المؤتمر الكردي السوري مصدر شرعية التمثيل ( ٢٥ )

صلاح بدرالدين

 

بين تمثيل الشعب والتمثيل عليه

  منذ نحو عشرة أعوام بدأ الصراع الحزبي يحتدم في ساحتنا الكردية السورية ، وكامتداد لمواجهات المحاور الكردستانية بين كل من حزب الاتحاد الديموقراطي الذي ظهر كفرع سوري لحزب العمال الكردستاني – تركيا ، والحزب الديموقراطي الكردستاني – سوريا الذي يصنف نفسه تابعا للحزب الديموقراطي الكردستاني – العراق ، اما المسائل الخلافية بين الطرفين واعتمادا على مخرجات اتفاقيات أربيل ودهوك ، انطلقت من الصراع على النفوذ ، وتركزت على موضوع – المحاصصة – بسلطة الامر الواقع التي استاثرت بها جماعات – ب ك ك – وامتيازاتها الوظيفية ، والمالية ، ولم تظهر خلال حواراتهما اختلافات سياسية كبرى حول المصير الكردي ، والموقف من نظام الاستبداد الحاكم آنذاك ، وقضايا الازمة العاصفة بالحركة الكردية السورية ، وسبل حلها ، بل كان الموقف العام لهما هو تجاهل ازمة الحركة ، والتعتيم على كل الأصوات وخصوصا على مشروع حراك ” بزاف ” المنشور ، والمطروح مبكرا ، والداعي الى إعادة بناء الحركة عبر المؤتمر الكردي السوري الجامع ، وهكذا وفي هذا المجال كان يتنازع خلال ذلك العقد في الساحة الكردية مشروع الأحزاب غير المستقلة الباحثة عن النفوذ وتقسيم الوظائف ، ومشروع الوطنيين المستقلين  باسم حراك ” بزاف ” الساعي الى توفير شروط عقد المؤتمر الجامع المنشود لاعادة البناء ، وحل الازمة .

 

تواصل مع الاشقاء في الاقليم

  ولان الاشقاء في أربيل كانوا معنيين بمايجري في ساحتنا ، واحتضانهم لاحد الفريقين ، وتوسطهم للحوار بينهما ، فقد تواصل  ممثلو حراك ” بزاف ” مع الأخ الرئيس مسعود بارزاني الممسك بالملف لعشرات المرات ، وقدموا له أيضا اكثر من ثلاثين مذكرة ( جميعها موثق وبعضها منشور ) وكلها تتعلق بمطالبته بدعم مشروع عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع في كردستان العراق لانه الحل الوحيد لمعالجة الازمة .

  سارت الأمور على هذا المنوال حتى سقوط نظام الاستبداد الذي فاجأ كل الكيانات السياسية السورية بما في ذلك – قسد ومسد ، وكل المسميات الأخرى المرتبطة بحزب العمال ، وكذلك الأحزاب الكردية برمتها ، والتي كانت اما على تواصل مع النظام المنهار او مراهنة على العودة الى احضانه ، مما شكل سقوطه خلطا للأوراق ، واثار قلقا في اوساطها خاصة عندما اعلن العهد الجديد عن حل كل الكيانات السياسية في البلاد ، وعدم التعامل مع الفصائل العسكرية ، والمنظمات الحزبية ، ( بعض مسؤولي تلك الأحزاب حاول الاتصال بالإدارة الانتقالية ولم تفلح ) وقد كان ذلك كفيلا باضطرار الأحزاب الكردية الى التعامل مع موضوعة – وحدة الحركة الكردية – بل ابعد من ذلك دعواتها المتباينة – لعقد المؤتمر الكردي السوري – الذي كان من المحظورات في اعلامها خلال عقد من الزمن ، وحتى تناولها الالتفافي الاضطراري الأخير كان من اجل اثبات الذات ، ومن منطلق المصلحة الحزبية الضيقة ، وبوسائل ملتوية اساءت – لجوهر – المؤتمر المنشود ، فلو كانت نيات هذه الأحزاب صادقة تجاه مسالة المؤتمر لاعلنت الاعتذار لحراك ” بزاف ” واعترفت بصدقية ، وتاريخية مشروعه بهذا الخصوص ، ولشعرت بنوع من تانيب الضمير بسبب رفضها لعشرات المبادرات ، وعدم ردها على العديد من رسائل حراك بزاف بخصوص الحوار ، وترتيب البيت الكردي واللقاءات التشاورية .

 

حذارى من التورط في الفتن الطائفية  

  يواجه العهد الجديد بعد انجاز اهم واعظم الواجبات الوطنية باسقاط نظام الاستبداد العديد من التحديات الداخلية من جانب موالي النظام المنهار وبعض التيارات ، والمجموعات الباحثة عن مصالح ضيقة ، والخارجية من الأطراف الإقليمية والدولية التي تضررت ، وخسرت نفوذها على حساب السيادة الوطنية للشعب السوري بسقوط صنيعتها نظام الأسد مثل النظامين الإيراني ، والروسي ، وميليشيات حزب الله ، والحشد الشعبي العراقي .

  والتحدي الأكبر الذي تواجهه الإدارة الانتقالية هو النجاح في تحقيق اهداف ثورة السوريين في الحرية ، والكرامة ، والديموقراطية ، والعدالة الانتقالية ، وإعادة بناء المؤسسات الوطنية بما في ذلك البرلمان ، وصياغة الدستور الجديد ، وابرام العقد الاجتماعي الجديد بين المكونات الوطنية ، ووضع اللبنات الأساسية للنظام السياسي بصورة توافقية ، وعلى قاعدة التشاركية ، والعيش المشترك ، وذلك يتطلب حرص الجميع على السلم الأهلي ، وتعزيز سلطة القانون ، وتسهيل عمل الدولة ، وبسط السيادة الوطنية على كل الأراضي ، واحتكار السلاح .

  ليس خافيا ان سلطات الامر الواقع في بعض المناطق ، والمحافظات ، باشكالها الإدارية ، والعسكرية ، والحزبية ، والمذهبية التي ظهرت في عهد النظام السابق المنهار ، وكذلك مجموعات من خلايا نظام الأسد المسلحة التي تعمل بالخفاء ، ولم تستجب لعملية – التسويات – تتنشط الان في مناطق الساحل ، ان هذه المجموعات تنتمي بكليتها الى القومية الحاكمة ، وليست لديها قضية وحقوق قومية كما هو الحال في القضية الكردية السورية بحقوقها المشروعة ، والبعض منها لديها نوايا تآمرية لاعادة عقارب الساعة الى الوراء ، والبعض الاخر يمكن معالجة مطالبها عبر حقوق المواطنة ، وحرية المعتقد ، والنظام السياسي الديموقراطي .

   هناك معلومات متواترة ، وتسريبات إعلامية لانعلم مدى دقتها تشير الى تورط جهات حزبية باسم الكرد بتقديم الدعم المالي ، والمعنوي  لمجموعات مذهبية سورية ، وتشجيعها على التمرد بوجه العهد الجديد ، وكما يبدو فان مماطلتها بشان المؤتمر الكردي تعود الى انتظار حدوث هزات وردات ، نقول ان صحت هذه المعلومات فان  المتورطين لايعبرون عن مصالح الكرد السوريين ، ويلحقون الضرر بحركتنا السياسية ذات التقاليد الوطنية والديموقراطية ، وعليهم التوقف عن اللعب بالنار ونذكر الجميع بان من مهامنا العاجلة ، واولوياتنا ترتيب البيت الكردي من خلال توفير شروط عقد المؤتمر الجامع .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


2 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
Nisrin
Nisrin
1 شهر

لكم الموفقيه تشكر على جهودك الجبارة

صلاح بدرالدين
صلاح بدرالدين
1 شهر
Reply to  Nisrin

شكرا مع التحية

اقرأ أيضاً ...

ألبيرتو نيغري النقل عن الفرنسية: إبراهيم محمود ” تاريخ نشر المقال يرجع إلى ست سنوات، لكن محتواه يظهِر إلى أي مدى يعاصرنا، ككرد، أي ما أشبه اليوم بالأمس، إذا كان المعنيون الكرد ” الكرد ” لديهم حس بالزمن، ووعي بمستجداته، ليحسنوا التحرك بين أمسهم وغدهم، والنظر في صورتهم في حاضرهم ” المترجم   يتغير العالم من وقت لآخر: في…

شادي حاجي مبارك نجاح كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي في روژآڤاي كردستان في قامشلو ٢٦ نيسان ٢٠٢٥ الذي جاء نتيجة اتفاقية بين المجلس الوطني الكردي السوري (ENKS) واتحاد الأحزاب الوطنية (PYNK) بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي بعد مفاوضات طويلة ومضنية على مدى سنوات بمبادرات وضغوط كردستانية واقليمية ودولية وشعبية كثيرة بتصديق وإقرار الحركة الكردية في سوريا بمعظم أحزابها ومنظماتها الثقافية…

د. محمود عباس   إلى كافة الإخوة والأخوات، من قادة الحراك الكوردي والكوردستاني، وأعضاء الكونفرانس الوطني الكوردي، والضيوف الكرام، وإلى كل من ساهم وشارك ودعم في إنجاح هذا الحدث الكوردستاني الكبير. أتوجه إليكم جميعًا بأسمى آيات الشكر والتقدير، معبّرًا عن فخري واعتزازي بما حققتموه عبر انعقاد الكونفرانس الوطني الكوردي في مدينة قامشلو بتاريخ 26 نيسان 2025. لقد كان هذا الكونفرانس…

أثمرت إرادة الشعب الكردي في سوريا، الذي لطالما تطلّع إلى وحدة الصف والموقف الكردي، عن عقد الكونفرانس الذي أقرّ وثيقة الرؤية الكردية المشتركة لحل القضية الكردية في سوريا، بإجماع الأحزاب الكردية، ومنظمات المجتمع المدني، والفعاليات المجتمعية المستقلة من مختلف المناطق الكردية وعموم سوريا. ويجدر بالذكر أن هذا الإنجاز تحقق بمبادرة من فخامة الرئيس مسعود بارزاني، وبالتعاون مع الأخ الجنرال مظلوم…