ضعفُ بالإدراك أم فقدانُ للوعي

ملڨان رسول

في سياق عرضه للحالة السياسية الكردية المـتأزمة , تناول السيد برزو محمود في معرض مقاله (ملاحظات نقدية لبعض جوانب الخلل في الحركة الكردية في سوريا) مكامن الإختلاف في الرؤى الاستراتيجية للنهج الحزبي فقط دون التطرق الى الخلل في الحراك الكردي الذي يتجاوز الاحزاب السياسية بل يتعداه الى فعاليات متنوعة ترفد بعضها لتشكل الحراك الكردي بمجمله , وقد عزاه الى (ضعفاً في الوعي السياسي والثقافي والاجتماعي) وهذه القناعة متأصلة عند مختلف الاطياف والشرائح الواعية لمهامها الوطنية , وليس تهربا من ضريبة الانخراط في الحراك الحزبي ,
لقد جاء الوصف متميزا لولا بعض السقطات التي اوقعت الكاتب دون دراية منه او سهوا وافقدت قليلا من رونق البحث أو الملاحظات , بخاصة الاصطفافات والكفاءات المسماة بأشخاصها , ومن باب الأمانة والدقة رغبت ان لا يكون الكاتب قد غفي عنها بضرورة استدراكها حتى يحسب له وليست عليه , تناول السيد برزو بالقدر الكافي مكامن الخلل لكنني تمنيت ان يلتفت الى جانب آخر متمم طالما تحدث الرجل عن مفهوم الكردايتي وهذه الاشكالية نعيشها يوميا ونتعثر لأجلها , كان عليه البحث أيضا عن مفهوم الانتماء القومي , وحتى لايفهم مبتغاي من العرض بانني اثير النعرات العنصرية أو تكوين طبقة النخبة النقية ممكن يتباهون بانتماءهم القومي , الى درجة اطلاق النعات الشوفينية كما نلمسه في سلوكيات معظم الانظمة الطغيانية التي أوغلت حتى في تكران المجتمع برمته وخير استدلال عند الكاتب العربي ابراهيم … (من نافلة القول ان نقول بان العرب هم ساميون , بل الأصح أن الساميين هم عرب) .
لقد اجمع معظم الباحثين ودارسي علوم الاجتماع بأن الانتماء القومي ماهو الانتماء لثقافة وحضارة مجتمعية معينة في حيز جغرافي محدد , وهو حق مصان ومن الحريات الفردية لكل الناس , ويندرج ذلك على الشعب الكردي أو المغالين في الفكر القومي , لأن الكرد مثلهم مثل غيرهم من الأقوام والملل , احتواءهم الجامع لهم هي الثقافة والحضارة والمجتمع المنفعل , منصهرة في بوتقة الجعرافية الكردية , وخير دليل على مااقول هو انخراط الكثير من الاثوريين والكلدان ممن اسلموا وانخرطوا في المجتمع الكردي وأصبح ولاءهم للثقافة والحضارة والجغرافيا والقومية بكل قوة , وقائمة الفنانين والمهنيين والمهرة طويلة في صفحات التاريخ الكردي , حتى انهم خدمو الشعب الكردي بقدر يعادل او يضاعف الكثير من المغالين في العمل تحت وصاية الكردايتي .
مااود الاشارة اليه هي العقلية الجمعية الجامدة في الانتماء الوطني والقومي , فان معظمنا منصرف عنه في لحظة غياب الوعي , ولازالت مغيبة تماما عن سلوكياتنا المنظمةرغم تبلورها في السلوكيات العامة والشعبية , وهذا الذي يوقعنا في مزالق اصطفافية حزبية .
إن تحجيم الحركة واختزالها بالحراك الحزبي ليس كافيا , بل هناك أوساط أخرى فاعلة لكنها متقزمة أو مغيبة لتسلط الفكر الحزبي واستحوازه على قدر الشعب وكأنهم موكلون من الباري عز وجل , عداك عن التسيب والانزواء من لدن شرائح متنوعة بحجج واهية تهربا من القيم الخلقية , الاهم هو تبلور الفكر الوطني اولا على ارضية الكردايتي ليس قولا فقط , اذ من المحال خلق شعب او تكوين قومية لديها ضعف ادراك أو فقدان بالوعي , وعند معرفة الاسباب يزول الاختلاف والخلل  .

29/8/2011  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…