لك النصر يا عليّ

د.

آلان كيكاني

طالما عرفت الأمم بأعلامها والديانات بأنبيائها والناس بأفعالها والشواهد , من كثرتها , لا تعد ولا تحصى فتشيلي عرفت بنيروداها وكولومبيا بغابريلها والهند بغانديها وكذا عرف الإسلام بمحمد صلوات الله عليه والبوذية ببوذاها .

ومن بدهيات الأمور أن تعتز الشعوب بأولائك الفطاحل من أبنائها من الفاتحين والعلماء والكتاب والشعراء والرسامين الذين غيروا مسار تاريخها وتركوا أثرهم الكبير في حياتها حتى إذا كان هذا الأثر سيئاً لشعوب أخرى , والمنغول خير مثال على ذلك وهم ينصبون أصنام جنكيز خان هذه الأيام ويؤلهونه .

لكن المعايير دائما معكوسة عند الأنظمة الشمولية المستبدة , فهي لا تحب أعلامها ما لم يدخلوا في خدمتها بعمىً واضح , ولا تحبذ ظهور هذا الصنف المخيف من البشر في رأيها لأنها تحب أن تحتكر الشهرة والعبقرية لنفسها مثلما تحتكر السلطة فتلجأ إلى اضطهادهم إن لم يكن التخلص منهم  .


سبحان الله , كم من تناقضات عجيبة في كوننا هذا ! ولعل الله جعل حصة الأسد منها من نصيب سوريا , وإلا ماذا يعني طالب إبراهيم من علي فرزات والخزنوي من البوطي والشبيح من الثائر والمواطن من المسؤول ؟
بالأمس قتلَ يزيد الشام حفيد رسول الله أمام صغاره بغدر وووحشية لا توصف جاعلاً بذلك فتنة لا زال صداها يجلجل في مسامع أكثر من مليار من البشر على طول الأرض وعرضها .

واليوم يزيد الشام يقتل الشيخ الخزنوي ويرميه على مشارف دير الزور أملاً في خلق فتنة تفرق السوريين وتمكنه من البقاء على كرسيه إلى ما لا نهاية , وكذا يخطف علي فرزات ويقوده إلى مشارف الموت ليرتاح من ريشته .


ولكن الذي يمهل ولا يهمل لا ينام , فعض يزيدَ الأمس قردُه من حنجرته ومات ميتة مهينة , فأي ميتة بشعة يموتها يزيد اليوم ؟  ألم يعقل وهو يرى حال عمه القذافي ؟ ألم يعتبر من قرين والده صدام ؟
لعله قدر سوريا في هذه الأيام أن يهان فيها كرام الناس من قبل أرذلهم ويذل فيها أباة النفوس من قبل أحقرهم  ويخطف فيها رسامها العالمي ويعذب ويهان دون أدنى شفقة أو رحمة .

لكنه قدر مؤقت وزائل وقد عقد السوريون العزم على العيش بحرية وكرامة بعد طول معاناة وهم يسطرون ملاحم بطولية بشجاعة قل نظيرها في العالم المعاصر .

نيرون مات وروما لم تمت بعينها تقاتل , وسيسقط الطغاة في الدرك الأسفل من مزابل التاريخ ويخلد اسمك , يا علي , في ضمير الأجيال وتبقى رسوماتك في قلوب السوريين يتباهون بها أمام أمم الأرض وشعوبها .

وإنْ قصدوا منك اليد والبنان لتعجز عن حمل الريشة فلن ينالوا منك , وبيتهوفن ألّف أجمل سيمفونياته بعد أن فقد السمع .

القوة في الإرادة والقوة في العزم والإصرار لا في الشبيحة والمرتزقة والدبابة , فالنصر لك يا علي , وهو آت وقريب .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…