تركة البعث السوري يورثها الإخوان!!

صالح بوزان ـ دادالي 

لم يكن سقوط نظام البعث في سوريا نهاية لخطابه العنصري والاستبدادي، بل كان انتقالًا له إلى أيادٍ جديدة بثوبٍ مختلف، وأيديولوجيا مشابهة. اليوم، وبعد أن تسلّمت هيئة تحرير الشام مقاليد السلطة في دمشق، نرى خطابًا يعيد إنتاج البعث بصيغة إخوانية أكثر تطرفًا، تحمل ذات الاتهامات للشعب الكردي، وتنكر عليه حقوقه القومية والإنسانية. فهل تغيرت الوجوه فقط وبقيت العقلية؟ وهل باتت الدولة التركية تضمن استمرار هذا النهج عبر وكلائها الجدد في السلطة الانتقالية؟

منذ أن سيطر حزب البعث العربي السوري على السلطة في عام 1963 ، بدأ بخطاب عنصري موجّه ضد كل ما يختلف عن العقيدة البعثية، ساعيًا من خلاله إلى محو كافة القوميات وصهرها في بوتقة العروبة الشوفينية. وكان الشعب الكردي من أبرز ضحايا هذا النهج، حيث مورست بحقه سياسات التمييز والتهميش بشكل ممنهج، وظلّت حركته السياسية تُتّهم بالانفصالية والسعي إلى اقتطاع جزء من الأراضي السورية لصالح دولة أجنبية.

هذا الخطاب لم يبقَ حكرًا على النظام، بل تحوّل إلى ثقافة مترسخة في المجتمع العربي السوري، تورّثتها الأجيال. حتى الذين كانوا يعارضون سلطة البعث والأسد، لم يختلفوا كثيرًا عن البعثيين عند الحديث عن الحقوق القومية للشعب الكردي.

واليوم، بعد أربعة عشر عامًا من دمار سوريا، وآلاف الضحايا من أبنائها وبناتها من مختلف الطوائف والقوميات الذين قالوا “لا” لسلطة البعث ودكتاتورية آل الأسد، نجد أنفسنا أمام مشهد مكرّر.

فبعد سيطرة هيئة تحرير الشام بقيادة أبو محمد الجولاني ( أحمد الشرع )على السلطة في دمشق، وتنصيبه نفسه رئيسًا للمرحلة الانتقالية لمدة لا تقل عن خمس سنوات، وتشكيله حكومة وفق مقاساته، يخرج علينا وزير خارجيته ( أسعد الشيباني ) خلال القمة العربية الرابعة والثلاثين في بغداد، بخطاب عنصري متطرف لا يقل تطرفًا عن خطاب بشار الأسد، بل ويتجاوزه بدعوته الصريحة إلى “إجماع عربي” لمواجهة كل من يطالب بحقوقه القومية والإثنية في سوريا المستقبل.

كان خطاب الشيباني نسخة مكررة من خطاب البعث، ولكن بنكهة إخوانية متطرفة، تقف خلفها الدولة التركية التي باتت وصيّة فعلية على السلطة في دمشق.

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…