الخطوة الأخيرة لحل مشكلة الشرق الأوسط!

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*
مثل العديد من الألعاب، تعتبر لعبة “الدومينو” لعبة مثيرة وهادفة تعكس حقيقة قاسية للبشر. عندما تبدأ، تنتهي. ربما يشير مصطلح “بداية النهاية” إلى هذا الأمر. إلا إذا كان هناك عامل يمكن أن يوقفها. عامل عادة ما يكون في يد مصممها! لكن هل هناك قائد في الشرق الأوسط يستطيع قلب الطاولة لصالحه؟
إن إطلاق شرارة لعبة الدومينو يتطلب عملية معقدة تتسم بالدقة المتناهية والحسابات الدقيقة. تماماً كما هو الحال في استثمار النظام الإيراني لدكتاتورية الأسد لمدة 45 عاماً. لكن إنهاء لعبة الدومينو يستغرق وقتًا قصيرًا جدًا. مثل سقوط دكتاتورية الأسد الذي لم يستمر أكثر من 12 يوماً. حتى الآن، يمكن استنتاج أنه كلما طال أمد حكم النظام الدكتاتوري في بلد ما، كلما بات من الأسهل تفكيكه والإطاحة به. لأن إنهاء الصعوبات دائما ما يصاحبه السهولة في التغلب عليها. وعلى عكس الديكتاتوريات الجديدة نجد أن الديكتاتوريات المتداعية تختفي بسرعة! بمعنى آخر، بناءً على القوانين التي تحكم مثل هذه الأنظمة، فإن انهيار ديكتاتورية ولاية الفقيه، التي هي المصمم والممثل الرئيسي لهذا المشهد؛ سيحدث بسرعة كبيرة!
إن اكتشاف وفهم آليات ديكتاتورية ولاية الفقيه بدقة، والتي هي ثمرة جهود طويلة الأمد، يمكن أن تكون واحدة من مفاتيح النجاح في المقاومة ضد الدكتاتورية.إن الأمر يحتاج إلى مواجهة طويلة الأمد، وهيكل مستدام، وإرادة قوية، وبرنامج واضح، وتنظيم يهدف إلى الإطاحة بالنظام. بمعنى آخر، يجب أن تتمتع قوة المقاومة بخصائص “البديل الحقيقي والديمقراطي”. ولهذا يقال إن القوة البديلة الحقيقية والديمقراطية الوحيدة المنافسة لنظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران هي “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية”. ومن هذا المنطلق يقال إن المعارضة والوقوف ضد الدكتاتورية يجب أن يكتملا بدعم مثل هذا البديل.
لقد استثمر النظام الدكتاتوري الديني الحاكم في إيران في النظام الدكتاتوري السوري لمدة 45 عامًا. لقد أنفق عشرات المليارات من الدولارات سنوياً لدعم نظام الأسد؛ وذلك لأن نظام الأسد كان يتمتع بمكانة خاصة بالنسبة للنظام الإيراني، بل يمكن القول بأنه كان أحد عوامل بقاء نظام ولاية الفقيه. وليس من قبيل الصدفة أن تعتبر دكتاتورية ولاية الفقيه سوريا “العمق الاستراتيجي” لها. وليس من قبيل الصدفة أيضاً أن يقال إن سوريا كانت تحت سيطرة وتوجيه وقيادة النظام الإيراني سراً وبشكل غير مباشر!
والآن بعد سقوط دكتاتورية الأسد أسدلت الستائر وانكشف بشكل غير مسبوق ما حدث أمام الجميع. مما لا شك فيه أن التبعية، وانعدام الجذور، وانهيار وسقوط ديكتاتورية الأسد تحمل الكثير من الدروس للحركات والقوى الساعية للحرية. لكن الدرس الأهم هو أن “الديكتاتوريين” و”الأنظمة الدكتاتورية”، مهما كانوا، هم ضعفاء وهشّون أمام قوة الشعب! وهذا درسٌ يُعتبر بذرة لدروس أخرى تكررت مرارًا عبر التاريخ! المهم هو الإرادة التي يجب دائمًا صقلها، تعزيزها، ودعمها بالأمل! لقد وصف أسلافنا بحق “خيبة الأمل” بأنها خطيئة عظيمة! ويجب أن يُزرع الأمل والتفاؤل وتُحصد الاستمرارية والمستقبل الواعد.
ومن سمات النظام الدكتاتوري تشويه الحقائق دائما من أجل تهميش القوة الأساسية للمقاومة. مثلما أظهره نظام ولاية الفقيه في العقود الأربعة الماضية. إذ أن هذا النظام الفاشي يحاول دائماً أن يدعي زوراً وبهتاناً بأنه “لا يوجد بديل للنظام الحاكم” أو أنه يدعي بأنه “لولا وجود نظام ولاية الفقيه لدخلت إيران في حالة من الفوضى”، وغير ذلك من الادعاءت الكاذبة.
في مسار بقاء الديكتاتورية، تساهم سياسة “المهادنة مع الديكتاتورية” في دعمها ومواجهة المقاومة، حيث تعمل هذه السياسة بصورة خفية، وغالباً ما تتبنى الصمت، مما يؤدي في النهاية إلى استرضاء الديكتاتور.” لأن أنصار مثل هذه السياسة لا يبحثون إلا عن مصالحهم المادية، وتحديداً الدولار والنفط. ولعل خطيئة معارضي الدكتاتورية التي لا تغتفر هي أنهم يغمضون أعينهم عن الحقائق، ويتفقون عن غير قصد مع الدكتاتورية على أنه لا يوجد “بديل” للنظام الدكتاتوري!
وعلى القوى الأصلية المعارضة للديكتاتورية أن تقرع طبول الحرب ضد الديكتاتورية وأن تلتف حول “القوة الأصلية للمقاومة” وهي “البديل الديمقراطي” وتحييد مؤامرات الديكتاتورية وأنصارها. وإذا قالوا وفعلوا غير ذلك فإنهم لا يدمرون وجودهم فحسب، بل يتجاهلون المعيار الكبير والهام وهو “الزمن” ويصبحون سبباً في بقاء الدكتاتورية، مما يؤدي إلى استمرار الوضع القائم في إيران.
الكلمة الأخيرة!
فقد نظام الملالي الحاكم في إيران “عمقه الاستراتيجي”، في الوقت الراهن، ويسعى جاهداً لوقف سلسلة السقوط التي بدأت في منطقة الشرق الأوسط ضد ديكتاتورية ولاية الفقيه، والتي تشبه تأثير الدومينو. هذه هي العاصفة التي ستأتي بثمارها في إيران؛ نظراً لأن “رأس أفعى ولاية الفقيه موجود في طهران”. لقد قال خامنئي ومسؤولو نظامه مراراً وتكراراً إنهم تحصّنوا خارج حدود إيران لكي لا يسقطوا داخلها. إنهم مرعوبون حقاً من انتفاضة الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية. وذلك لأنهم لم يعد لديهم مثل هذا الحصن خارج حدود إيران.
ستصبح إيران قريباً مسرحاً لانتفاضة الشعب وثورته. إذ يستعد شعب إيران ومقاومته للقيام بالثورة الأكبر والأعظم. إن”وحدات المقاومة” هي النواة الأساسية لجيش التحرير الوطني والشعبي في إيران.ولا يولي أبناء الشعب الإيراني أي أهمية للأقوال الأخيرة للولي الفقيه الحاكم لإيران فحسب، بل إنهم أصبحوا أكثر عزمًا على تحقيق مطالبهم المتمثلة في إسقاط دكتاتورية ولاية الفقيه الحاكمة. إن أبناء الشعب الإيراني “الشعب الإيراني عازمون على إسقاط أكبر وأفظع ديكتاتورية في المنطقة وإلقائها في مزبلة التاريخ!
***
 *کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف بعد أن قرأت خبر الدعوة إلى حفل توقيع الكتاب الثاني للباحث محمد جزاع، فرحت كثيراً، لأن أبا بوشكين يواصل العمل في مشروعه الذي أعرفه، وهو في مجال التوثيق للحركة السياسية الكردية في سوريا. بعد ساعات من نشر الخبر، وردتني رسالة من نجله بوشكين قال لي فيها: “نسختك من الكتاب في الطريق إليك”. لا أخفي أني سررت…

مع الإعلان عن موعد انعقاد مؤتمر وطني كردي في الثامن عشر من نيسان/أبريل 2025، في أعقاب التفاهمات الجارية بين حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وأحزابه المتحالفة ضمن إطار منظومة “أحزاب الاتحاد الوطني الكردي”، والمجلس الوطني الكردي (ENKS)، فإننا في فعاليات المجتمع المدني والحركات القومية الكردية – من منظمات وشخصيات مستقلة – نتابع هذه التطورات باهتمام بالغ، لما لهذا الحدث من أثر…

فرحان كلش   قد تبدو احتمالية إعادة الحياة إلى هذا الممر السياسي – العسكري ضرباً من الخيال، ولكن ماذا نقول عن الابقاء على النبض في هذا الممر من خلال ترك العُقَد حية فيه، كجزء من فلسفة التدمير الجزئي الذي تتبعه اسرائيل وكذلك أميركا في مجمل صراعاتهما، فهي تُسقط أنظمة مثلاً وتُبقى على فكرة اللاحل منتعشة، لتأمين عناصر النهب والتأسيس لعوامل…

شفيق جانكير في زمن تتزاحم فيه الأصوات وتتلاشى المعايير، يبقى صوت الأستاذ إبراهيم اليوسف علامة فارقة في المشهد الثقافي والإعلامي الكردي، لا لبلاغة لغته فحسب، بل لما تحمله كلماته من وفاء نادر وموقف مبدئي لا يهادن. في يوم الصحافة الكردية، حين تمضي الكلمات عادة إلى الاحتفاء العابر، وقفت، عزيزي الاستاذ إبراهيم اليوسف، عند موقع متواضع في شكله، كبير بما يحمله…