الكورد بين لهيب التاريخ ونور الحرية: ملحمة إرادة لا تنكسر

بوتان زيباري

في أروقة القدر ودهاليز الزمن، حيث تتكسر الأمواج على صخور التاريخ، يقف شعب كُتب عليه التيه بين الخرائط، وتنازعته الأهواء بين العروش والممالك. الكورد، أمة تشظّت حروف اسمها بين صمت السنين، وامتزجت أحلامها بتراب الجبال، فكانت لغتهم نشيدَ الريح، وكانت قضيتهم سيفَ الفجر في وجه ليلٍ طويل.

أما آن للريح أن تهدأ، وللجبال أن تستكين؟ أما آن لليل أن يطوي بردَ غربته، وتشرق شمس العدالة على قممٍ لطالما احتضنت أنين المُهجَّرين؟

ليس الوطن رقعةً ترسمها يد الساسة، ولا خريطةً تنسجها معاهدات الطامعين، بل هو نغمٌ يسري في الدماء، وشعلة لا تنطفئ في أرواح العاشقين. في كل وادٍ سُفحت فيه دموع الأحرار، وفي كل صخرة نقشت عليها الأحلام، هناك كوردستانُ الموعودة، ليست أرضًا فحسب، بل فكرةٌ ترفض الانكسار، ورايةٌ لا يسقطها الزمن.

أيتها الجبال الشاهقة، اخبري النجوم أن أبناءك لم ينسوا قسم الحرية، وأخبري التاريخ أن هناك من يكتبونه بدماء الأوفياء. فالأمم العظيمة تُبنى على العدل، والسيادة تولد حين تعانق الإرادةُ الحقَّ، وحين يصبح الحلم قانونًا لا يخضع لمقايضة المصالح.

أما العالم، فيقف في مفترق طرق، بين أن يكون شاهد زورٍ على مأساة تتكرر، أو أن يكون شاهد حقٍّ يُنصفُ من عانى دهورًا من النسيان. في ركام المدن، وبين أنقاض الأوطان، يولد مستقبل جديد، فإما أن يكون مسكونًا بأشباح الظلم، أو أن ينهض على أعمدة الحق والنور.

والكورد، أبناء الشمس، لن ينطفئ ضياؤهم، ولن تذبل أغصانهم، ففي جذورهم ماء البقاء، وفي عروقهم نشيد الحياة. فليكتب التاريخُ سطوره من جديد، وليشهد أن الحرية ليست منحة تُعطى، بل حقٌّ يُنتزع، ورايةٌ تُرفع، حتى وإن تعاقبت على وأدها قرونٌ من الخذلان.

السويد
01.02.2025

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…