الهوية والمواطنة: مفاهيم مترابطة وتحديات محتملة…؟

اكرم حسين 

الهوية مفهوم متشعب ، ومعقد يعكس مجموعة من السمات والخصائص التي تميز الأفراد والجماعات عن غيرهم ، وتشمل جوانب متعددة ، مثل الهوية الثقافية التي ترتبط بالعادات والتقاليد واللغة والقيم التي تشكل انتماء الفرد إلى مجموعة معينة ، والهوية الدينية التي تتعلق بالانتماء إلى دين معين وممارساته ومعتقداته ، والهوية العرقية التي ترتبط بالجنس والعرق والأصول التاريخية ، والهوية الجندرية التي تعبر عن كيفية تعريف الفرد لنفسه من حيث الجنس والدور الاجتماعي.

تتمتع الهوية بمرونة واسعة ، فهي قد تتغير وتتطور بمرور الوقت بفعل عوامل مثل التنشئة الاجتماعية ، التجارب الشخصية ، والتفاعل مع ثقافات مختلفة. تعزز الهوية الإحساس بالانتماء وتوفر إطاراً اوسع  لفهم الذات والعالم المحيط ، مما يساعد الأفراد على تحديد مكانتهم في المجتمع ، وبناء علاقات اجتماعية ، والمشاركة في الثقافة التي يشعر المرء  بالانتماء إليها.

بالمقابل، تمثَل المواطنة الصفة القانونية والسياسية التي تحدد العلاقة بين الفرد والدولة. حيث تمنح المواطنة حقوقاً وواجبات تشمل حق التصويت ، الاستفادة من الخدمات العامة ، والامتثال للقوانين الوطنية. قد ينشأ تعارض بين الهوية والمواطنة، خاصةً عندما تتناقض القيم الثقافية أو الدينية مع قوانين الدولة وسياساتها.

مثلاً، قد تواجه مجموعة عرقية أو دينية صعوبات عندما تتعارض ممارساتها أو معتقداتها مع قوانين الدولة. يمكن أن يظهر هذا التعارض في مجالات متعددة مثل التعليم ، العمل، أو الشؤون القانونية ، مما قد يؤدي إلى شعور بالتمييز أو الاستبعاد إذا كانت سياسات الدولة غير متوافقة مع تقاليد ومعتقدات هذه المجموعات . هذا التباين قد يسبب توترات بين الأفراد والدولة، ويؤثر على الإحساس بالانتماء والولاء الوطني.

تعد الهوية جزءاً أساسياً من الشعور بالانتماء ، والمشاركة في الحياة الاجتماعية والسياسية. فقد يواجه الأفراد تحديات في التفاعل مع القيم السائدة إذا كانوا لا يتشاركون في هذه الثقافة أو يفتقرون إلى انتماء ثقافي محدد ، ومع ذلك ،يجب أن يتمتع هؤلاء من الناحية القانونية  بالحقوق والواجبات المرتبطة بالمواطنة.

تظهر التحديات ، عندما تتسبب اختلافات القيم أو المعتقدات في توترات مع القوانين والسياسات الوطنية ، وذلك عندما تتعارض الهوية الثقافية أو الدينية  مع القيم الأساسية للدولة.

ويمكن أن تصبح الهوية أيضاً مهددة للمواطنة ، عندما يتسم التفاعل بين الجماعات المختلفة في الدولة بعدم التسامح أو الفهم ، وخاصةً إذا كانت هناك سياسات تمييزية تؤدي إلى تهميش أو استبعاد مجموعات معينة. ما يضعف الشعور بالانتماء ، ويهدد الاستقرار الاجتماعي.

التفاعل بين الهوية والمواطنة هو مسألة معقدة ، تتطلب تحقيق توازن بين احترام الخصوصيات الثقافية والقومية والدينية ، وضمان حقوق جميع الأفراد كمواطنين. الامر الذي يتطلب تطوير سياسات شاملة ، تعزز الاعتراف والتسامح ، وتدعم الانتماء الوطني للجميع ، بغض النظر عن اختلافاتهم الثقافية أو العرقية أو الدينية.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…