الحوار والتفاوض: مفاهيم أساسية

أكرم حسين

حفزني سؤال للخال “فيصل يوسف” عضو هيئة رئاسة المجلس الوطني الكوردي والمنسق العام لحركة الإصلاح الكردي- سوريا في البحث واستدراك الضبط المفهومي لمصطلحي “الحوار” و”التفاوض” ، وضرورة التمييز بينهما في الأهداف والنتائج ، ففي عالم التواصل الإنساني، يلعب كل من الحوار والتفاوض أدواراً حيوية في تعزيز التفاهم وحل النزاعات ، رغم أن لكل منهما خصائصه وأهدافه الخاصة التي تميّزه عن الآخر، و لفهم الفرق بين مفهومي الحوار والتفاوض ، من الضروري أن نستعرض ماذا يعني كل منهما…؟

الحوار: آلية بناء الفهم والتفاهم.

الحوار، عملية تفاعلية تهدف إلى تبادل الأفكار والآراء بين الأفراد أو الأطراف بطريقة شفافة ، وصادقة ، حيث يركز الحوار على الاستماع والاحترام المتبادل، و يسعى الى أن يفهم المشاركون وجهات نظر بعضهم البعض دون أية أحكام مسبقة أو ضغوط للوصول إلى نتائج محددة ، وعادة في الحوار، لا يكون الهدف هو تحقيق مكاسب ملموسة أو اتخاذ قرارات معينة ، بل تعزيز التفاهم المشترك ، وبناء علاقات ودية ، عبر استكشاف الأبعاد ، وتحقيق الفهم الأعمق.

يتميز الحوار بالمرونة والابتعاد عن الأهداف المسبقة ، وبالتالي يتيح التعبير عن ذوات المشاركين بشكل حر مما قد ينتج أفكاراً جديدة قد تساعد في تقارب وجهات النظر .

تتضمن عملية الحوار الاستماع الفعّال، طرح الأسئلة، وتبادل الخبرات والآراء بهدف بناء قواسم مشتركة وتحقيق التفاهم….

التفاوض: حل النزاعات وتوقيع الاتفاقيات.

يركز التفاوض على تحقيق نتائج ملموسة من خلال الوصول إلى اتفاقات محددة بين الأطراف التي تتفاوض .

يتميز التفاوض بانه عملية موجهة نحو أهداف محددة وحل لمشكلات معينة. حيث يتضمن التفاوض عادةً تقديم عروض، تنازلات متبادلة ، تسويات توافق عليها الأطراف .

في التفاوض، يسعى كل طرف لتحقيق مصالحه واحتياجاته ، وبالتالي، الهدف الرئيسي هو التوصل إلى اتفاق يوازن بين مصالح هذه الأطراف ، ويحقق أكبر قدر ممكن من الفائدة.

تمر عملية التفاوض بعدة مراحل ، مثل التحضير، تقديم المقترحات ، التفاوض، والتوصل إلى الاتفاق النهائي ، وهذا يتطلب مهارات مثل القدرة على التحليل، التفكير الاستراتيجي، كيفية التعامل مع الضغوط وعدم تقديم التنازلات ، للوصول إلى نتائج ملموسة.

يشترك الحوار والتفاوض في ضرورة التواصل والاستماع الجيد، لكن الاختلافات بينهما واضحة. فالحوار يسعى إلى بناء التفاهم وتعزيز العلاقات، بينما يركز التفاوض على تحقيق نتائج ملموسة وحل النزاعات.

اذا يكمن الاختلاف الرئيسي بينهما في طبيعة الهدف: فالحوار يسعى إلى الفهم العميق ، والتفاهم من خلال تبادل الأفكار والآراء بشكل شفاف ، في حين أن التفاوض يسعى للوصول إلى اتفاقات صريحة ، وتحقيق أهداف محددة .

في النتائج، يشكل الحوار والتفاوض أدوات أساسية في التواصل والتفاعل الاجتماعي والسياسي .حيث يمكن للأفراد والمجموعات السياسية ، تحسين تواصلهم وتعزيز قدراتهم على حل النزاعات وبناء علاقات طبيعية ومنتجة.

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ألبيرتو نيغري النقل عن الفرنسية: إبراهيم محمود ” تاريخ نشر المقال يرجع إلى ست سنوات، لكن محتواه يظهِر إلى أي مدى يعاصرنا، ككرد، أي ما أشبه اليوم بالأمس، إذا كان المعنيون الكرد ” الكرد ” لديهم حس بالزمن، ووعي بمستجداته، ليحسنوا التحرك بين أمسهم وغدهم، والنظر في صورتهم في حاضرهم ” المترجم   يتغير العالم من وقت لآخر: في…

شادي حاجي مبارك نجاح كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي في روژآڤاي كردستان في قامشلو ٢٦ نيسان ٢٠٢٥ الذي جاء نتيجة اتفاقية بين المجلس الوطني الكردي السوري (ENKS) واتحاد الأحزاب الوطنية (PYNK) بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي بعد مفاوضات طويلة ومضنية على مدى سنوات بمبادرات وضغوط كردستانية واقليمية ودولية وشعبية كثيرة بتصديق وإقرار الحركة الكردية في سوريا بمعظم أحزابها ومنظماتها الثقافية…

د. محمود عباس   إلى كافة الإخوة والأخوات، من قادة الحراك الكوردي والكوردستاني، وأعضاء الكونفرانس الوطني الكوردي، والضيوف الكرام، وإلى كل من ساهم وشارك ودعم في إنجاح هذا الحدث الكوردستاني الكبير. أتوجه إليكم جميعًا بأسمى آيات الشكر والتقدير، معبّرًا عن فخري واعتزازي بما حققتموه عبر انعقاد الكونفرانس الوطني الكوردي في مدينة قامشلو بتاريخ 26 نيسان 2025. لقد كان هذا الكونفرانس…

أثمرت إرادة الشعب الكردي في سوريا، الذي لطالما تطلّع إلى وحدة الصف والموقف الكردي، عن عقد الكونفرانس الذي أقرّ وثيقة الرؤية الكردية المشتركة لحل القضية الكردية في سوريا، بإجماع الأحزاب الكردية، ومنظمات المجتمع المدني، والفعاليات المجتمعية المستقلة من مختلف المناطق الكردية وعموم سوريا. ويجدر بالذكر أن هذا الإنجاز تحقق بمبادرة من فخامة الرئيس مسعود بارزاني، وبالتعاون مع الأخ الجنرال مظلوم…