صلاح بدرالدين
منذ أيام يدور سجال حامي الوطيس بين كل من حزب الاتحاد الديموقراطي – ب ي د – والمجلس الوطني الكردي – انكسي – وأحزاب الوحدة الوطنية في القامشلي ، حول مسالة عقد ( المؤتمر الكردي ) وشكل وآلية المشاركة فيه ، وبايجاز صريح بشان الحصص الحزبية ، والتفرد ، والتنازع حول النفوذ ضمن اطار الوليد الذي لم يرى النور بعد ، وكما قيل على لسان : احد المشاركين في لقاء ممثلي ب ي د والانكسي باشراف قائد – قسد – واحد ضباط التحالف بمدينة الحسكة ، انعقد اللقاء في أجواء مماثلة لاجتماعات أربيل – دهوك ولكن الفرق الشاسع هو بين الاختلاف بالزمان والمكان وراعي اللقاء .
لم يعد سرا ذلك البون الشاسع بين مواقف ، وسياسات ، ومنطلقات ، ومرجعيات ، هذه الأحزاب التي تربو على الثلاثين، وطموحات أمنائها العامين المتعطشين للسلطة بلاحدود ، واعضاء مكاتبها السياسية ، والمتنفذين فيها من أصحاب الحظوة لدى ( المانحين وأصحاب القرار من وراء الحدود والستار ) والذين يتجاوزون الثلاثماءة راس .
خلاف طرفا ( الاستعصاء ) يطفو على السطح
الخلاف الذي ظهر خلال لقاء الحسكة بين الطرفين تركز على تصميم ممثلي – ب ي د – على تنفيذ مشروعه بعقد مؤتمر يضم جميع أحزاب الوحدة الوطنية ، واطرافا ومجموعات أخرى ، في حين اصر ممثلو – الانكسي – على مبدأ الثنائية التقليدية الفاشلة أصلا وتكرر الفشل منذ اكثر من عقد من الزمن ، وذلك للحفاظ على موقعه المفترض كاحد طرفين ، أي صوت مقابل صوت ، اما ب ي د فيعتبر نفسه ( ام العروس ) وبيده السلطة والقرار ، والاحتفاظ بغالبية الأصوات من الأحزاب الموالية له ، والامر الاخر الذي يهدد الاتفاق الكردي الكردي هو نزعة معظم الأطراف الحزبية نحو عقد مؤتمر أحزاب وليس مؤتمر الكرد السوريين ، بلجنة تحضيرية متنوعة وغالبية مستقلة .
ليس مؤتمر كردي سوري بل مؤتمر أحزاب
طوال أعوام الازمة المستعصية داخل الحركة السياسية الكردية السورية ، وتجلياتها الواضحة التي لايمكن اغفالها من استقطابات حادة بين محاور كردستانية خارجية ، وانعكاساتها على صفوف الوكلاء المحليين في الساحة الكردية السورية ، واضيف الى جانب ذلك عجز كل من الوكيلين المحليين المتحزبين ( ب ي د و ب د ك س ) في قيادة السفينة الكردية السورية الى بر الأمان ، عاملان آخران ، الأول – تفاعلات قرار زعيم حزب العمال الكردستاني بحل الحزب وجميع فروعه ، وتشكيلاته في سوريا ، والعراق ، وتركيا ، إضافة الى ( الساحة الرئيسية ) تركيا وظهور عراقيل امام القرار ، والثاني – صعوبة التفاهم بين – قسد – والعهد الجديد بدمشق لاسباب داخلية وخارجية .
ارادتان ومشروعان
كانت أحزاب طرفي ( الاستعصاء ) ومابينهما وطوال أربعة عشر عاما تتمايل بين المعارضة والموالاة ، وتسعى في الغالب للتقرب من نظام الاستبداد ، والتفاهم معه لاسبابها المصلحية الحزبية ، وليس انطلاقا من مصالح وطموحات الغالبية الساحقة من الكرد السوريين ، الا ان سقط نظام الاستبداد ، وتفاجات الاحزاب الكردية بارتباك واضح لان جميع منافذ التواصل معه أغلقت على حين غرة ، ولانعدام اية صلة لها بعملية التحرير بالرغم من ادعاءاتها الباطلة انها تمثل الإرادة الكردية السورية التي كانت بكل طاقتها مع اسقاط النظام ، وتعاطف واضح مع المحررين الذين انجزوا الهدف الرئيسي للثورة السورية .
منذ بداية الازمة طرح حراك ” بزاف ” مشروعه لاعادة بناء الحركة الكردية السورية ، واحياء الأداة النضالية ، وتعزيز مكانتها ، ودورها النضالي ، وتقديم وإقرار المشروع الكردي للسلام بجانبيه القومي والوطني السوري ، وترسيخ مبدأ استقلالية القرار ، والناي بالنفس عن الارتباط بالمحاور الخارجية ، وهي المدخل الحقيقي والوحيد لاعادة ترتيب البيت الكردي ، وتحقيق المصالحة ، وعودة المسلحين الوافدين من – قنديل – الى أماكنهم .
بعد سقوط نظام الاستبداد تواصل ممثلو حراك ” بزاف ” وانطلاقا من المصالح القومية والوطنية مع أحزاب طرفي ( الاستعصاء ) ، وطرحوا مشروعهم بالشكل التالي :
مشروع حراك ” بزاف “
من اجل نجاح عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع لابد من تشكيل لجنة تحضيرية من – ١٥ – شخص من الجنسين بالتوافق ومن غالبية من الوطنيين المستقلين من مختلف المناطق ومشاركة أحزاب الطرفين ومابينهما بنسبة لاتتعدى الثلث ، تشرف اللجنة على الاعداد للمؤتمر ، من تحديد المكان ، والزمان ، واعداد جدول الاعمال ، ودعوة المندوبين من مناطق ( عفرين – كوباني – الجزيرة ) ، ودمشق ، وحلب ، ومن المقيمين بالخارج ، وفي حين سيكون المؤتمر سيد نفسه في مناقشة وإقرار المشاريع ، والبرامج ، والسياسات ، لينتهي بانتخاب هيئة مسؤولة لقيادة المرحلة القادمة .
مشروع الأحزاب
عندما طرح حراك ” بزاف ” منذ تسعة أعوام مشروعه المتكامل لعقد مؤتمر كردي سوري جامع ، واجهته أحزاب الطرفين ومابينهما بالعداء ، والرفض ، والتجاهل ، ولكن بعد ان تحول المشروع الى مطلب شعبي عام ، وتحت ضغط الراي العام ، ومن اجل الالتفاف على المشروع الأساسي ، قام حزب الاتحاد الديموقراطي بادعاء ان لديه مبادرة لعقد مؤتمر كردي وهو سيدعو الاخرين اليه ، ونصب لجنة تحضيرية حزبية ، واعتمد – الثنائية – القديمة الفاشلة أي جر – أحزاب المجلس الكردي الى جانبه ، فقط من اجل تعزيز أوراقه التفاوضية مع دمشق ، وليس من اجل إيجاد حل عادل للقضية الكردية السورية .
لقد عمدت جماعات – ب ك ك – استبعاد حراك ” بزاف ” فقط من اجل قطع الطريق على طرح مشروعه الذي يحظى بقبول الأوساط الواسعة من شعبنا في أي محفل يتعلق بالكرد السوريين ، وهذا ماحصل في مؤتمر الحسكة ، ولاشك اننا لسنا من طلاب الكراسي ، والمنافع الخاصة ونتمنى الخير لاي مسعى صادق ، ولكننا لانرى أي افق مشجع بالمستقبل المنظور فمايبنى على أحزاب فاشلة ، مضللة ، غير مستقلة ، باطل .
وهنا وفي السياق ذاته لانعفي القوى الخارجية المؤثرة بالملف الكردي السوري من مسؤولية الحاق الضرر بشعبنا ، وقضيتنا ، ووطننا .