إلى قيادات المجلس الوطني الكردي وقيادات الإدارة الذاتية:

سليمان خالد
حين ينظر الشعب الكردي إلى قياداته، فإنه لا ينتظر صراعات داخلية أو نزاعات حزبية صغيرة تفتك بأمل تحقيق حقوقه المشروعة، بل يتطلع إلى زعامة حقيقية تقود سفينة قضيتنا نحو برّ الأمان. ومع كل يوم يمر دون وحدة صفّ، يصبح الحلم الكردي أكثر هشاشة، وتزداد المسافة بين الواقع والطموح، حتى تكاد دماء شبابنا وتضحيات عظمائنا تبدو وكأنها ذهبت هدراً في أروقة خلافاتكم الضيقة.
أنتم، قادة المجلس الوطني الكردي وقيادات الإدارة الذاتية، على عاتقكم مسؤولية كبرى تجاه قضيتنا، ولكنكم تبدو وكأنكم تسيرون في اتجاه معاكس تماماً لمطالب الشعب. إن استمراركم في هذا التشرذم والانقسام أمام استحقاق مصيري كالذهاب إلى دمشق بدون تمثيل كردي موحد، يضعكم في مواجهة حتمية مع الشعب الكردي، الذي قد لا يغفر لعنة الخيانة لقضيته. ألم تعلموا أن لعنة الشعوب قاسية وموجعة، تضرب في الصميم ولا ترحم أحداً
كيف ستواجهون أمّاً فقدت ابنها في سبيل الوطن وهي تسمع أن خلافاتكم الحزبية تمنعكم حتى من الجلوس معاً على طاولة واحدة؟ كيف ستنظرون في أعين الكرد الذين صمدوا رغم المعاناة، حين يرون أنكم تحوّلون قضية شعبنا إلى مشاريع حزبية ضيقة؟
عفرين وقامشلو وسري كانيه ليست مجرّد أسماء على الخريطة، إنها ذاكرة وطن، رمز تضحيات، وحصون أمان للوجود الكردي. ولكنكم، بكل أسف، تتعاملون معها وكأنها رقعة شطرنج تُحرّك فيها أحزابكم بيادقها على هواها. لماذا تبدو قنديل وهولير والائتلاف أكثر أهمية لكم من هذه المدن التي تنزف يومياً تحت وطأة الاحتلال والتهجير؟
حقوقنا ككرد ليست مشاريع استثمار لخلافاتكم الحزبية، ولا يمكن اختزالها في كواليس الأجندات الخارجية. هذه اللحظة هي لحظة الحقيقة: إما أن تجتمعوا على كلمة واحدة وتمثلوا مطالب الشعب الكردي بصدق وشرف، أو أن تتحملوا مسؤولية ضياع الحلم الكردي أمام أعينكم.
لا تُهدروا دماء شبابنا، ولا تُضيّعوا تضحيات العظماء. بوحدتنا فقط، سنكون أقوياء، وبوحدتنا فقط، سنعيد بناء قضيتنا، وننتزع حقوقنا. الشعب الكردي يستحق قيادات تليق بتضحياته، وليس قادة يتصارعون على وهم المكاسب الشخصية.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…

شادي حاجي في عالم يتزايد فيه الاضطراب، وتتصاعد فيه موجات النزوح القسري نتيجة الحروب والاضطهاد، تظلّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) طوق النجاة الأخير لملايين البشر الباحثين عن الأمان. فمنظمة نشأت بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت اليوم إحدى أهم المؤسسات الإنسانية المعنية بحماية المهدَّدين في حياتهم وحقوقهم. كيف تعالج المفوضية طلبات اللجوء؟ ورغم أن الدول هي التي تمنح…

  نظام مير محمدي * شهد البرلمان الأوروبي يوم العاشر من ديسمبر/كانون الأول، الموافق لليوم العالمي لحقوق الإنسان، انعقاد مؤتمرين متتاليين رفيعي المستوى، تمحورا حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في إيران وضرورة محاسبة النظام الحاكم. وكانت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، المتحدث الرئيسي في كلا الاجتماعين. في الجلسة الثانية، التي أدارها السيد ستروآن ستيفنسون،…

المهندس باسل قس نصر الله بدأت قصة قانون قيصر عندما انشقّ المصوّر العسكري السوري “فريد المذهّان” عام 2013 — والذي عُرف لاحقاً باسم “قيصر” — ومعه المهندس المدني أسامة عثمان والمعروف بلقب “سامي”، حيث نفذ المذهان أضخم عملية تسريب للصور من أجهزة الأمن ومعتقلات نظام الأسد، شملت هذه الصور آلاف المعتقلين بعد قتلهم تحت التعذيب وتعاون الإثنان في عملية…