شكري بكر
بداية أستهل مقالتي بالسؤال التالي :
ما الذي يريده حزب العمال الكوردستاني كورديا وإقليميا ؟.
الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا تصدر بيانا يشكر فيه الدول العربية للدعم الذي يقدمونه للشعب السوري لمرحلة ما بعد سقوط نظام بشار الأسد ، وبنفس الوقت يدعوا فيه جميع القوى السياسية السورية دون الإشارة إلى ذكر الأحزاب الكوردية للإجتماع في دمشق بهدف رسم خارطة طريق لسوريا المستقبل .
بداية من يقرأ البيان يصطدم بثلاث نقاط :
1 – حزب الإتحاد الديمقراطي يرى نفسه وكأن هو من أسقط النظام .
2 – حزب الإتحاد الديمقراطي يمارس نفسه وكأنه هو من يدير الملف السياسي السوري العام .
3 – غياب كلمة الكوردي في سياق البيان .
البيان بصراحة يدعوا إلى السخرية والإشمئزاز ، لكونه جاء خاليا تماما من أي مشروع وطني سوري عام أو قومي كوردي خاص ، نعم هو سلوك لأي حزب يتلقى أوامره خارج حدود الدولة السورية ( قنديل ) ، وهناك نقطة هامة تجدر بي الإشارة إليها وهي تتعلق بتركيا كدولة كان لها الدور الكبير في عملية إسقاط نظام بشار الأسد ، حزب الإتحاد الديمقراطي يصف التواجد التركي في سوريا بدولة إحتلال . ولو أردنا أن نجري قراءة في الشأن السوري عامة نرى بأنه تتواجد على الأراضي السورية عدة قوى إقليمية ودولية ، بدءا من حزب الله اللبناني إلى الحشد الشعبي العراقي وحركة حماس الفلسطينية وإيران وروسيا والولايات المتحدة الأمربكية والفرنسية والبريطانية ودول أخرى . والسؤال الذي يطرح نفسه هنا :
لماذا حدد البيان أن تركيا هي دولة إحتلال ، لتواجدها في مناطق مختلفة في الجغرافية السورية ؟.
هل هذا التحديد جاء بناء على حقيقة الواقع أم أن هناك دوافع أخرى تخدم مصالح دول إقليمية كإيران التي تطمح لإقامة دولة شيعية كبرى في المنطقة تبدأ من إيران مرورا بالعراق وسوريا وتركيا إلى لبنان وفلسطين إنتهاءا باليمن .
هذا الحديث يجرنا للدخول في سجالات عدة حول صراع حزب العمال الكوردستاني الذي تبنى الكفاح المسلح منذ أوائل ثمانينات القرن الماضي أي مع قيام الثورة الخمينية في إيران مع النظام في تركيا مما كان لهذا الصراع السبب المباشر في الإنقلاب العسكري في تركيا الذي قاده الجنرال كنعان إيفرين عام 1980 .
ولا يزال حزب العمال الكوردستاني يقود حربا بالوكالة عن النظام الإيراني ضد النظام التركي .
هنا سؤال يتبادر إلى الذهن ألا وهو :
من المستفيد من الحرب التي تخوضه حزب العمال الكوردستاني ضد الدولة التركية ؟.
ربما يكون هناك عدة دول في المجتمعين الإقليمي والدولي يستغلون هذه الحرب ، إلى أن المستفيد الأول والأخير هو النظام الإيراني .
أما لماذا يقوم النظام الملالي في إيران بدعم هذه الحرب وتأجيجه ضد الدولة ؟.
قادة حزب العمال الكوردستاني يصرحون بأنهم يدافعون عن حقوق الشعب الكوردي ، هذا هو نفاق مع الذات أولا ، ومع الشعب الكوردي وعلى ساحة جغرافية كوردستان ثانيا .
مع حلول عام 1991 قد دخل الشعب الكوردي مرحلة جديدة بعد إنتصار قوات التحالف الدولي على النظام العراقي البائد ، وقد أدركت إيران هذه المرحلة ، مما دفعت بها لدعم عبدالله أوجلان بهذا الإتجاه ، وخاصة بعد فرض قوات التحالف الدولي الحظر الجوي على مناطق كوردستان العراق ، في ذلك الأثناء صرح أوجلان بأن إقليم كوردستان سيصبح خنجرا في خاصرة كل من إيران والعراق وسوريا ولنا أيضا ؟.
هنا ، يمكن أن نتساءل ما الذي قصده أوجلان بكلمة ولنا أيضا ، هل ما قصد به حزبه أم تركيا ؟.
لا غبار في كلام أوجلان أنه كان قصده تركيا ، وبتصريح آخر قال :
طالما في الإقليم هناك إدارة ذاتية تابعة لجلال الطالباني ، وأخرى في هولير تابعة لمسعود بارزاني ، هذا يعني أن يكون لنا أيضا إدارة هناك ، إلا أن جاءت داعش ودخلت مدينة الموصل وسهل نينوى ، وبتواطؤ رئيس الوزراء العراقي آنذاك والراحل جلال الطالباني قُدِمت إلى موصل قوات من الجيش العراقي بالإضافة إلى الحشد الشعبي وحزب العمال الكوردستاني المدعومتان من إيران بهدف تحرير مدينة الموصل وسهل نينوى من الدواعش ، وبعد فرار الدواعش منها سلمت المدينة بالكامل لحزب العمال الكوردستاني وشكلت هناك قوات سميت بقوات حماية الشعب في شنكال والتي طالت لأكثر من أربع سنوات ، ثم أخلت المدينة بالكامل بعد ممارسة بعض الضغوط من الجانبين العراقي والدولي والذي جاء بناءا على طلب أهالي شنكال أولا وحكومة الإقليم ثانيا .
لهذا نرى بأن حزب العمال قد ركز جهوده لفرض هيمنته على مقدرات الشعب الكوردي في كوردستان سوريا عبر إعلانه عن الإدارة الذاتية في مناطق كوردستان سوريا ، عبر إقامته لثلاث كانتونات في كل من عفرين وكوبانى ومحافظة الحسكة بالكامل ، لا يزال وحتى إعداد هذا المقال يعمل حزب العمال الكوردستاني لضرب الحركة الكوردية من الداخل وفي جميع ميادين تواجد الشعب الكوردي .
بهذا يصبح حزب العمال الكوردستاني عبئا على منطقة الشرق الأوسط عموما والمنطقة الكوردية خصوصا .
وأخيرا لم يبقى لي إلا أن أقول أنٔ حزب العمال الكوردستاني ليس هو إلا أداة بيد نظام الملالي يلعب به ما يشاء .