لمصلحة من محاربة الحركة الكردية ؟

  صوت الأكراد *

إن قضية أي شعب لا يمكن الدفاع عنها ( أياً كان شكل الدفاع ) إلا بوجود قوة أو قوى منظمة سياسياً ، ولا يمكن البحث عن حلول لها إلا من خلال قوة منظمة سياسياً أيضاً ، والشعب الكردي كغيره من شعوب الأرض والذي اغتصبت حقوقه من قبل السلطات السورية المتعاقبة ، وطبقت بحقه المزيد من الإجراءات الشوفينية الرامية إلى تشتيته كشعب ، وصهره لاحقاً بغية إنهاء القضية الكردية والوجود الكردي ، والحركة الكردية رغم ما تعانيه من قصور ذاتي وموضوعي ، إلا أنها لعبت دوراً هاماً في إيقاظ الشعور القومي لدى أبناء شعبنا وبلورة وعيه السياسي ، وساهمت في خلق مجتمع كردي طغى عليه الانتماء القومي أكثر من الانتماءات الأخرى (القبلية والدينية)
 ولولا الحركة السياسية لكان معظم أبناء شعبنا وشبابنا اليوم هم من منتسبي أحزاب سورية أخرى (البعث – الشيوعي – اخوان المسلمين) ولسخروا شباب الكرد لغايات وأجندات بعيدة كل البعد عن مصالح الشعب الكردي وقضيته ، فالوعي القومي والاندفاع والحماس الذي يتحلى به الشباب الكرد ليس وليد ساعته أو لحظته ، وإنما هو حصيلة عمل سياسي تراكمي بشكل مباشر أو غير مباشر قامت به الحركة ومن يؤمن بها ، وساهمت بفعالية في التأسيس لوعي قومي ثم البناء عليه تراكمياً ولكن هذا لا ينفي وجود حالات فردية تبلور فيها الوعي من خلال الذات ، ولكن على العموم يمكن القول إن الكتلة المجتمعية للشعب الكردي تبلور وعيها من خلال عمل سياسي منظم .

واليوم تتعرض الحركة إلى انتقادات من البعض وهجوم شرس من البعض الآخر .

إن الانتقادات الموجهة للحركة ككل أو لموقف سياسي منها ، أو  لفصيل معين أو لشخصية سياسية معينة ، أو لمقال سياسي لأحد قادة الحركة هو أمر مقبول ، لابل هو عمل إيجابي وواجب أيضاً على المثقفين إذا كانت غايته تصويب الأخطاء وتقويم الاعوجاج ، كما أن إبداء النصح والمشورة للحركة بهدف دفعها إلى تبني مواقف أو سياسات معينة هو أيضاً عمل وطني نفتخر به ويلعب دوراً أساسياً في تحقيق المراقبة الذاتية والمراقبة الشعبية (أو مراقبة المثقفين لأداء الحركة) دوراً استراتيجياً في إنضاج أي موقف سياسي وبلورته ، إلا أن الهجوم على الحركة والتشهير بها  وتشطيب دورها كاملاً ، فهو شيء آخر وبدون توجيه الاتهام لأحد أو العمل على دراسة خلفية هؤلاء وفتح صفحات سيرتهم الذاتية منذ بداية شبابهم وحتى الآن ، والأدوار التي قاموا بها في المجتمع الكردي .

نقول بعيداً عن كل هذا علينا القيام بوقفة تأمل ووقفة مع الذات أو نعلن عن انتهاء الحركة الكردية أو موتها ، فما البديل ؟ هل سيتم الدفاع عن الشعب الكردي وقضيته من خلال قوى غير سياسية ؟ هل سيترك الشعب الكردي وقضيته هكذا كل فرد يدافع من موقعه وبطريقته الخاصة ، وعندما يتم البحث عن الحلول السياسية للقضية الكردية لا يوجد من يقوم بهذا الدور .
إن الواجب يقتضي بإعادة تنظيم أنفسنا في قوة أو قوى سياسية تقوم بمهمة الدفاع السياسي عن الشعب الكردي وقضيته والعمل على إيجاد حلول لها ، وإن الذين يهاجمون الحركة الكردية يدركون حقيقة لا يمكن إخفاؤها بأي شكل من الأشكال وهو أن أي مجتمع أو أية قضية سياسية لا يمكن الدفاع عنها والبحث عن حلول لها إلا من خلال قوى سياسية تؤمن بأهداف المجتمع وتسعى إلى بلورتها بالشكل المطلوب وفق مقتضيات المرحلة ، أما الأخطاء  والنواقص فهي من سنن الحياة ولا يمكن تلافيها بشكل مطلق ، فلولا الخطأ لما وجد الصواب ، ولكن المهم هو أن نعمل معاً على تصويب الأخطاء والإقلال منها قدر الإمكان لا العمل على جعل الشعب الكردي وقضيته مجردين من قوى سياسية منظمة تدافع عنه ، وهذا لا يخدم مصلحته البتة بل مصلحة قوى معادية للشعب الكردي ، فلنعمل من أجل بلورة أفضل الصيغ النضالية ومن أجل إنضاج المواقف والقرارات السياسية من خلال حوار هادئ وهادف وبنّاء ، والإصغاء إلى بعضنا البعض بلغة الحوار والتفاهم لا بلغة الضد التي لن تزيد إلا بعثرة القوى الكردية بمختلف أشكالها والتي نحن اليوم بأمس الحاجة إلى تجميع كل طاقات الكرد وفق الصيغ الممكنة والمتاحة .

* الجريدة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ( البارتي ) / العدد (441) آب 2011

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…