العالم على قرن ثور

فرحان مرعي

تمر المنطقة بمزيدٍ من التوتر والتصعيد والحروب الداخلية مستمرة في أكثر من نقطة ، حيث روسيا واوكرانيا شمالاً إلى الشرق الأوسط جنوباً، ومن إيران إلى ليبيا مروراً بالعراق وسوريا ولبنان وإسرائيل وفلسطين والسودان واليمن.

والسبب الأساسي لهذه الصراعات الداخلية وخاصة الشرق أوسطية هو فشل الأنظمة الحاكمة في تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار لبلدانها، وتحكم الطغاة بمصير الشعوب، وعدم إيجاد الحلول الديمقراطية للقضايا العالقة وخاصة  القومية منها مثل القضية الكردية والفلسطينية والأمازيغية، وقضايا التسامح الديني ، مما مهد لسيلان لعاب القوى الخارجية المتربصة ، و فتح المجال لها للتدخل في شؤون هذه البلدان، والاستيلاء على ثرواتها، وتغذية هذه الصراعات والنزاعات ومن ثم إدارتها بدلاً من حلها.

وفي الوقت ذاته خلقت هذه الظروف قوى متطرفة دينية وإرهابية وجماعات مسلحة محلية ، تتغذى على هذه الأزمات، وتحولت  بدورها إلى أدوات وشركات أمنية للقوى الخارجية مما زاد الطين بلة.

النار مشتعلة في أكثر من نقطة والحرب مستعرة، والخشية من توسعها هاجس العالم والبشرية مخافة أن تأتي على كل شيء تم بناءه على مدى عقود وقرون، وخاصة ان بعض الدول تملك أسلحة فتاكة نووية، قادرة على فناء البشرية بلحظات بحيث لن يستطيع أحدٌ إنقاذ البشرية في الساعة الخامسة والعشرين.

في اعتقادنا إن الاستراتيجية العسكرية التي تتبناها الدول الكبرى وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، هي عدم التوسع في نطاق الحروب ومحاصرتها ، وتغذية  هذه الحروب والأزمات بقوى محلية للوصول إلى الدول الفاشلة، أي إنهيار الدول الرسمية وتقسيمها إلى مناطق نفوذ تحكمها الميليشيات كما في العراق وسوريا واليمن والسودان وليبيا، ولا يبدو في الأفق ملامح حلول سياسية للمنطقة بل استمرارها

في حالةِ التشرذم والفوضى.

الحروب المشتعلة حالياً غير منفصلة عن بعضها سياسياً، فهي ضمن أجندات الصراع الدولي العالمي، وتوزيع مناطق النفوذ. لأن الحروب في جوهرها سياسة ولكن بقالب العنف ،  ولا تأخذ هذه الحروب شكل جبهة عالمية أو حرب عالمية تبرد هنا وتسخن هناك ، تندلع في الشرق وتخمد هناك في الغرب. فالأزمة السورية مثلاً  تراجعت  إلى الوراء، وجمدت واصبحت من الثانويات في الأهمية الدولية كما أن الحرب الروسية الأوكرانية تراجعت إلى المرتبة الثانية ، مع اندلاع حرب غزة في ٧ أكتوبر الماضي ٢٠٢٤، والتي أصبحت محور الصراع في المنطقة، بسبب التداخل الإقليمي والدولي حيث إسرائيل عنصر اساسي فيها، وما تشكله  من أهمية عالمية وخاصة بالنسبة للغرب وأمريكا وإيران العدو المفترض والداعم للإرهاب حسب الغرب ، بينما المناطق الساخنة الأخرى ، في اليمن، السودان، ليبيا، منطق الغرب منها : دعهم يتقاتلون،  دعهم يأكلون بعضهم البعض.

إذاً العالم ينتظر نتائج حرب غزة وما بعد غزة، فإسرائيل تحارب هذه المرة من منطق الوجود أو اللاوجود، ولا بد من حروب جذرية تؤمن مستقبل وجودها وكذلك حدودها الدولية، وباعتقادنا إن حرب غزة سترسم خطوطاً مرويةً بالدم ومدخل إلى معظم الأزمات الأخرى في المنطقة، بما فيها الحرب الروسية الأوكرانية، وسترسم بعض الحدود السياسية والاقتصادية، فوراء كل أزمة سياسية صفقة تجارية ومشاريع اقتصادية .

كما أن العالم ينتظر نتائج الانتخابات الأمريكية واحتمالات نجاح ترامب، الرئيس الإشكالي في أمريكا والعالم!!!!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…