بنية الاحزاب الكوردية الأغاواتية .. والثورة السورية تكشف دورالمثقف الكوردي الطليعي

  شفكر  

انتفاضة شعبنا الكوردي البطولية في سوريا عام 2004 كانت سباقة في الكشف عن الكثير من الخصائص الانتهازية والطبقية والاديولوجية للاحزاب الكوردية السورية , واهمها البنية غير الديمقراطية , وسيطرة الفئات العشائرية والاقطاعية التقليدية على قيادتها , وعجزها عن تبني المطالب الوطنية المشروعة لقاعدتها الشعبية العريضة , بل عن تبني اي موقف ثوري شجاع دفاعا عن ضحايا القمع الوحشي لاجهزة السلطة البوليسية في أثناء تلك الانتفاضة , وما قبلها وما بعدها , الامر الذي تلخص في حقيقة جلية ناصعة وهي ان هذه الاحزاب ذات طبيعة مشابهة اسلوبا وممارسة, ومشتركة مع السلطة الديكتاتورية المسيطرة , ومع بعض رجالاتها الأمنية ,
 ولذلك لم يكن مفاجئا لثوار الانتفاضة وتماطل تلك الاحزاب وزعمائها مع النظام وزرع الخوف في الشارع الكوردي , وخوضهم معركة النظام بدلا عنه ودفاعا عنه .

الاختبار نفسه يتكرر منذ انفجار ثورة الشعب السوري الشاملة على النظام الفاشي في منتصف مارس – أذار الماضي , حيث تحرك الشباب الكوردي وبقية الفئات الاجتماعية على قدم المساواة مع اخوانهم في الوطن من الشعب السوري البطل , وبدل ان تكون الاحزاب الكوردية في مقدمة الصفوف نضالا من اجل اسقاط النظام, وتحقيقا للديمقراطية والمساواة واقامة الدولة المدنية التعددية – دولة القانون والعدالة والمساواة ,دولة يثبت فيه حقوق الكورد دستوريا, وغير ذلك من المطالب والاهداف المشروعة التي ناضل شعبنا وضحى في سبيلها طوال القرن الماضي , ولا سيما في الخمسين عاما التي حكم فيها حزب البعث سوريا , ومارس فيها أبشع أشكال الارهاب المنظم وطمس الهوية الوطنية الكوردية والغاء الوجود القومي والجنسية والحقوق لمعظم أبناء شعبنا الكوردي …الخ , بدلا من ذلك فإن الاحزاب التقليدية كانت على اهبة الاستعداد للوقوف مرة اخرى في خندق النظام ,ولا بد أن نشير الى دورالممييز لصفحة ولاتى مه نيت , وكميا كوردا , وبنكه وغيرهم , ونشكر كل المثقفين والكتاب وأصحاب الاقلام الجريئة التي ضغطت على الاحزاب لكي تتراجع في ذهابها الى الحوار مع النظام اللغير شرعي والذي يقتل شعبه .
إن الاحزاب الكوردية التقليدية الكلاسيكية , وهي للعلم تجاوزت الثلاثة والخمسين عاما من عمرها كشفت ثانية عن جوهرها الانتهازي المنفعي والمناقض والعاجز بالدفاع جديا لتطلعات جماهيرالكورد في سوريا , وتشابهها في مماراساتها التسلطية على قواعدها وعلى المثقفين والكتاب وعلى عامة الشعب الكوردي, وهذا ما أدى الى فجوة واسعة بين الأحزاب وبين الشارع الكوردي , لأنهم مارسو وبل قلدوا ثقافة النظام فيما بينهم وضمن تكتلاتهم وتكتيكاتهم الفاشلة والفارغة أصلا , وتحالف زعمائها العشائريين مع النظام واقتسامهم فتات الموائد معه , إذ كان لافتا للانتباه أن هؤلاء تجاوبوا مع النظام في جميع اطروحاتهم المضادة للثورة , وعقدوا المؤتمرات وبادروا بالحلول والحوار , ونظموا الاجتماعات لتضليل الجماهير وتخويفها من نتائج سقوط نظام الاسد , وذرفوا دموع التماسيح على الكورد الذين يقتلون في الثورة , وتذهب دماؤهم هدرا في رأيهم , دون ان يوضحوا لماذا يقتلون وهم لا يفعلون شيئا سوى التظاهر السلمي مطالبين بالحرية حالهم كحال بقية السوريين , ومن دون ان ينتبه هؤلاء ايضا إلى أنهم يشرعون للنظام جرائمه الكبرى في قتل المحتجين عندما يطلقون مبادرات الحوار مع نظام فقد شرعيته, وكأنهم لايسمعون حناجر شباب الكورد الثائرين في احتجاجات قامشلو وعامودا وكل المدن الكوردية وهم يطالبون باسقاط النظام , لا بل إن الاحزاب المذكورة جارت النظام في كل مبادراته السياسية وهللت لمؤتمراته المهرجانية التي ادعى فيها رغبته بإجراء الاصلاحات المنشودة زيفا وبطلانا , مع أن جميع السوريين يعرفون أن هذه المؤتمرات لم تكن سوى مسرحيات هزلية , وقاموا بتنظيم ندوات شعبية ظلت دائما محظورة في قوانين السلطة , وكان واضحا التواطؤ المفضوح بين ممثلي هذه الاحزاب ورجالات النظام الذين كانوا يباركون هذه اللقاءات في فنادق دمشق الراقية وما يطرح فيها , رغم أن المرحلة لا تحتمل أي تردد أو التفاف على تيار الثورة .


 وربما كان الأمر ليتحول كارثة قومية  لو تحقق لهذه الاحزاب ما سعت إليه لولا الدور الطليعي الذي اضطلع به المثقفون الطليعيون الكورد متسلحين بأدوات العولمة و ثمرات الثورة التكنولوجية الرقمية , حيث تصدوا بكفاءة عالية وجرأة ووعي طليعي للقيام بملء الفراغ , ودفع المنسقيات والجماهير للمشاركة في الثورة اسوة بكل قوى وأطياف وفئات وطبقات الشعب السوري في ملحمته الثورية البديعة التي يخطها بدمه وارواحه وعزيمته للتخلص من تركة النظام الثقيلة بكل ميراثها المتخلف والاستبدادي, ولا بد أن نذكر هنا بعض هؤلاء المثقفين الطليعيين وفي مقدمتهم السادة :  سيامند ابراهيم , ودهام حسن , وابراهيم محمود , وفرحان مرعي وحواس ..

وسواهم ..إلخ .

لقد قام هؤلاء بدورهم الاجتماعي والثوري الطليعي والطبيعي , وتصدوا بالتفنيد لكل الاطروحات التضليلية , وتحملوا ردود أفعال الأحزاب المذكورة , وانتقام السلطة في أن واحد معا , ولا شك أنهم جسدوا الإرادة الشعبية في التغيير , والوعي التاريخي أحسن تمثيل وتجسيد , وخلقوا البيئة الفكرية والذهنية والنفسية لتحرك شعبنا ضمن ثورة الشعب السوري كله بدون تأخر ,أو تقاعس , أو انتظار لحل بعض المسائل الخلافية مع بقية القوى السورية المعارضة التي استخدمت كذريعة واهية في حين أن الهدف الحقيقي كان ثني الكورد عن المشاركة في الثورة .
إن شعبنا يعرف الان بوضوح أن الثورة قد أسقطت حتما الاحزاب الكوردية التقليدية مع اسقاطها للنظام الرجعي الفاسد , وهو أمر طبيعي لأن بعض من هذه الاحزاب استمدت قوتها تاريخيا من النظام الساقط , وربطت حركتها بحركته , وسارت على نسقه , فتحتم أن يكون مصيرها مرتبطا بمصيره … وطبعا لا أسف على ذلك أبدا.

شفكر في 22.8.2011

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…

خليل مصطفى بتاريخ 22/2/1958 (شهر شباط) تم التوقيع على اتفاقية الوحدة (بين مصر وسوريا)، حينها تنازل رئيس الجمهورية السُّورية شكري القوتلي عن الرئاسة (حكم سوريا) للرئيس المصري جمال عبد الناصر (طوعاً)، وقال لـ (جمال عبدالناصر): (مبروك عليك السُّوريون، يعتقد كل واحد منهُم نفسهُ سياسياً، وواحد من اثنين يعتبر نفسهُ قائداً وطنياً، وواحد من أربعة يعتقد بأنهُ نبي، وواحد من عشرة…