صلاح بدرالدين
١ – مؤتمر كردي سوري خاص .
هناك فواارق جوهرية من حيث الدور ، والمضمون ، والاهداف ، والآليات بين ماهو مطروح في الحالة الكردية الخاصة منذ عدة أعوام ان كان على شكل مشروع متكامل قدمه حراك ” بزاف ” للنقاش عبر الاعلام ، ووسائل التواصل الاجتماعي ، وعقد لهذا الغرض نحو مائة لقاء – فيزيائي – وافتراضي شملت النخب الكردية السورية في الداخل وفي مختلف تواجد الكرد السوريين في بلدان الشتات ، بالإضافة الى عشرات البيانات ، والمقابلات التلفزيونية ، والصحفية ، واطلاق العديد من المبادرات لتوفير شروط عقد ذلك المؤتمر الذي سمي تارة بالمؤتمر الكردي السوري ، او المؤتمر الوطني الكردي ، او المؤتمر القومي الكردي السوري ، والذي اصبح شعار المرحلة في الظروف الراهنة من جانب الأوساط الواسعة من الوطنيين الكرد السوريين ، وهذا مبعث الفخر والاعتزاز للجان تنسيق حراك ” بزاف ” ، كما فرض حتى على بعض الأوساط الحزبية ، وبدات باستخدامه تحت ضغط الشارع والراي العام .
والمؤتمر المنشود في حقيقة الامر خاص بالكرد السوريين وله صفة قومية خاصة ، ليس بدوافع ( ضيق الأفق القومي الانعزالي ) كما يعتقد البعض ، بل يهدف الى إعادة بناء حركتهم السياسية بعد تعرضها للتفكك ، والانقسام ، ومصادرتها من جانب أحزاب طرفي ( الاستعصاء ) – الاتحاد الديموقراطي و المجلس الكردي – منذ نحو عقد من الزمن ، وتحويلها الى مادة لصراعاتها الحزبية ، وتطويعها لاجندات ومحاور خارجية ، بمعزل عن مصالح وطموحات الشعب الكردي في سوريا ، وجعلتها عاملا سلبيا في مسالة الوحدة الوطنية خصوصا بعد سقوط نظام الاستبداد ، وضرورات التفاهم ، والاندماج مع الحالة الوطنية في العهد الجديد ، والمشاركة في بناء مؤسسات الدولة الوليدة ، وصياغة دستور سوريا الجديدة .
ولان أحزاب الطرفين والدائرة في فلكها لاتجد مصالح لها في عقد ونجاح مثل هذا المؤتمر الكردي السوري الجامع بحضور لافت من جانب الوطنيين المستقلين ، بدأ بعضها كما ذكرنا أعلاه تحت ضغط الراي العام بمحاولة الالتفاف عليه ، وافراغه من محتواه الجوهري ، واطلاق حملات إعلامية مضللة لمؤتمرات بديلة من ترتيب حزبي ، من اجل قطع الطريق على المشروع الحقيقي الأصيل المعبر عن الغالبية الشعبية .
ان انعقاد ونجاح المؤتمر المنشود لمعالجة الحالة الكردية الخاصة حاليا او في المستقبل ، سيمهد الطريق للتلاقي مع مؤتمر الحوار الوطني العام وسينجز العديد مع مهامه ، وسيزيل عراقيل عن طريقه ، على قاعدة التكامل ، والتشاركية ، والعيش المشترك في سوريا الجديدة الواحدة .
٢ – مؤتمر حوار وطني عام .
وهو المؤتمر الحواري التشاوري الذي دعت اليه الإدارة الانتقالية بعد اسقاط نظام الاستبداد ، من خلال لجنة تحضيرية مشكلة من خمسة اشخاص يرجح انها من لون واحد ، وباشرت مهامها بلقاءات سريعة في عدة محافظات ، ثم أعلنت انها ستعقد – المؤتمر الوطني – خلال يومين ،( ٢٥ – ٢ ) علما ان إعادة بناء سوريا جديدة بعد نحو نصف قرن من الاستبداد ، وبعد دمار البلاد ، وهروب اكثر من نصف سكان البلاد الى الخارج ، تحتاج الى أيام وشهور واعوام ، ولن تتحقق آمال وطموحات السوريين بلقاءات سريعة عبر اطر تشاورية غير اشتراعية مقررة ، ولكن فان الحوارات ، واللقاءات ، والمناقشات بين الوطنيين السوريين أينما تمت وحيثما عقدت من خلال المؤتمرات ، والاجتماعات ، والمناقشات ، والكتابات ، وتقديم المشاريع والمقترحات ، ستكون لها فوائد من دون شك .
العامل الرئيسي في نجاح المؤتمرات
المؤتمرات بجميع أنواعها ، وأهدافها المختلفة ، الخاصة ، والعامة ، الحزبية ، والقومية ، والوطنية ، والاممية ، وبحسب التجارب التاريخية لحركات الشعوب ، والمسار العام للحركة السياسية في سوريا وبينها الحركة الكردية منذ الاستقلال وحتى الان ، يتوقف نجاحها ، وتحقيق أهدافها ، وإنجاز مهامها على مدى تجسيد – اللجان التحضيرية المكلفة بالاشراف والاعداد – للتنوع القائم ليس على أساس المكونات القومية ، والثقافية ، والاجتماعية فحسب وذلك في الدول المتعددة الاقوام مثل سوريا ، بل على صعيد التنوع الفكري والسياسي أيضا ، فالمؤتمر الكردي السوري مثلا يحتاج نجاحه الى لجنة تحضيرية من غالبية وطنية مستقلة مطعمة بتمثيل الأحزاب ، اما مؤتمر الحوار الوطني السوري فلن يفلح من دون لجنة تحضيرية متنوعة من مختلف الاطياف المعبرة عن النسيج السوري المتعدد الألوان ، وتتوفر باعضائها الحد الأدنى من الخبرة السياسية النضالية .