خليل مصطفى
كلمتي (كإنسان وطني حُر) للقوامين في قيادة العمليات بدمشق، وباختصار شديد:
أضعكُم أمام على حقيقة الأسباب والدوافع، التي جعلت حُكام سوريا (العروبيين) يتخذوا المواقف العدائية ضد كورد سوريا، ويتعمَّدوا رسم سياسات عنصرية (هوجاء) بحقهم طيلة العقود الماضية، فلقد تم استهدافهم (عمداً) عبر سلسلة من المراسيم والقرارات الجاهلية المتتالية بغية خنق حُريتهم.؟! ومنعهم من التعبير عن مشاعرهم وأحاسيسهم القومية.؟! وإفقارهم.؟! وزرع الفتن بينهم لتمييع علاقاتهم الاجتماعية وبالتالي تشتيت شملهم.؟! وحظر ممارستهم لنشاطاتهم المتعلقة بلغتهم الأُم وتراثهم الأدبي والثقافي.؟! وحظر تعيينهم في المناصب الحكومية (مدنية وعسكرية).؟! نعم نُفِّذت تلك الأساليب الشوفينية بصرامة (مع سبق الإصرار والتَّرصد)، لأجل صهرهم في بوتقة القومية العربية. وبالتالي ليُعانوا مرارات العزلة والانطواء (المقيتتين).؟! بل حتى أنَّ مناطق سكناهم لم تسلم هي الأخرى، فطالتها المآسي (تتالياً) إثر قرارات استثنائية حرمتها من خطط الدولة الإنمائية (منع فيها تشييد وإنشاء الجامعات والمصانع والمعامل والشركات الخدمية والإنتاجية).!؟
وللتذكير:
1 ــ إنهُ وإثر سقوط الدولة العثمانية (في الحرب العالمية الأولى).!؟ نُفِّذتْ اتفاقية سيكس ــ بيكو، التي جزأت كوردستان (أرض الكورد).!؟ وبموجبها ألحق جزء من أرض كوردستان (بكوردها) إلى سوريا برسم الأمانة (فترة الانتداب الفرنسي).!؟ وللعلم فإنهُ خلال فترة الانتداب الفرنسي، تعايش الكورد ومجاوريهم السوريين بكل معاني الود، دون أن تمس حقوقهم القومية والوطنية أية شائبة. واستمر تعايش الجميع في أجوائهم الديمقراطية (بمختلف انتماءاتهم العرقية والدينية).
2 ــ بدأت الحلقة الأولى لمأساة كورد سوريا مع وصول رئيس مصر (عبد الناصر) القومجي العروبي، ليُحطم بأساليبه العنصرية (الفجة) ذلك التعاطي الديمقراطي السليم، وتلك العلاقات الإنسانية الودودة، فقلب الواقع رأساً على عقب.!؟ وباكورة ممارساته العنصرية بدأت بتطهير مؤسسات الدولة السورية من كوادرها الكوردية.؟! وبتوجيهاته صدرت قرارات تسريح الكورد (كافة الضباط العاملين في المؤسسة العسكرية).؟! ثم تلاها صرف وإعفاء الكورد من كافة المناصب في الوزارات والدوائر المدنية.!؟ وباستلام حزب البعث (الشوفيني) مقاليد الحُكم في الثامن من آذار عام 1963(إثر انقلاب عسكري)، توسَّعت الممارسات الشوفينية واشتدَّت ضد كورد سوريا.!؟ ثُم بُعيد جلوس الأسد (الأب) على كُرسي الحكم في سوريا (بعد عمليته العسكرية / التصحيحية)، أمر بتنفيذ مشروع الحزام العربي، والذي بموجبه جُرِّد غالبية الكورد من أراضيهم الزراعية، وباستلام الأسد (الابن) تناسلت مآسي كورد سوريا، وأبشع تلك المآسي كانت جريمة (مجزرة) آذار عام 2004 التي نفَّذها (عمداً) الشوفينيون من عرب سوريا.!؟
بالمُحصِّلة:
1 ــ يقول الله تعالى (في كتابه القرآن الكريم): (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير. الحجرات / آية 13). فالشعوب (ج شعب) هي العدد الكثير من الناس يجمعهم أصل واحد. والقبائل (ج قبيلة) فهي تمثل أجزاء من الشعب (إذ أن الشعب مجموعة من القبائل). فقول الخالق جل جلاله يعني: أنه تعالى خلق الناس من ذكر وأنثى، وجعلهُم (بالتناسل) شعوباً وقبائل مُتعدِّدة (ليتعارفوا) ليتواصلوا فيما بينهُم وليعرف بعضهُم بعضاً، وليتعاونوا على البر والتقوى. وبالتالي ليعلموا: إن أكرمهُم (أرفعهُم وأعلاهُم منزلة عند الله تعالى) هو أكثرهُم تقوى وخشية منهُ.
2 ــ الدِّين هو أخلاق وقيم إنسانية وانفتاح… الدِّين أن تعيش وقلبكَ مفتوح للآخر… الدِّين أن تتحسَّس مشاكل الآخر… الدِّين أن تتحسَّس مآسي الآخر… خصوصاً إذا كُنتَ مسؤولاً والآخر ضعيفاً أمامك…
3 ــ فإن أردتُم (القوامين في قيادة العمليات بدمشق) الفخر فتفاخروا بالتقوى والعمل الصالح، وبيان ذلك قول رسول الله محمد ﷺ: (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم).
ربنا سمعنا وأطعنا، أَنتَ مولانا، فاجعلنا مع عُقلاء الشعوب (المُسلمة والمؤمنة)، ولا تجعلنا مع الظالمين (كُل من يتفاخر تعصباً لقومه ويُعادي أبناء القوميات الأخرى).
الاثنين 16/12/2024