وحتى الفنان على فرزات لم يسلم من ضرب الشبيحة

سيامند ابراهيم*

يذكرني الوضع السوري اليوم  بمقالة الأديب اللبناني أمين الريحاني الذي أبحث عن جميع نتاجاته وكتاباته السحرية والقيمة التي تشدني بقوة إلى البحث عن المزيد من إبداعاته الثرة في جميع ما خطت أنامله الشمعية الشفافة اللذيذة, ومنها سأستشف لكم شذرات من مقاله “الحياة, الحرية والسيف” وهي تسقط على الوضع السوري بالتمام والكمال؟!
فيقول:” إخواني أبناء وطني.

في هذه الحرب وأهوالها حقيقة كلية علية لا يطفأ نورها ولا تزعزع كيان أركانها.

هي من أوليات أسباب الوجود, ومن أكبر دعائم المجتمع تزول الأمم, وتضمحل الممالك,…….., تنقلب الأنظمة وتتساقط العروش, وهي قائمة كتمثال الحرية في ميناء هذه المدينة ( يقصد تمثال الحرية في أمريكا)
ويتم كلامه:” هذه الحقيقة هي أن الإنسان لا يرتقي ولا يسعد إلا بممارسة حقوقه الطبيعية, وإن الأمم لاتتقدم إلا بتقدم أفرادها, وإن الحكومات الحرة لا تقوم إلا بشرائع تسنها المجالس النيابية, لا بأوامر يصدرها الملوك والسلاطين, وأول الحقوق هي حقوق الإنسان الحرية, حرية الفكر, حرية القول, حرية العمل”.
ومن يقرأ هذا النص الجميل فهو يمثل صورة بانورامية شاملة من قمع وقتل, وترهيب الأحرار, ومجلس شعب صوري منافق؟! والدبابات تصول وتجول في شوارع المدن السورية وكأنها سيارات سياحية تبحث عن بيوت السياح؟! لكن الحقيقة أنها تدك الأحياء والمتظاهرين بشكل وحشي ومقزز؟! الموت للأطفال, الموت للنساء العجائز؟! الموت المجاني كل صوت يصدح للحرية المرتقبة في هذا الوطن المثخن بالجراحات؟! سوريا اليوم هي صورة تراجيدية لا يعرف أحد مصيرها؟!
إنها الحرب المعلنة بكل أشكالها وتفاصيلها من قبل قوى النظام السوري على المدنيين العزل في المدن المنتفضة ضد النظام, المتظاهرين السلميين التواقين إلى الحرية والكرامة وبناء سوريا الديمقراطية المتعددة القوميات في الدستور السوري غير دستور الذي وضعه مشرعو حزب البعث السوري إبان عهد الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد؟! وحتى ذاك الدستور الذي وضع بصيغ يتمترس حزب  البعث وأركان حكمه في السيطرة الكاملة على هيكل الدولة ومؤسساتها بشكل يخدم أركان الحكم وإذا عدنا إلى مواد ذاك الدستور فسنجد أن التشريعات الإعلامية وفق الدستور الدائم في 12 3 1973 “
فقد نص الدستور الدائم الصادر 1973 فقد جاء في المادة 32 من الدستور ما يلي:”
لكل مواطن الحق في أن يعرب عن رأيه بحرية وعلنية بالقول والكتابة وكافة وسائل التعبير الأخرى…”
لذا نقول للسيد الرئيس بشار الأسد ونؤكد على حرية الكتاب والفنانين والمثقفين على حرية الكلمة مجسدة في شتى وسائل التعبير النقدي الإبداعي وحتى لو كان ينقد رئيس الجمهورية ولا أحد يستطيع أن يقمع ويصادر الإبداع الذي يعبر عنه أي إنسان سوري وبأي صورة كانت ؟! وقد حدث هذا القمع وعدم الالتزام من قبل رجال السلطة في عدم التقيد بدستور 1973 والمادة 32 منه التي تكفل للفنان والكاتب حرية التنقل والكتابة والنقد حتى لو كان رئيس الجمهورية بالذات إذا كنا ديمقراطيين, وإما إذا وسمنا هذه الدولة بالقمعية فهذا شيء آخر؟! وهذا ما حدث لأعمال الاعتقال للكثيرين من الباحثين والكتاب والصحافيين واليوم قرأنا ما تعرض له الفنان العالمي القدير علي فرزات من ضرب مبرح, من قبل مجموعة أمنية أرادت أن تخرس قلمه؟! وريشته المبدعة التي نالت احترام العالم ومن ينسى عندما رسم صورة صدام حسين الكاريكاتيرية وهو يوزع النياشين على المسحوقين, ونالت جائزة عالمية في فرنسا وجن جنون صدام حسين, وكان دوره قوي في نقد الرئيس بشار الأسد, ونقد الأحزاب الكردية السورية عندما قررت ركوب الطائرة ومحاورة النظام؟! وعلي فرزات هو ليس بشخصية عادية إنه مبدع كبير وإنسان رائع, ولن تستطيع أية قوة أن تقهر وتقمع قلم المثقف والفنان والكاتب الذي هو ضمير الشعب ورمز الأمة وليس الرئيس هو الرمز؟! فالتماثيل ستهوى, لكن رسومات الفنان وشعر وكتابات المبدع ستبقى خالدة في ضمير الشعب.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد جميل محمد جسّدت مؤسسة البارزاني الخيرية تلك القاعدة التي تنصّ على أن العمل هو ما يَمنحُ الأقوالَ قيمتَها لا العكس؛ فقد أثبتت للكُرد وغير الكُرد أنها خيرُ حضن للمحتاجين إلى المساعدات والمعونات والرعاية المادية والمعنوية، ومن ذلك أنها كانت في مقدمة الجهات التي استقبلَت كُرْدَ رۆژاڤایێ کُردستان (كُردستان سوريا)، فعلاً وقولاً، وقدّمت لهم الكثير مما كانوا يحتاجونه في أحلك…

ريزان شيخموس بعد سقوط نظام بشار الأسد، تدخل سوريا فصلًا جديدًا من تاريخها المعاصر، عنوانه الانتقال نحو دولة عادلة تتّسع لكلّ مكوّناتها، وتؤسّس لعقد اجتماعي جديد يعكس تطلعات السوريين وآلامهم وتضحياتهم. ومع تشكيل إدارة انتقالية، يُفتح الباب أمام كتابة دستور يُعبّر عن التعدد القومي والديني والثقافي في سوريا، ويضمن مشاركة الجميع في صياغة مستقبل البلاد، لا كضيوف على مائدة الوطن،…

كلستان بشير الرسول شهدت مدينة قامشلو، في السادس والعشرين من نيسان 2025، حدثا تاريخيا هاما، وهو انعقاد الكونفرانس الوطني الكوردي الذي انتظره الشعب الكوردي بفارغ الصبر، والذي كان يرى فيه “سفينة النجاة” التي سترسو به إلى برّ الأمان. إن هذا الشعب شعبٌ مضحٍّ ومتفانٍ من أجل قضيته الكردية، وقد عانى من أجلها، ولعقود من الزمن، الكثير الكثير من أصناف الظلم…

إبراهيم اليوسف ما إن بدأ وهج الثورة السورية يخفت، بل ما إن بدأت هذه الثورة تُحرَف، وتُسرق، وتُستخدم أداة لسرقة وطن، حتى تكشّف الخيط الرفيع بين الحلم والانكسار، بين نشيد الكرامة ورصاص التناحر. إذ لم يُجهَض مشروع الدولة فحسب، بل تم وأده تحت ركام الفصائل والرايات المتعددة، التي استبدلت مفردة “الوطن” بـ”الحيّ”، و”الهوية الوطنية” بـ”الطائفة”، و”الشعب” بـ”المكوّن”. لقد تحولت الطائفة…