بيان «داعش» لا يعدو كونه انعكاسًا لخُبثٍ سياسي واستراتيجي تمارسه تركيا بمهارة

د. محمود عباس
 
بيان منظمة داعش بتاريخ 25/1/2025، المنشور عنه في موقع إيلاف، والذي جاء فيه أن:
  1. الثورة السورية “جاهلية”، وأن النظام الحالي “صهيوني صليبي”.
  2. الفصائل العسكرية المشاركة في عملية “ردع العدوان” التي أسقطت النظام السابق ليست سوى “بيادق” تعمل لصالح تركيا ودول أخرى.
هذا البيان لا يعدو كونه انعكاسًا لخُبثٍ سياسي واستراتيجي تمارسه تركيا بمهارة، في محاولة منها لتحقيق أهداف محددة خبيثة على عدة مستويات:
أولًا:
تطمين الدول الكبرى وجذب القوى الديمقراطية العالمية لدعم وترسيخ وجود هيئة تحرير الشام كقوة شرعية في سوريا، رغم تاريخها الإرهابي الواضح، وتناسي ماضيها الإرهابي، وماضي من يمثلون الحكومة الحالية، عندما كانت تسمى بالنصرة حليفة داعش.
ثانيًا:
تبرئة تركيا وأجهزتها الأمنية والعسكرية من الاتهامات المتعلقة بعلاقاتها العميقة ودعمها غير المحدود لتنظيم داعش، الذي استخدمته كأداة لتنفيذ أجنداتها في سوريا والعراق.
ثالثًا:
التغطية على عمليات إدخال تركيا لعناصر داعش من الأجانب عبر موانئها ومطاراتها، وتسهيل انتقالهم إلى سوريا والعراق من خلال حدودها المفتوحة وبرعاية مباشرة من قواتها الأمنية.
رابعًا:
تبرئة نفسها من دورها القذر في تحريض داعش على مهاجمة الكورد، وارتكاب الجرائم البشعة (الجينوسايد) بحق الإيزيديين، والمسيحيين، وغيرهم من المكونات القومية والإثنية في سوريا والعراق. كما أنها ساهمت بشكل غير مباشر في استهداف القبائل العربية التي رفضت دعم داعش، لتصب جام جرائمها في النهاية ضد الشعب الكوردي بشكل خاص.
تحذير عالمي:
نُحذر الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، وجميع القوى الإقليمية والدولية المعنية، من التهديد المتزايد الذي يشكله تنظيم داعش، والذي تضاعفت قوته بدعم تركي مباشر. هذا الدعم أصبح واضحًا مع الصعود غير المتوقع لأداة تركيا، هيئة تحرير الشام، التي عززت نفوذها في سوريا إلى جانب تقوية المرتزقة الذين يحتلون عفرين وكري سبي.
احذروا وتحركوا قبل فوات الأوان!
احذروا ظهور “ذئابهم المنفردة” الإرهابية، المدعومة بشكل خفي من تركيا، وهي تجوب شوارع مدنكم الأوروبية والأمريكية لتنشر جرائمها المحملة بالكراهية والتطرف. تقارير المراقبين الدوليين تُظهر بوضوح تضاعف خلايا نشطة لتنظيم داعش في بادية الشام السورية والأنبار العراقية. هذه التقارير تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك استمرار الدعم التركي الخفي لهذه التنظيمات الإرهابية، التي تستخدمها تركيا كأداة خبيثة لتحقيق أهدافها الإقليمية في المنطقة.
لا يمكن تجاهل هذه التحذيرات، ويجب على الدول المعنية التحرك بحزم لتجفيف منابع الإرهاب ومحاسبة الداعمين له.
دعوة عاجلة:
نطالب الدول الكبرى، التي تعمل على الحفاظ على أمنها وأمن مواطنيها، بتجفيف منابع الإرهاب، التي تتمثل في تركيا وسياساتها الداعمة للمنظمات الإرهابية. يجب ممارسة ضغوط صارمة على تركيا للحد من تدخلاتها في سوريا، ووقف دعمها للهجمات على الشعب الكوردي والقوى التي تحارب داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى.
السياسة التركية كانت ولا تزال قذرة غارقة في العنصرية، يقودها نظام لا يقل سوءً وإجراما عن نظامي البعث وأئمة ولاية الفقيه. هذا النظام يستغل الإرهاب كوسيلة لتحقيق مصالحه، ما يشكل تهديدًا مستمرًا للسلم والأمن الإقليمي والعالمي.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com
26/1/2025

شارك المقال :

5 1 vote
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

بوتان زيباري   يا سوريا، يا رعشة التاريخ حين يختلج على شَفَة المصير، ويا لُغزَ الهوية حين تُذبح على مذبح الشرعية، ما بين سراديب القهر وأعمدة الطموح المتداعية. أنتي ليستِ وطناً فقط، بل أسطورةٌ تمشي على أطرافِ الجراح، تهمس للحاضر بلغةٍ من دمٍ، وتُنادي المستقبل بنداءٍ مختنقٍ بين الركام. أيُّ قدرٍ هذا الذي يجعل من أرض العقيق محرابًا للدم، ومن…

نتابع، في الشبكة الكردية لحقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، بقلق بالغ تصاعد حالات اختطاف الأطفال القُصَّر، خاصة الفتيات، من قبل ما تُسمى بـ”منظمة جوانين شورشكر” أو “الشبيبة الثورية”. حيث يُنتزع هؤلاء الأطفال من أحضان عائلاتهم ويُخفَون في أماكن مجهولة، دون تقديم أية معلومات لأسرهم عن مصيرهم. لقد حصلنا على قوائم بأسماء عدد من القاصرين والقاصرات الذين تم اختطافهم…

إبراهيم اليوسف   مرت مئة يوم منذ سقوط النظام، وشهدت البلاد تحولًا سريعًا- يشبه ما يحدث في الخيال العلمي- وكأنها عاشتها على مدى قرن بل قرون. هذه الفترة القصيرة كانت مليئة بالأحداث الجسيمة التي بدت وكأنها تحولات تاريخية، رغم قصر الوقت. ومع كل هذه التغيرات، تبقى الحقيقة المرة أن السوريين يواجهون تحديات أكبر من أي وقت مضى. بدأت المرحلة الجديدة…

نظام مير محمدي*   في خطبته التي ألقاها الولي الفقيه علي خامنئي بمناسبة عيد الفطر قال وهو يشير الى التهديدات المحدقة بالنظام الإيراني: “يهددوننا بالشر. لسنا على يقين بأن الشر سيأتي من الخارج، ولكن إن حصل، فسيتلقون ضربة قاسية. وإذا سعوا لإشعال الفتنة في الداخل، فإن الشعب الإيراني سيتولى الرد”، وفي کلامه هذا الکثير من الضبابية وعدم الوضوح لأن…