ورطة الرئيس وحدود الخلاص

فرحان كلش
بلاد مضطربة، الكراهية تعم جهاتها الأربع، وخلل في المركز وعلاقته بالأطراف، فمن سينقذ الرئيس من السلطة الفخ؟
أحمد الشرع يسير على حقل ألغام، كل لغم شكل وتفجيره بيد جهة مختلفة.
في الإنتماء الآيديولوجي قريب من الأتراك، في منحى القدرة على دفع الأموال والبدء بمشروع بناء سورية في جيوب السعوديين، التمهيد العسكري لنجاح وثبته على السلطة في دمشق اسرائيلي الارتباط، والسيطرة على الفضاء غربي المقدرة، فإلى أي أجنابك ستميل، والداخل الأكثر تعقيداً مترنح في خرائط صغرى داخل الخارطة الوطنية السورية.
أن السير في أي طريق سيلاقي عائق مختلف كأنه لعبة الأفخاخ العشوائية، و ما هذه المماطلة في محاولة الإندفاع الطبيعي إلى الأمام إلا بسبب عملية الشد والدفع التي يتعرض لها السيد الشرع، وهو يحبوا سياسياً في أرحب من عالم استحكمه سابقاً في مدينة بلون واحد.
إن غايات القوى التي تتحكم بأطراف الملف السوري متناقضة، و لا يمكن تحقيق مطالبها، لأنها تعني إلقاء البلاد على نطع المصالح الخارجية.
كما وأن مشروعه القائم على تطبيق الشريعة(كما عبر عن ذلك في حوارات سابقة كثيرة له)تتناقض مع رؤية أجزاء هامة من المكون المجتمعي السوري، لذلك عليه الاتجاه نحو بناء دولة قادرة على احتواء الجميع، وهذا يعني تخليه عن مشروعه، الذي هو محاط بجيش مؤمن به.
إذاً كيف يمكنه فك حزام الآيدولوجيا عن رأسه، و النزول إلى الواقع السوري البالغ التعقيد مجتمعياً وفكرياً؟
لهذا كله يبدو أنه مصرّ على عدم تغيير الرؤية التي أدار بها المجتمع الإدلبي، والأدلة واضحة في إعادته لهيكلة المؤسسة العسكرية، حيث ضم كل من يوافقه الموقف، بل رفّع بعض من في رقبته تهم تتعلق بالإرهاب و جرائم مثبتة في رتب عسكرية، تُرى هل هذه سباحة في المستنقع ذاته الذي لم يجفف نفسه من ماءه بعد، و تأكيد على أنه متمسك بخط مخالف لما يصرح به ليل نهار؟
وحده هو قادر على توضيح حقيقة الموقف، لأن الحرب السورية التي دامت أربعة عشر عاماً أتعبت الجميع داخلياً، والخارج لم يعد مستعداً لدفع الفواتير في التناحر السوري، لذلك الجميع ينتظر خطوات الشرع سياسياً، ويأمل في أن ينسلخ الرجل من إرثه الفكري، ويتبنى رؤية منفتحة على جملة الإشكالات التي تعصف بالبلاد، فهل الجميع محق في وضع نفسه في طابور الانتظار الطويل والممل ريثما تنتصر قوى على أخرى وتجرف الشرع نحو رؤيتها؟
الحقيقة التي أعرفها أن الأفكار تتطور ولكنها لا تموت بنيوياً في الرأس التي تبنتها، لذلك تبدو لعبة الانتظار ريثما يسمٌن الشرع فكرته لتكفي كل سكنة البلاد، وكل ناظر صوب ما سيحصل من خارج البلاد، لعبة بالغة البؤس والسخرية حقاً.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…