الشيخ حكمت الهجري: نرفض ما سمي بالإعلان الدستوري، لأنه في مضمونه إعلان ديكتاتوري

بيان

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الحق سبحانه : (( فاصبر إنّ وعد الله حقّ ولا يستخفّنّك الذين لا يوقنون )) صدق الله العظيم

السوريون الأكارم

السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. أمّا بعد

من موقعنا في الرئاسة الروحية ، نستعرض آخر تطورات الأوضاع ، ونضع بين أيديكم رُؤيانا ورَأينا ، لتصحيح المسارات ، لأن ما يحصل من ضبابيّة وغموض وفرضٍ لسياسة الأمر الواقع بلونٍ واحد ، يحاول تغطية الأحداث عبر عناوين ملثّمة تحاول الظهور على شاشات العالم بصورة الوطن ..

فمنذ أول أيام التحرير خشينا من الفراغ و الفوضى و الأيادي العابثة .. وسعينا لتحقيق الأمن والأمان في كل سوريا الموحدة ولكل أبنائها ، وبعد تحرّر الوطن ، بإرادة وضغط شعبٍ مقهور جاهَرَ بالحقّ عبر إرادة دولية ساهمت بسقوط رأس الفساد وأعوانه ..

من وقتها ونحن نتواصل وننتظر ، من وقتها وكلمة الحق على لساننا تدعو لخير الوطن ، والعمل على بناء الدولة ومؤسساتها .. بقينا بين أهلنا بروح الوطنية ، وصبَرنا على المحن .

نطرح رؤيانا المنبثقة من رؤيا أهلنا ، من مبدأ توصيف الحقائق بما هي عليه دون تغيير ودون تسييس ، لأن الحق منطوقنا ، غير مبالين بغثاثة ما يسمى بالذّباب الإلكتروني الذي عاد من دون أن يتغير عن مضمون الزمن البائد ، بنوعيّة إدانته التحريضيّة الفاسدة .. ونحن نؤكّد على مبادئنا ، وبأننا نعمل بالروح الوطنية السورية الجامعة.

أيها الأهل السوريون الكرام ..

توجهنا بالرأي والنصح والملاحظات وتلقينا الوعود .. أما النتائج العملية ، فلا مجيب ولا جواب .. وتكرر مشهد إدارة اللون الواحد لكل شيء ، دون ثقة بغيرهم ودون احترام للشهادات والخبرات والأصول القانونية ولا للأعراف الدولية .. وفوجئنا بفورية الفرض بصفة منتصر يفرض ما يريد على أبناء الوطن بإرادته وبأيادي الغرباء الملثمين . ونفاجأ بتخريب دوائر الدولة و البنى التحتيّة ، و فرض قيادات من غير المختصين من لون الهيئة ، وفصل تعسفي جماعي في كل الجهات ، وحين نسأل فالأجوبة انتقامية وفي غير محلها ، ووعود وآمال وتطمينات وهمية ، ومع كل ذلك فقد سايرنا الأمر في سبيل الوطن وانتظرنا الأفضل رغم عدم قناعتنا بما يحصل ..

ولأن بناء الدولة يتطلب مؤتمرا شاملا لممثلين عن كل أبناء الوطن ، فقد قامت الإدارة المؤقتة بالانفراد بالرسم والتخطيط والجمع والتسيير ، بهدف الضخ الإعلامي دون تشاركية حقيقية في الرأي والعمل .. وكان مؤتمر الحوار الوطني في أقل من خمس ساعات ، أصدر فور انتهائه توصيات متداخلة جاهزة مخيبة للآمال .

وبقي الشعب ينتظر الأفضل ، حتى كانت الأحداث المؤسفة في حمص والساحل السوري ، وتم ارتكاب جر. ائم على الأبرياء أبادت وقتلت المدنيين ببشاعة تترية أعادت إلى الأذهان جرائم داعش ، وخالفت الشرعة الدولية والمبادئ الدينية والأخلاقية ، وحين كان السؤال عن الانتهاكات … قيل أنها عناصر منفلتة ، ونقول إن عناصر فصائلكم ممثلون لكم ، وأنتم مسؤولون عن تصرفاتهم ، وقد قلنا في زمن النظام ، من يقتل شعبه خائن ، ونحن نؤكد على إدانة القتلة وضرورة محاسبتهم وطرد الغرباء والمنفلتين إلى خارج الوطن …

ومع ذلك ، بقينا ننتظر العدل والعدالة الانتقالية والانتقال السلمي للسلطة ، وانتظرنا إقرار الإعلان الدستوري لوضع البلاد في المسار الصحيح ، وصدر الإعلان الدستوري عن لجنة كانت من نفس اللون الواحد كسابقاتها ، وكان هذا الإعلان ملثّما أيضا ، يسلّم البلاد كلها لشخص واحد بصلاحيات مطلقة تؤسّس لسلطة استبدادية جديدة .

أيها الإخوة والأهل ..

مع كل ما كان ومع عدم وجود توافقات بينهم وبين اي مكون من مكونات الشعب ، ورغم المساعي والطلبات لتلبية رغبة الشعب بما يتوافق مع الأصول والمواثيق الدولية ، لم يتم الوصول إلى أي منظور توافقي ولم يتم التوصل لأي منهجية عمل سليمة في بناء الدولة ، وبقيت الإدارة المؤقتة بعيدة عن تلبية الطلبات الشعبية وأهداف الثورة .

ومع كل ذلك فلا تزال أيدينا ممدودة للتعاون ، وعليه فنحن نؤكد على طلب تصحيح المسارات ، ونرفض ما سمي بالإعلان الدستوري ، لأنه في مضمونه إعلان ديكتاتوري ، ونطلب العمل الجاد والسليم وعبر خطة واضحة لتنظيم إعلان دستوري سليم أصولا وقانونا يؤسس لنظام ديمقراطي تشاركي من جهات مختصة وطنية من خيرة الأبناء ، ولتكن الأفكار من كل أطياف الوطن ، عبر لجان تشمل كل المحافظات ، ليتم إعادة صياغة إعلان دستوري يأخذ بالخصوصية التاريخية والثقافية لكامل البلاد واحترام حقوق الإنسان ، وضمان المشاركة الفعالة للمواطنين في صنع القرار بدولة ديمقراطية موحدة ، تقوم على مبدأ فصل السلطات واستقلاليتها ، وصلاحيات محلية إدارية أوسع للمحافظات السورية . والحد من الصلاحيات الاستئثارية لمنصب الرئاسة ، وخلال مدة قصيرة لا مبرر لإطالتها ، وبعدها يمكن لنا الخروج من الفوضى وتحقيق الاستقرار . ولن ننفذ أي بند في أي دستور أو إعلان لا يتوافق مع إرادة الشعب وحقوقه .

ونَعود للسؤال … لمَ كل هذا الفرض والاستئثار ؟… هل هو بسبب الخوف من الشعب ، أم أنها قلّة ثقة بالناس ، لمَ المرور دوما من تحت الطاولة ومن خلف الستائر ، لمَ أنتم ملثمون ، وتصرفاتكم تشير أنكم تتصرفون كمحتلين لا كإخوة وحماة ، مما يوجب عدم إشراك الغرباء بجيشنا الوطني وقطاعات الشرطة ومفاصل الدولة ، والشعب السوري واع وصاح وحر ، ولا تنطلي عليه أي حيل من تجنيس وتغييرات ديموغرافية أو محاولات للتستر والتخفي ، ولا تغطية أي تصرف بدستور أو قانون أو قرار ملثم ، فثورة أصبح عمرها خمس عشرة سنة ، جديرة أن تمنح الشعب حُكمه لنفسه بنفسه وخير بلاده وكرامته بأمان وسلمية ..

أيها الأهل الكرام … إن أي قول بقبول تلك التصرفات أو الصمت عن الاخطاء ، وعدم تصحيحها ، عيب علينا بين الأمم ، وإذلال لنا لا نقبله ، وتدوير وتكرير لما ذاقه الشعب من استهانة بإرادته وسلطاته وخيراته ، فالشعب يطلب نتائج عادلة حقيقية لانتصاره ، لا أن يخرج من ويل إلى ويل ، وإرادة الشعب لا تطيق الذلّ ، ولا الإذلال ..

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…