إلى رئيس الجمهورية التركية، رجب طيب أردوغان:

خالد ابراهيم
 إذا كنت صادقًا في حديثك عن محاربة الإرهاب وإنهاء حزب العمال الكردستاني، فلماذا لا تتجه مباشرة إلى قنديل؟ إلى هناك، في قلب الجبال، حيث يتمركز التنظيم وتُنسج خططه؟ لماذا لا تواجههم في معاقلهم بدلًا من أن تصبّ نيرانك على قرى ومدن مليئة بالأبرياء؟ لماذا تهاجم شعبًا أعزل، وتحاول تدمير هويته، في حين أن جذور المشكلة واضحة وتعرفها جيدًا؟ أنت تعلم أن رأس الأفعى في قنديل، كما تعلم أن أكثر من مليوني كردي ممن يناصرون فكر عبد الله أوجلان يعيشون في قلب إسطنبول، على مرمى خطوات منك. لكنك لا تتحرك نحو الهدف الحقيقي، لأنك لست صادقًا في نواياك. حملاتك العسكرية ليست موجهة لإنهاء الإرهاب، بل هي موجهة للقضاء على الكرد وهويتهم، لطمس ثقافتهم، لإسكات أصواتهم، ولتدمير أحلامهم. لماذا؟ لأنك، كما أسلافك، لا تستطيع تقبل وجودنا. •
 حاول أتاتورك قبلك أن يمحو هويتنا، لكنه فشل. •
 حاول الشاه والخميني أن يقمعوا صوتنا، فلم يفلحوا. •
حاول صدام حسين أن يبيدنا بالكيماوي والمقابر الجماعية، لكنه لم ينجح. •
حاول الأسد أن يذلنا ويكسر إرادتنا، لكنه لم يتمكن.
 واليوم، تأتي أنت، مستمرًا في نفس الطريق، ظانًا أنك ستكون الاستثناء الذي ينجح، لكنك مخطئ. حربك ليست ضد حزب العمال الكردستاني وحده. حربك ضد كل كردي يقول: “أنا هنا”. ضد اسمنا، ضد لغتنا، ضد ثقافتنا، وضد حقنا في الحياة. أنت تريد أن تجعل من الكرد قضية منسية، شعبًا بلا أثر، كما حاول غيرك من قبلك. لكنك تعرف الحقيقة، حتى لو أنكرتها. • الكرد لا يُمحون. • قضيتنا لا تموت. • هويتنا لا تُطمس. هل تعتقد أن قصفك للقرى، وتشريدك للأطفال، وقتلك للنساء، سيجعل العالم ينسانا؟ هل تظن أن حربك هذه ستحقق ما فشل فيه الطغاة على مر العصور؟ دعني أخبرك شيئًا: نحن شعبٌ وُلد من رحم الصبر، وواجه الطغاة جيلاً بعد جيل. نحن أبناء الجبال التي لا تنحني، وأبناء الأرض التي امتصت دماءنا ودموعنا لتُزهر مقاومة وصمودًا. كلما حاولتم خنقنا، تنفسنا الحرية من شقوق القهر. وكلما أردتم إبادتنا، نبتنا من جديد، مثل جذورٍ تمتد في أعماق التاريخ. اسمعني جيدًا: إذا كان هدفك إنهاء حزب العمال الكردستاني، فتوجه إلى قنديل. أظهر شجاعتك هناك، ولا تختبئ وراء قصف الأبرياء. أما إذا كنت تستهدف الكرد ككل، فاعلم أنك تواجه إرثًا من الصمود لا يمكن قهره. نحن هنا لنقولها بوضوح: • لن تنجح في قتل أحلامنا. • لن تستطيع أن تمحو هويتنا. • ستبقى قضيتنا حية، طالما أن هناك كرديًا واحدًا ينبض بالحياة. وفي النهاية، دعني أذكّرك: قد تفلح في قتل بعضنا، لكنك لن تقتلنا جميعًا. قد تدفن أجسادنا، لكن قضيتنا ستبقى تحلق فوق كل الحدود التي تحاول رسمها. التاريخ لم يسجل طاغية انتصر على شعب أراد الحياة، وأنت لن تكون الأول. نحن الكرد. باقون كما الجبال. شامخون كما تاريخنا. لا تمحينا الرياح ولا تغرقنا العواصف.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

بوتان زيباري   يا سوريا، يا رعشة التاريخ حين يختلج على شَفَة المصير، ويا لُغزَ الهوية حين تُذبح على مذبح الشرعية، ما بين سراديب القهر وأعمدة الطموح المتداعية. أنتي ليستِ وطناً فقط، بل أسطورةٌ تمشي على أطرافِ الجراح، تهمس للحاضر بلغةٍ من دمٍ، وتُنادي المستقبل بنداءٍ مختنقٍ بين الركام. أيُّ قدرٍ هذا الذي يجعل من أرض العقيق محرابًا للدم، ومن…

نتابع، في الشبكة الكردية لحقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، بقلق بالغ تصاعد حالات اختطاف الأطفال القُصَّر، خاصة الفتيات، من قبل ما تُسمى بـ”منظمة جوانين شورشكر” أو “الشبيبة الثورية”. حيث يُنتزع هؤلاء الأطفال من أحضان عائلاتهم ويُخفَون في أماكن مجهولة، دون تقديم أية معلومات لأسرهم عن مصيرهم. لقد حصلنا على قوائم بأسماء عدد من القاصرين والقاصرات الذين تم اختطافهم…

إبراهيم اليوسف   مرت مئة يوم منذ سقوط النظام، وشهدت البلاد تحولًا سريعًا- يشبه ما يحدث في الخيال العلمي- وكأنها عاشتها على مدى قرن بل قرون. هذه الفترة القصيرة كانت مليئة بالأحداث الجسيمة التي بدت وكأنها تحولات تاريخية، رغم قصر الوقت. ومع كل هذه التغيرات، تبقى الحقيقة المرة أن السوريين يواجهون تحديات أكبر من أي وقت مضى. بدأت المرحلة الجديدة…

نظام مير محمدي*   في خطبته التي ألقاها الولي الفقيه علي خامنئي بمناسبة عيد الفطر قال وهو يشير الى التهديدات المحدقة بالنظام الإيراني: “يهددوننا بالشر. لسنا على يقين بأن الشر سيأتي من الخارج، ولكن إن حصل، فسيتلقون ضربة قاسية. وإذا سعوا لإشعال الفتنة في الداخل، فإن الشعب الإيراني سيتولى الرد”، وفي کلامه هذا الکثير من الضبابية وعدم الوضوح لأن…