبِّ هُنَاكَ حُرِّيَّةٌ  2 (  كو 3: 17  ) .
والحريات الإنسانية كثيرة منها حرية التنقل والمساواة والحق في محاكمة عادلة وحرية الفكر والدين والرأي والتعبير والتجمع السلمي والمشاركة في الشؤون العامة وحماية حقوق الأقليات والانتخابات ومنع وحظر التعسف والتعذيب والمعاملة القاسية ومن شعارات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ” السلام والكرامة والمساواة على كوكب ينعم بالصحة ” .
وفي عصرنا الحاضر المتقدم والمتطور كيف تستغل الحرية قي التسلط على الرقاب واغتصاب حقوق الناس من خلال منصب أو سلطة أو جاه فالذمم تعرض وتباع ولكل شخص مهما كان منصبه مكانته له سعره الخاص فأي حرية وأي حقوق في مثل هذا الإطار المتنافر على نفسه .. ؟
هل نشر الجهل ..حرية ..؟هل وضع الشخص الغير مناسب في المكان المناسب .. حرية ..؟ هل قطع أرزاق  الناس ..حرية ؟ هل سرقة أموال العامة ..حرية.. ؟ هل نشر العري والمفاسد والمخدرات .. حرية ..؟ هل أكل مال اليتيم .. حرية ؟ هل استغلال الوظيفة .. حرية ؟ هل سرقة الورث .. حرية ؟ هل منع التقدير والشكر والتكريم .. حرية ؟ هل منع الإنتاج المفيد للإنسانية .. حرية ؟ هل منع العلم والأدب والإبداع .. حرية ؟ هل نرى الدمار والخراب والانهيار ونصمت هل صمتنا حرية ..؟ هل ضعف أساس الوطن .. حرية ؟ هل الهروب واللجوء والنزوح من نار الوطن ..حرية ؟ هل عدم بناء الحضارة الراقية .. حرية ؟ هل عدم تطور التربية والتعليم .. حرية ؟ هل عدم بناء المصانع والمعامل المنتجة للفرد والبلد .. حرية ؟ هل نشر البطالة والفجور والفقر والقتل .. حرية ؟ هل خلق طبقات فاحشة الثراء وفقراء مدقعة الفقر ..حرية ؟ هل رمي الأموال في الحانات العارية وطفل يأكل من القمامة .. حرية ؟ هل قتل المعلم وضعف مكانته .. حرية ؟ هل نشر لا مبالاة للمفكر والعالم والمنتج وللأديب والمبدع .. حرية ؟ هل عدم وجود حل للمياة المتقطعة والكهرباء وغلاء الغاز والنفط .. حرية ؟ هل عدم وجود المستشفيات الحكومية وكثرة المستشفيات الأهلية .. حرية ؟ هل عدم وجود المحطات الحكومية “البانزين”  وكثرة المحطات البانزينية الأهلية .. حرية ؟ هل عدم بناء محطات لتنقية المياه .. ومحطات توليد الكهرباء المستمرة .. حرية ؟  هل الحرية أن تكون إنسانا أم شبيه إنسان ..؟ هل وهل وهل وهل … ؟؟؟؟
هل ربحنا الحرية وخسرنا أنفسنا ..؟ هل ربحنا الحرية وخسرنا أرض تنعم بالصحة والنعمة والأمان والسلام ..؟
يا ترى من يقرأ ومن يسمع ومن يرى ومن يدون الحرية الإنسانية الحقيقية ..؟ أنا وأنت ، نحن وأنتم مسؤولون أمام الله ..( قوله تعالى : ( وقفوهم إنهم مسئولون ( 24 )  الصافات .
التغيير مستمر قي الحياة فبقاء الحال من المحال والحقائق والظروف والأماكن والحاجات تتغير لكن يبقى مفهوم الحرية موحداً لإرتقاء الإنسانية وليس لتدميرها . عمق الحرية أن لا نصل إلى عمق الهاوية حيث لا رجوع منها وعلينا أن نتعلم من القمر إنه يتغير شكلا لكنه يتغير ضمن حقائق كونية مفيدة للإنسان للأرض ،إذا تأملنا ذواتنا قليلا وأبصرنا حقيقة الحرية نكتشف إن حريتنا أصبحت عبئا علينا وما نحن عليه الآن فرق كبير لما كنا عليه، وتظهر التناقضات والاختلافات والمكابدات والمعاناة والتيه في عواصف المتغيرات حيث يتجلى الظاهر ليس هو الجوهر الحقيقي للحرية للإنسانية وحقيقتنا هو زيفنا لمفهوم الحرية حتى قراراتنا وصورة عيشنا لا نختارها نحن بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وهو اختيار ليس بأيدينا ويبقى الهدف الحقيقي أن لا نخسر الحرية ومحاولة العيش بحرية سليمة بعيدة عن خسارة أنفسنا .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ألبيرتو نيغري النقل عن الفرنسية: إبراهيم محمود ” تاريخ نشر المقال يرجع إلى ست سنوات، لكن محتواه يظهِر إلى أي مدى يعاصرنا، ككرد، أي ما أشبه اليوم بالأمس، إذا كان المعنيون الكرد ” الكرد ” لديهم حس بالزمن، ووعي بمستجداته، ليحسنوا التحرك بين أمسهم وغدهم، والنظر في صورتهم في حاضرهم ” المترجم   يتغير العالم من وقت لآخر: في…

شادي حاجي مبارك نجاح كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي في روژآڤاي كردستان في قامشلو ٢٦ نيسان ٢٠٢٥ الذي جاء نتيجة اتفاقية بين المجلس الوطني الكردي السوري (ENKS) واتحاد الأحزاب الوطنية (PYNK) بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي بعد مفاوضات طويلة ومضنية على مدى سنوات بمبادرات وضغوط كردستانية واقليمية ودولية وشعبية كثيرة بتصديق وإقرار الحركة الكردية في سوريا بمعظم أحزابها ومنظماتها الثقافية…

د. محمود عباس   إلى كافة الإخوة والأخوات، من قادة الحراك الكوردي والكوردستاني، وأعضاء الكونفرانس الوطني الكوردي، والضيوف الكرام، وإلى كل من ساهم وشارك ودعم في إنجاح هذا الحدث الكوردستاني الكبير. أتوجه إليكم جميعًا بأسمى آيات الشكر والتقدير، معبّرًا عن فخري واعتزازي بما حققتموه عبر انعقاد الكونفرانس الوطني الكوردي في مدينة قامشلو بتاريخ 26 نيسان 2025. لقد كان هذا الكونفرانس…

أثمرت إرادة الشعب الكردي في سوريا، الذي لطالما تطلّع إلى وحدة الصف والموقف الكردي، عن عقد الكونفرانس الذي أقرّ وثيقة الرؤية الكردية المشتركة لحل القضية الكردية في سوريا، بإجماع الأحزاب الكردية، ومنظمات المجتمع المدني، والفعاليات المجتمعية المستقلة من مختلف المناطق الكردية وعموم سوريا. ويجدر بالذكر أن هذا الإنجاز تحقق بمبادرة من فخامة الرئيس مسعود بارزاني، وبالتعاون مع الأخ الجنرال مظلوم…