في الوقتِ الذي تترأّسُ فيه المرأةُ في بعضِ البلدان المناصبَ الرّياديّة, وتكون صاحبة القرار والإرادةِ, وتكونُ العنصر الفعّال في تغيير خارطةِ الكونِ, وتحديدِ مصير البلادِ والعباد يظلّ المجتمع الكرديّ ومن أجل التّحضيرِ لمؤتمرٍ وطنيّ محتاراً بالنّسبة العشريّة أو المئويّة أو الألفيّة التي قد تمثّلها المرأة.
سُئِلَ جحا يوماً عن عمره فأجابهم: عمري أربعون عامّاً, وبعد عشر سنواتٍ كرّروا عليه السّؤالَ ذاته, أجاب: عمري أربعون عامّاً, ولمّا استفسروا حول ذلك قال:
-أنا رجلٌ ثابت الرّأي والموقف ولا أغيّرُ كلامي مهما كلّفني الأمرُ.
في مثل هذه الأمور من المفروض ألا تُقاس الشّخصيّاتُ بالنّظرِ إلى جنسِها أو نوعها بل بالمقارنةِ مع كفاءتها وقدراتها على العطاءِ المثمر والتّفاعل الإيجابيّ مع الأحداثِ والتّطوّراتِ الرّاهنةِ والقادمة.
والمعروف عن المرأة أنّها وفي معظم الأوقاتِ والظّروف لا تحاولُ المشاركة في مثل هذه المسائل الحسّاسة إن لم تكن واثقة من قدراتها وإمكاناتها الذّاتيّة والمعنويّة تحسّباً لأيّ انزلاقٍ قد يؤدّي بها إلى شركِ الّلوم والمحاسبة أو خشية الوقوع في أخطاء هي والآخر في غنىً عنها.
عندما تتحدّثُ المرأة عن رغبتها في صنعِ القرارِ الكرديّ ومشاركتها الفعّالة في السّير بمركبِ الكردِ نحو الأفضل والأحسن لا تقصد الإساءة إلى أحد, ولا تحاول انتقاد أحد أو المساس بجهودِ المجتمع الكرديّ عبر دهورٍ وقرون, فهي تدركُ بحسّها وعميق فكرها أنّ شعبها بمختلفِ انتماءاته وتطلّعاته ما يزالُ يعاني ليثبتَ تواجده كشعبٍ عريقٍ في الوجودِ والماهيّة, ولكنّها تسعى إلى العمل الجادّ في صفوفه كفردٍ ناضجٍ واع متمكّنٍ من فعل ما كانت تعجزُ على فعله فيما مضى-طبعاً نتيجة الظّروف الاجتماعيّة والذّاتيّة والأخلاقيّة التي كانت تعيشها وتضطرّ إلى التّعايشّ معها-
لأنّهم وفيما مضى من الزّمان والمكان كانوا يؤكّدون على عدم مقدرةِ المرأة على المشاركةِ الفعّالةِ في صنعِ القرار, والآن وبحسب احتكاكي المباشر والمتواصل معها أعتقدُ أنّ عددَ القادرات منهنّ على القيام بذلك يفوقُ العدد المطلوب بكثير, وطبقاً لذلك نرى من الملحّ طرح بعض التّساؤلاتِ والاستفساراتِ:
إلى متى ستظلّ المناصب الثّانويّة محتكرة على النّساء في عمومِ شرقنا المغلوبِ على أمره كالمناصب الثّقافيّة والاجتماعية والعمل والشّؤون الاجتماعية والرّعاية والطّفولة, هذا إن تكرّموا عليها بمثل هذه المكرمات أصلاً ولو من بابِ الوجاهةِ والرّياء؟ ألم يحن الوقتُ لتبوّئها المواقع السّياديّة والإداريّة الفاعلة والهامّة؟ إلى متى سنظلّ نتعاملُ مع النّسب العشريّة أو المئويّة أو الألفيّة حين يتعلّقُ الأمر بالمرأةِ ومشاركتها في مختلفِ مناحي الحياةِ؟ متى سيُنظَرُ إلى المرأة على أنّها فردٌ مستقلّ بذاته وإمكانيّاته منتمٍ إلى منظومةِ المجتمع ككلّ, قادرٍ على المساهمةِ في إدارته وتوجيهه على خير نهجٍ وسبيل؟ وهل سيأتي اليوم الذي نقرأ فيه خبراً عريض المنكبين والسّاعدين يفيد بـأنّ:
المرأة الكرديّة ترأسُ المؤتمر الوطنيّ الكرديّ؟ المرأة الكرديّة تمثّل مجموع الأحزاب الكرديّة في….و….و….أو….؟؟؟ المرأة الكرديّة تفوز بالأغلبيةّ بـ….و…..؟؟؟