محمد قاسم ” ابن الجزيرة “
لاحظت خلال مسيرة الكتابة أن المواضيع الأكثر اختصارا والأكثر إثارة بتناولها الأحداث الساخنة والميدانية –بغض النظر عن البعد والعمق الاستراتيجي لها- هي الأكثر اجتذابا للقراء..يبدو لي –وقد قالها الكثيرون من النابهين سابقا وفي ظروف مختلفة- أن النّفَس القصير هو الغالب في حياة الناس؛ في ظل ما وفرته التكنولوجيا من غزارة المواضيع المطروحة؛ والتي تجعل القارئ –أحيانا –يحار في كيفية متابعتها والتمييز بينها ..
وقد تغلّب الغربيون منذ زمن على المشكلة إلى درجة كبيرة، عندما اعتمدوا فكرة التخصص –كجوهر- والمتابعة لما يعزز هذا التخصص هامشيا..
وان سجل بعض الفلاسفة ملاحظات على هذا التوجه الذي أنتج ما أسماه هؤلاء الفلاسفة “الإنسان ذو البعد الواحد” ثقافيا.
وقد تغلّب الغربيون منذ زمن على المشكلة إلى درجة كبيرة، عندما اعتمدوا فكرة التخصص –كجوهر- والمتابعة لما يعزز هذا التخصص هامشيا..
وان سجل بعض الفلاسفة ملاحظات على هذا التوجه الذي أنتج ما أسماه هؤلاء الفلاسفة “الإنسان ذو البعد الواحد” ثقافيا.
لكنها مشكلة تحت المجهر، ويظل البحث جاريا لمعالجتها في حدود الممكن… أما في الشرق –ونحن منه- فإن إنتاج المشكلات لدينا ظاهرة خصبة،لكن سبل معالجتها غالبا ما تكون حائرة -إن لم تكن جديبة.
في تكوين وبناء الشخصية؛ يفترض مراعاة مجموعة شروط- تربويا- أهمها، النمو الطبيعي –الحر- وسيكولوجية متحررة من عوامل سلبية كالخوف والتردد… ومن القيود الجائرة -عبر قيم اجتماعية موروثة؛ كرستها التربية الأسرية –وهي ناتج تربية اجتماعية عامة – والإدارة الاجتماعية والسياسية…ولعل الإدارة السياسية ذات دور أهم بحكم قوتها ..ودون تجاهل لدور الحياة الاجتماعية وأهميتها.
يقول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم”كل امرئ خُلق لما هو ميسر له”.
هذا يعني ضرورة التخصص في اختيار العمل والهوايات والأنشطة… ونمط الحياة بشكل عام.
يبدو لي أننا لا أخذنا بحديث الرسول –وهو حكمة، إضافة إلى بعده الديني- ولا انتفعنا بنتيجة توصل إليها الغربيون تجريبيا –وهما في الحصيلة متطابقان.
هنا وفي هذا السياق، يبرز مفهومان أساسيان في حياة المجتمعات هما: “الثقافة” و”السياسة” وما يكتنفهما من إشكالية في الممارسة والعلاقة بينهما …!.
تحاول السياسة – متجلية في النظم الحاكمة وأنشطة الأحزاب ، والكردية منها ،بل هي المعنية أساسا هنا – تحاول اختزال الحياة في ذاتها؛ تنظيرا وممارسة… -ومن المؤسف، بتعسف غالبا- وهذا المنهج التعسفي لها؛ يجعل العلاقة بين الحكام والمحكومين -الشعب- مشوّهة؛ إلى درجة تجرّد الشعب من فعالياته المفترضة ، وتحيله إلى مجرد حاشية للحكام في علاقة تفرز قيما شاذة ومشوّهة؛ كالتملق والخوف والوصولية..الخ.
وأهم ثمار المنهج والناتج عنه من العلاقة،هو الفساد والإفساد –بلغة د.طيب تيزيني- وهذا ما هو حاصل عمليا في واقع الحكم- سوريا- منذ احتكار حزب البعث ومن يحكم باسمه، السلطة السياسية والاجتماعية دستوريا.
ينطبق هذا –وان كانت بدرجة مختلفة أو مستوى مختلف – لدى الوسط الكوردي أيضا فيما يتعلق بالعلاقة بين قيادات الأحزاب والوسط الكوردي.
والاختلاف فقط- فيما يبدو لي- هو في طبيعة الاختلاف بين إمكانيات الحكم وسلطته، وبين سلطة الأحزاب وإمكانياتها ميدانيا فحسب.
وذلك –ربما- طبيعي في بعض جوانبه،لأن تشرب القيم من القوى المتنفذة –أو الأعلى عموما- ظاهرة نفسية/اجتماعية طبيعية.
وقد أشار إليها ابن خلدون “تقليد الأدنى للأعلى”.
ما هو غير طبيعي-كما نرى-: البقاء ضمن الحالة السلبية هذه،عامدا، واستثمارها لتبرير الأخطاء؛ بحجة أن الأحزاب –كجزء اجتماعي في واقع الحياة الاجتماعية، و المدارة عن طريق الحكم المستبد والفاسد.ويتأثر به.
فأصل وجود الأحزاب هو تكتل طوعي لمعالجة المشكلات وتحقيق المصالح وفقا لموازين صحيحة…في النضال والعمل عموما.
الخلاصة، أن السلطات –والأحزاب- في المجتمعات المتخلفة –ونحن منها بالتأكيد- تحاول أن تختزل الحياة الاجتماعية أيديولوجيا في أنشطتها التي تشمل كل مناحي الحياة.
وتضع لها مسميات مضللة غالبا، غايتها تطويع المجتمع بآليات مختلفة، للتأثير السياسي –سلطات وأحزابا-… ومن ثم تلغي كل فعالية اجتماعية/سياسية…مختلفة ومخالفة، ومنها الفعالية الثقافية التي يفترض أنها البيئة التي ينبغي أن تنطلق السياسة منها- تشكيلا نظريا، ومفاهيم تستند إليها في الممارسة.
إذا فهمنا –وقبلنا – أن السياسة تعني الوظيفة الاجتماعية العليا عموما، فهي تكون محدودة، وتشكل جزءا من حياة اجتماعية أوسع- ويفترض أكثر حيوية؛ باعتبارها البيئة التي تشكل المجال –كما قلنا –للسياسة في تجلياتها المختلفة، وتستمد ضرورتها وحيويتها ومفاهيمها من (واقع الحياة الاجتماعية الأعم) أو (الثقافة الاجتماعية الأعم) والتي تمثّل جميع أنشطة المجتمع تاريخيا وراهنا؛ في حالة تفاعلية نشطة وعفوية وفاعلة.
إذا قبلنا بهذا الفهم، فهذا يعني أننا نقبل بأن السياسة فاعلية اجتماعية محدودة؛ لكنها تتمتع بقوة فاعلة ومؤثرة في ميادينها ، وتنطوي على بعد إداري للمجتمع يحدد خصائصها ، فيما يتعلق بالخطوط العامة والرئيسة لإدارة المجتمع –بالتفاعل بين القوى الحيوية في المجتمع- ثقافيا واجتماعيا وسياسيا…الخ؛ وعبر آليات ميدانية، حدد إطارها ومسارها؛ تنظيرٌ ثقافي؛ كمصدر شكّل الأساسَ لتكوين هذه الآليات.
هذا يعني القبول بأن المجتمع -على سعته وشموله- هو المصدر والمبرِّر لوجود الإدارة السياسية.
أو بعبارة أخرى : فإن السياسة أو الثقافة السياسية- هي جزء من الثقافة الاجتماعية التي هي الحاضن والمصدر لها.من هنا ترديد مفهوم متفق عليه هو أن: “الشعب مصدر السلطة ومشروعيتها”.
أردت من إيراد هذا، التأكيد على معنى التخصص وأهميته من جهة، ومحاولة تصحيح التصور عن معنى كل من مفهومي “السياسة” و ” الثقافة” لِما لاحظت من التباس يكتنفهما نظريا وعمليا.
و لم أقصد التقليل من شأن أي مفهوم أو وظيفة أو جماعة…فأنا لا أفكر- كما اعتقد في نفسي- بطريقة مشوّهة ثقافيا، ولا أنطلق من نزوع الأنا وأوهامها ومطامعها..لأنني لم اطمع يوما -ولم يعد هناك وقت للطمع والتفكير بأنانية تفقدني بوصلتي في مسار التفكير بما يمكنني من روح ثقافية تلتمس الحقيقة على قدر المستطاع؛ لا مدفوعا بردود أفعال، ولا بدوافع طمع أو مصلحة خارج الاستحقاق الطبيعي والمشروع لها.كما آمل وأرجو… (وعذرا عن التعبير عن الذات كتوضيح ساقني إليه السياق)…
في تكوين وبناء الشخصية؛ يفترض مراعاة مجموعة شروط- تربويا- أهمها، النمو الطبيعي –الحر- وسيكولوجية متحررة من عوامل سلبية كالخوف والتردد… ومن القيود الجائرة -عبر قيم اجتماعية موروثة؛ كرستها التربية الأسرية –وهي ناتج تربية اجتماعية عامة – والإدارة الاجتماعية والسياسية…ولعل الإدارة السياسية ذات دور أهم بحكم قوتها ..ودون تجاهل لدور الحياة الاجتماعية وأهميتها.
يقول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم”كل امرئ خُلق لما هو ميسر له”.
هذا يعني ضرورة التخصص في اختيار العمل والهوايات والأنشطة… ونمط الحياة بشكل عام.
يبدو لي أننا لا أخذنا بحديث الرسول –وهو حكمة، إضافة إلى بعده الديني- ولا انتفعنا بنتيجة توصل إليها الغربيون تجريبيا –وهما في الحصيلة متطابقان.
هنا وفي هذا السياق، يبرز مفهومان أساسيان في حياة المجتمعات هما: “الثقافة” و”السياسة” وما يكتنفهما من إشكالية في الممارسة والعلاقة بينهما …!.
تحاول السياسة – متجلية في النظم الحاكمة وأنشطة الأحزاب ، والكردية منها ،بل هي المعنية أساسا هنا – تحاول اختزال الحياة في ذاتها؛ تنظيرا وممارسة… -ومن المؤسف، بتعسف غالبا- وهذا المنهج التعسفي لها؛ يجعل العلاقة بين الحكام والمحكومين -الشعب- مشوّهة؛ إلى درجة تجرّد الشعب من فعالياته المفترضة ، وتحيله إلى مجرد حاشية للحكام في علاقة تفرز قيما شاذة ومشوّهة؛ كالتملق والخوف والوصولية..الخ.
وأهم ثمار المنهج والناتج عنه من العلاقة،هو الفساد والإفساد –بلغة د.طيب تيزيني- وهذا ما هو حاصل عمليا في واقع الحكم- سوريا- منذ احتكار حزب البعث ومن يحكم باسمه، السلطة السياسية والاجتماعية دستوريا.
ينطبق هذا –وان كانت بدرجة مختلفة أو مستوى مختلف – لدى الوسط الكوردي أيضا فيما يتعلق بالعلاقة بين قيادات الأحزاب والوسط الكوردي.
والاختلاف فقط- فيما يبدو لي- هو في طبيعة الاختلاف بين إمكانيات الحكم وسلطته، وبين سلطة الأحزاب وإمكانياتها ميدانيا فحسب.
وذلك –ربما- طبيعي في بعض جوانبه،لأن تشرب القيم من القوى المتنفذة –أو الأعلى عموما- ظاهرة نفسية/اجتماعية طبيعية.
وقد أشار إليها ابن خلدون “تقليد الأدنى للأعلى”.
ما هو غير طبيعي-كما نرى-: البقاء ضمن الحالة السلبية هذه،عامدا، واستثمارها لتبرير الأخطاء؛ بحجة أن الأحزاب –كجزء اجتماعي في واقع الحياة الاجتماعية، و المدارة عن طريق الحكم المستبد والفاسد.ويتأثر به.
فأصل وجود الأحزاب هو تكتل طوعي لمعالجة المشكلات وتحقيق المصالح وفقا لموازين صحيحة…في النضال والعمل عموما.
الخلاصة، أن السلطات –والأحزاب- في المجتمعات المتخلفة –ونحن منها بالتأكيد- تحاول أن تختزل الحياة الاجتماعية أيديولوجيا في أنشطتها التي تشمل كل مناحي الحياة.
وتضع لها مسميات مضللة غالبا، غايتها تطويع المجتمع بآليات مختلفة، للتأثير السياسي –سلطات وأحزابا-… ومن ثم تلغي كل فعالية اجتماعية/سياسية…مختلفة ومخالفة، ومنها الفعالية الثقافية التي يفترض أنها البيئة التي ينبغي أن تنطلق السياسة منها- تشكيلا نظريا، ومفاهيم تستند إليها في الممارسة.
إذا فهمنا –وقبلنا – أن السياسة تعني الوظيفة الاجتماعية العليا عموما، فهي تكون محدودة، وتشكل جزءا من حياة اجتماعية أوسع- ويفترض أكثر حيوية؛ باعتبارها البيئة التي تشكل المجال –كما قلنا –للسياسة في تجلياتها المختلفة، وتستمد ضرورتها وحيويتها ومفاهيمها من (واقع الحياة الاجتماعية الأعم) أو (الثقافة الاجتماعية الأعم) والتي تمثّل جميع أنشطة المجتمع تاريخيا وراهنا؛ في حالة تفاعلية نشطة وعفوية وفاعلة.
إذا قبلنا بهذا الفهم، فهذا يعني أننا نقبل بأن السياسة فاعلية اجتماعية محدودة؛ لكنها تتمتع بقوة فاعلة ومؤثرة في ميادينها ، وتنطوي على بعد إداري للمجتمع يحدد خصائصها ، فيما يتعلق بالخطوط العامة والرئيسة لإدارة المجتمع –بالتفاعل بين القوى الحيوية في المجتمع- ثقافيا واجتماعيا وسياسيا…الخ؛ وعبر آليات ميدانية، حدد إطارها ومسارها؛ تنظيرٌ ثقافي؛ كمصدر شكّل الأساسَ لتكوين هذه الآليات.
هذا يعني القبول بأن المجتمع -على سعته وشموله- هو المصدر والمبرِّر لوجود الإدارة السياسية.
أو بعبارة أخرى : فإن السياسة أو الثقافة السياسية- هي جزء من الثقافة الاجتماعية التي هي الحاضن والمصدر لها.من هنا ترديد مفهوم متفق عليه هو أن: “الشعب مصدر السلطة ومشروعيتها”.
أردت من إيراد هذا، التأكيد على معنى التخصص وأهميته من جهة، ومحاولة تصحيح التصور عن معنى كل من مفهومي “السياسة” و ” الثقافة” لِما لاحظت من التباس يكتنفهما نظريا وعمليا.
و لم أقصد التقليل من شأن أي مفهوم أو وظيفة أو جماعة…فأنا لا أفكر- كما اعتقد في نفسي- بطريقة مشوّهة ثقافيا، ولا أنطلق من نزوع الأنا وأوهامها ومطامعها..لأنني لم اطمع يوما -ولم يعد هناك وقت للطمع والتفكير بأنانية تفقدني بوصلتي في مسار التفكير بما يمكنني من روح ثقافية تلتمس الحقيقة على قدر المستطاع؛ لا مدفوعا بردود أفعال، ولا بدوافع طمع أو مصلحة خارج الاستحقاق الطبيعي والمشروع لها.كما آمل وأرجو… (وعذرا عن التعبير عن الذات كتوضيح ساقني إليه السياق)…