التهدید والترهيب: منهج النظام الإيراني للتهرب من المساءلة!

نظام مير محمدي *

 

مهما بذل النظام الايراني من محاولات مستميتة من أجل إبراز قوته ومقدرته أمام الضغوط الامريکية الجارية من أجل إجباره على قبول المطالب الامريکية المطروحة فيما يتعلق بالبرنامج النووي وأمور أخرى، فإن ذلك ليس بکاف وليس بمقنع للشعب الايراني قبل غيره، خصوصا وإن النظام الآن في أسوأ أوضاعه وإن أوضاعه السيئة تزداد سوءا وفي طريقها الى تفاقم قد يضع النظام أمام جرف هار!

لم يقتنع المجتمع الدولي عموما والبلدان الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة بما سبق وأن أعلنه خامنئي بحرمة إنتاج القنبلة الذرية، حيث بقيت الشکوك الدولية على حالها خصوصا وإن لهذا النظام تأريخ حافل بممارسة الکذب والخداع ولذلك فإنه وعندما يقول أمام حشد من أتباعه في 12 مارس2025، وکرد على تصريحات ترامب:” عدم امتلاكنا للسلاح النووي وعدم سعينا وراءه ليس لأن أمريكا تمنعنا، بل لأننا نحن لا نريده لأسباب معينة، وهذه الأسباب ناقشناها سابقا. لكن لو أردنا ذلك، لما تمكنوا من إيقافنا”، فإن کلامه هذا ليس فيه من أي جديد بل وحتى إنه إستمرار لممارسة التمويه وإضفاء الضبابية على النوايا الحقيقية للنظام.

خوف خامنئي الواضح جدا من المواجهة العسکرية التي أکدها الرئيس الامريکي في حال رفض التفاوض، جعله يعود من جديد الى التلميح بأن نظامه سيشعل المنطقة في حال توجيه ضربة عسکرية له ولاسيما عندما أضاف في خطابه المشار إليه آنفا:” إذا ارتكب الأمريكيون أو عملاؤهم أي خطأ، فسيكونون هم المتضررين الأكبر.”، وکما هو معروف عن النظام الايراني، فإنه وعندما يخاف من المواجهة العسکرية ويسعى الى تجنبها فإنه يهدد بإشعال المنطقة وکذلك بإغلاق مضيق هرمز، لکن الملفت للنظر هنا، إن التهديد الامريکي هذه المرة جدي بل وحتى بالغ الجدية، وإن على خامنئي وعوضا عن تهديده بأن”إيران قادرة على توجيه ضربة متبادلة، وبالتأكيد ستنفذها.”، فإن عليه البحث من مخرج واقعي لورطته هذه المرة ولاسيما وإنه قد خرج لتوه سلسلة هزائم نوعية على صعيد المنطقة بحيث فقد على أثرها جانب کبير جدا من قواه.

خامنئي وهو يصرف وقته في التهديد والوعيد، يعلم جيدا بأن أوضاعه الداخلية السيئة جدا من جراء السياسات والنهج المشبوه للنظام أقرب ما تکون للإشتعال، وإنه إذا ما کان يسعى لإستدرار عواطف الشعب الايراني الذي عانى ويعاني الامرين على يده ويد نظامه، فإنه مخطئ وبنى توقعاته على أسس واهية، حيث إن الشعب الذي لا يمر يوم إلا وتکون هناك فيه العشرات من التحرکات الاحتجاجية على سوء الاوضاع وعلى سياساته الفاشلة، يريد أن يضع حدا للسياسات المبنية على أساس التلاعب بأموال ومقدرات الشعب الايراني من أجل مصلحة النظام، ولذلك فإن أي مواجهة تحدث ستکون مواجهة خاصة بالنظام وهو من سيدفع ثمها ويتحمل تبعاتها وآثارها!

 

لماذا هناك خلافات كثيرة في النظام الإيراني حول التفاوض مع أمريكا؟

الحقيقة أن خامنئي يواجه طريقًا مسدودًا في معالجة القضايا والأزمات الداخلية المتعددة. فإذا قبل التفاوض، فإنه سيجرّ سلسلة من التداعيات ضد حكمه، وإذا رفض واختار المواجهة مع الولايات المتحدة وحلفائها والتعنت أمامهم، فسيتعين عليه دفع الثمن بطريقة أخرى، وهو ثمن يفوق طاقة نظامه الضعيف، وخامنئي يدرك هذا الضعف أكثر من أي شخص آخر.

أما بشأن الخلافات الداخلية داخل النظام حول القضايا المختلفة، فإن تصريحات حسن روحاني، الرئيس السابق للنظام، يوم الجمعة 14 مارس/آذار، خلال اجتماع مع وزرائه ونوابه في فترة رئاسته، تستحق الاهتمام. فقد قال في جزء من حديثه:

“إن استمرار الجدل في بلدنا حول ما إذا كان يجب الانضمام إلى FATF أم لا، يعكس مستوى عقلانيتنا! أي شخص ينظر إلى إيران من الخارج سيدرك تمامًا ما يجري في البلاد! … في ظل كل هذه الأزمات، ما زلنا نتشاجر حول بعض القضايا مثل ما إذا كان ينبغي علينا التفاوض أم لا! أي نوع من الجدل هذا؟! … ألم نتفاوض مع الولايات المتحدة بشأن قضيتي أفغانستان والعراق؟ عندما كنت أمينًا للمجلس الأعلى للأمن القومي، أرسل لي خامنئي مذكرة تتضمن توجيهات حول النقاط التي يجب أن يطرحها المفاوضون الإيرانيون خلال المحادثات!”

تصريحات حسن روحاني تتناقض تمامًا مع تصريحات خامنئي، الذي كان قد قال: لن نتفاوض أبدًا مع الولايات المتحدة لأن ذلك غير عقلاني ومُخزٍ”. هذا التناقض يكشف بوضوح المأزق المميت الذي يواجهه النظام بشأن برنامجه النووي وملف التفاوض مع الولايات المتحدة وحلفائها، ويضع صورة قاتمة لمستقبل النظام. مستقبلٌ يتجه نحو انتفاضة شاملة تقودها وحدات المقاومة ومقاومة منظّمة بشكل جيّد، ما سيؤدي في النهاية إلى إسقاط النظام وانتصار الشعب الإيراني.

============

*كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ألبيرتو نيغري النقل عن الفرنسية: إبراهيم محمود ” تاريخ نشر المقال يرجع إلى ست سنوات، لكن محتواه يظهِر إلى أي مدى يعاصرنا، ككرد، أي ما أشبه اليوم بالأمس، إذا كان المعنيون الكرد ” الكرد ” لديهم حس بالزمن، ووعي بمستجداته، ليحسنوا التحرك بين أمسهم وغدهم، والنظر في صورتهم في حاضرهم ” المترجم   يتغير العالم من وقت لآخر: في…

شادي حاجي مبارك نجاح كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي في روژآڤاي كردستان في قامشلو ٢٦ نيسان ٢٠٢٥ الذي جاء نتيجة اتفاقية بين المجلس الوطني الكردي السوري (ENKS) واتحاد الأحزاب الوطنية (PYNK) بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي بعد مفاوضات طويلة ومضنية على مدى سنوات بمبادرات وضغوط كردستانية واقليمية ودولية وشعبية كثيرة بتصديق وإقرار الحركة الكردية في سوريا بمعظم أحزابها ومنظماتها الثقافية…

د. محمود عباس   إلى كافة الإخوة والأخوات، من قادة الحراك الكوردي والكوردستاني، وأعضاء الكونفرانس الوطني الكوردي، والضيوف الكرام، وإلى كل من ساهم وشارك ودعم في إنجاح هذا الحدث الكوردستاني الكبير. أتوجه إليكم جميعًا بأسمى آيات الشكر والتقدير، معبّرًا عن فخري واعتزازي بما حققتموه عبر انعقاد الكونفرانس الوطني الكوردي في مدينة قامشلو بتاريخ 26 نيسان 2025. لقد كان هذا الكونفرانس…

أثمرت إرادة الشعب الكردي في سوريا، الذي لطالما تطلّع إلى وحدة الصف والموقف الكردي، عن عقد الكونفرانس الذي أقرّ وثيقة الرؤية الكردية المشتركة لحل القضية الكردية في سوريا، بإجماع الأحزاب الكردية، ومنظمات المجتمع المدني، والفعاليات المجتمعية المستقلة من مختلف المناطق الكردية وعموم سوريا. ويجدر بالذكر أن هذا الإنجاز تحقق بمبادرة من فخامة الرئيس مسعود بارزاني، وبالتعاون مع الأخ الجنرال مظلوم…