الأحزاب الكردية والعلاقة مع التنسيقيات ( اللحظة الحرجة)

  ديدار عبد القادر

جرت العادة أن تتم محاسبة ودراسة الأحزاب الكردية في سوريا بمنظار الأبيض والأسود .

فإما هذا حزب عميل أو مشبوه أو حزب ثوري متحرر متقدم الخ…
إن  مثل هذه النظرة الأحادية هي مسخ وتقزيم لعمل قامت به هذه الأحزاب طوال عشرات السنين..

إننا عندما ندرس عمل وقدرات وفكر هذه الأحزاب نركن إلى فكر طوباوي مثالي ينفي صلة هذه الأحزاب بالواقع على الأرض..هذه الأحزاب لم تنشأ في ألمانيا أو السويد من الدول الديمقراطية ..

بل نشأت في ظل حكومات قمعية و قومية عروبية اقصائية لم تكن تعترف حتى بالحد الأدنى للمواطنة الكردية في سوريا..
لقد عملت أجهزة الأمن بكل ما لديها من قمع وخلفيات إيديولوجية تعتمد ليس فقط إقصاء الآخر فكريا وايديولوجيا بل على حتى مسح فكرة (الشعب) عن الأكراد ومسح لغتهم وعاداتهم وتقاليدهم ..

هناك مليارات من الليرات كانت تحت تصرف الأجهزة القمعية لتحويل وضرب كل الحركات والأحزاب الكردية إما بالترغيب أو الترهيب أو شراء الذمم المريضة الخ… ومن ضمن هذه الممارسات شرذمة هذه الأحزاب ونشر الفكر التخويني بعد شراء بعض القيادات إما بالمال أو الترهيب أو التعذيب أو دفع بعضها للتطرف أو دفع عناصر موالية للاندساس في الأحزاب وحرفها الخ ..
الأحزاب الكردية هي نتاج للمجتمع التي تعيش فيه وبالتالي فهي تحمل أمراضه المرتبطة بالأنظمة القمعية وسياسات الحزب الواحد والزعماء الأبديين الخارقين..

فعناصر وقيادات هذه الأحزاب لم تأتي من مريخ ديمقراطيات الغرب بل من مجتمع شوهته أنظمة متطرفة في قمعها واقصائيتها وعنصريتها..
رغم كل هذا فوجود هذه الأحزاب بقضه وقضيضه ساهم على إبقاء قضية الكرد باقية ومنعها من الاضمحلال ومنع كل محاولات التذويب للكرد كشعب له خصائصه المميزة ولغته وتقاليده..لا بل ساهم مع الشيوعيين بكل ما عليهم من مثالب تجاه الأكراد في تثقيف الشعب الكردي سياسيا بحيث يمكن القول بكل سهولة إن الشعب الكردي اليوم الأكثر تميزا سياسيا في سوريا اليوم..
ضمن هذه العلاقة المعقدة وفي ظل التشرذم والأمراض في أحزابنا ماهو الحل؟؟؟
إني أرى أن على هذه الأحزاب أن تقوم بمراجعة لعملها في ظل تراخي القبضة الأمنية وليس من العيب لمن كانت أجهزة الأمن قادرة على الضغط عليه أن يتحرر اليوم من ذلك النير إن لم يكن اعترافا فعلى الأقل ممارسة ومنهجا ..

ودون ذكر للأسماء فهناك من قام بذلك فعلا وبشجاعة ورفع عن نفسه قيد الخوف والارتباطات المشبوهة …
اليوم وفي مفصل تاريخي لسوريا والحركة الكردية علينا أن نمسح وبشجاعة تاريخا اسودا عفر أحزابنا  وأن نتحرر بكل ما تعنيه الكلمة..

ومن ثم أن نبحث عما يجمعنا كإطار عريض نتحرك فيه مجتمعين..
ولعل حركة التنسيقيات الكردية هي رأس الحربة التي يمكن للأحزاب العمل من ضمنها ..

فأولا هذه التنسيقيات ليست أحزابا يمكن الضغط على قياداتها للتنازل ..

وثانيا فقد أثبتت قدرتها الشجاعة على العمل على ارض الواقع والتصدي لجهاز القمع الأمني..
على الأحزاب أن تعي إن هؤلاء الشباب هم من يستطيع أن يكون الإطار العريض للعمل الكردي..

وعلى الأحزاب الانخراط فيها ضمن الإطار الوطني والشعارات الموحدة العامة دون فرض سياسات وأيديولوجيات هذه الأحزاب على التنسيقيات..

ببساطة على الأحزاب أن تكون خلف التنسيقيات لا أمامها… فالمارد الكردي لم يظهر حتى اليوم بثقله الحقيقي وعندما يثور سيقلب كل موازين القوى في سوريا ..

وسيفرض على الجميع احترامه واحترام حقوقه التاريخية والوطنية.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…