حوار مع الدكتور عبد الحكيم بشار سكرتير الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا – الباراتي

دوامة عنف النظام السوري مستمرة… مدن و أحياء محاصرة… مداهمات و اعتقالات و عمليات قتل ترتكبها أجهزة الأمن السوري بحق أبناء شعبهم ما الرسالة التي يريد النظام إيصالها؟

شكرا لموقع سوريا الجديد على هذه المقابلة لإتاحة الفرصة لنا لإبداء الرأي حول ما يجري في وطننا من أحداث دامية.

رسالة النظام واضحة منذ البداية وهي: إركاع الشعب السوري بكل مكوناته لإرادته وعدم الاستجابة لأي من مطالبيه المشروعة وإجراء إصلاحات شكلية بحيث تبقيه ((أي السلطة)) في مركز قوي ومتمسك بالقرار السوري سياسيا واقتصاديا وإداريا ويقف ضد أي تحول ديمقراطي في سوريا يخلق أي شراكة حقيقية له في إدارة البلاد.
الشباب الكردي انضم منذ الأيام الأولى لاندلاع الاحتجاجات إلى الحراك الجماهيري المطالب بالحرية و الديمقراطية ما موقفكم كحزب من الجيل الشاب و المظاهرات التي تعم المدن الكردية؟

 أن الشباب الثائر الذي يرزح تحت نظام الاستبداد أولا ويحُرم من كافة حقوقه القومية ثانياً وحتى الإنسانية وانسدت إمامه كل الأفاق لان يعيش حياة حرة كريمة  هو أكثر الشباب اندفاعا للعمل من اجل التغيير  انه جيل واع ومدرك لما يقوم به ,أنهم مستقبل شعبنا وضمانة لتأمين حقوقه وحريته  وصيانتها ,نحن ساندنا ودعمنا بقوة الحراك الشبابي في سوريا عامة والمناطق الكوردية خاصة , إلا أن استمرار المعارضة الوطنية في سوريا بتجاهل حقوق الأكراد والأصح تجاهل واقع سوريا التعددي وخاصة بعض المؤتمرات التي انعقدت ولم تكتفي بتجاهل القضية الكوردية بل كانت مواقفها سلبية ومنها مؤتمر استانبول مما دفع بالشباب الكوردي إلى تقليص أعداد المشاركين في الاحتجاجات.

قبل فترة قمتم بزيارة لإقليم كردستان العراق… ما هي أسباب هذه الزيارة؟

كانت زيارة ضرورية واعتذر عن الدخول في تفاصيلها.

عقد مؤتمر وطني كردي دعى إليه حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا – يكيتي منذ سنوات ما هي العراقيل التي حالت دون انعقاده؟ الآن تطرحونه من قبل حزبكم و يطرحه الحزب اليساري أيضا فما الفرق بينهم و ما الذي تغير؟

 الذي تغير هو الظروف والمعطيات على الساحتين الوطنية والكوردية  , وبالتالي بات عقد مؤتمر وطني كوردي ضرورة استراتيجيه بغية تحقيق أفضل صيغة نضالية ممكنة بين الحركة الوطنية الكوردية وبين أبناء شعبنا بمختلف فئاته وخاصة الشباب والنساء والتنسيقيات.

هناك تيارات خارج إطار أحزاب الحركة الوطنية الكردية (11 حزبا) كتيار المستقبل و البارتي الديموقراطي و اتحاد الشعب و غيرها..

هل هناك تواصل معهم من أجل ضمهم إلى أحزاب الحركة أو المؤتمر المزمع عقده قريبا؟

 لا أعطي لنفسي الحق بالتحدث بالنيابة عن كل الأحزاب الكوردية وان التعامل مع تلك التيارات والمجموعات متروك للحوارات الداخلية بين أحزاب الحركة , ولكن هناك تيارات أخرى أيضا مثل الحزب الديمقراطي الكوردستاني –سوريا, وحزب الحرية الكوردستاني – وحكومة غربي كوردستان وووو…الخ.

أعتقد أن الأحزاب (11) تمثل جسم الحركة الكوردية وعمودها الفقري وان الحديث عن الإجماع حول أية قضية هو ضرب من المستحيل ومع ذلك فان أمر ذلك متروك للحوارات الداخلية  ولكن من حيث المبدأ لن نكون سببا في وضع عراقيل في اتجاه توسيع دائرة المنضوين تحت لواء المؤتمر الوطني بأساليب متفق عليها

ما هو موقف المعارضة السورية من القضية الكردية؟

مما يؤسف له أن المعارضة بأغلبية تياراتها لا تنطلق من واقع سوريا التعددي كون سوريا بلد متعدد القوميات ,ويتكون بشكل رئيسي من القوميتين العربية والكوردية , وإن القفز فوق الواقع يضعها في خانة تفكير السلطة التي تتنكر لواقع سوريا التعددي. ان الكثير من أقطاب المعارضة تنطلق من حتمية التغيير في سوريا وأنا أعتقد بذلك أيضا لذلك بدأت بترتيب أوراقها ليس للبحث عن مستقبل أفضل لسوريا ولجميع مكوناتها  وإنما للظفر بالقسم الأكثر من الكعكة ,أي بات الوصول إلى السلطة  هدف غير معلن لمعظم أقطاب المعارضة وليس مستقبل سوريا بشعبه ومكوناته . يطالبوننا أن نكون جنوداً بلا حقوق, موقف المعارضة السورية  يذكرنا بموقف أتاتورك ومعاهدة سيفر  الذي طالب الشعب الكوردي تأجيل قضيته القومية  لما بعد تحرير المنطقة من بريطانيا وفرنسا وأن تركيا ستكون بلد للتآخي  التركي الكوردي ولكن ما أن تحقق له ما أراد ، حتى تنكر للكورد وحقوقهم وحتى وجودهم وذلك الخطأ التاريخي من قبل الكورد جعلنا ندفع ضريبة غالية حتى ألان ونفس الشيء تكرر في إيران حينما طالب الخميني من الشهيد قاسملو بتأجيل المطالب الكوردية  إلى مابعد الإطاحة بالدكتاتور ((شاه إيران)) وبعدها تدركون ما حصل  حيث أصدرت فتاوى بهدر دم الكورد  لأنهم يطالبون فقط بحقوقهم القومية.

أما الضمانة أن لا تتصرف المعارضة السورية بنفس المنطلق , أننا لاننكر وجود أناس ديمقراطيون وليبراليين  في المعارضة لكن السمة العامة للمعارضة السورية هو حتى الآن تطالبنا بالقيام بواجباتنا وتأجيل الاعتراف بحقوقنا  وهو موقف نحن لانقبل به إطلاقا ,ولن نكون جزء من أية معارضة لا تعلن صراحة في برامجها التزامها وتعهداتها بمطاليبنا القومية المشروعة وخاصة الاعتراف الدستوري بالوجود الكردي كثاني أكبر قومية في البلاد ونيل حقوقها على هذا الأساس

هل ستتمكن المعارضة السورية في الداخل من عقد مؤتمر يمثل كافة أطياف الشعب السوري؟

في المنظور القريب لا أعتقد فالمعارضة مشغولة بخلافاتها وترتيب أوراقها للظفر بالسلطة أكثر من ترتيب أوراقها لدعم الثورة وهي تنبش الماضي والخلافات لتكون أساسا للعلاقات بينها دون النظر إلى الحاضر والمستقبل.

الحكومة التركية غيرت من لهجتها تجاه النظام السوري كيف تقرأون هذا التغير في السياسة التركية و خاصة بعد زيارة وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو إلى دمشق؟

نحن الكورد وحزبنا لنا موقف واضح وصريح من الحكومة التركية المتمثلة باردوغان وكتبنا عنه عدة مرات في جريدتنا المركزية واعتقد أن موقف اردوغان من الناحية الإستراتيجية لايختلف عن مواقف الحكومات التركية السابقة  إلا أنها تختلف تكتيكيا  وإن المراهنة على اردوغان هي رهان خاسر فالذي يضطهد شعبا يبلغ تعداده كتعداد الشعب السوري ((25 مليون)) وأعني الشعب الكوردي , ويتعامل بشوفينية مع كوردستان تركيا ولايوجد لديه أي خطوات ملموسة باتجاه حل القضية الكوردية في تركيا ديمقراطياً  , لايمكنه أن يكون داعماً لحقوق الشعوب الأخرى وعلى السوريين أن لايراهنوا على شخص يضطهد أبناء بلده ويكون مدافعا عن حقوق الشعوب في بلدان أخرى.

في حال دخول الجيش التركي بقرار دولي إلى منطقة حظر حدودية..

ماذا تتوقعون أن يكون موقف الحركة الكردية حينها؟

لا استطيع أن أعطي  موقفا مسبقا ولكن تطورات الأحداث  الداخلية والإقليمية والدولية  وتفاعل الكورد معها , يجعلنا أن نصوغ المواقف بناء على تلك المعطيات.

ما هي أسباب تأخر مواقف الدول العربية و خاصة دول الخليج حول الأحداث في سوريا؟

 إن التغيير السريع الذي حصل  في تونس ومصر وقلة عدد  الضحايا بالنسبة لحجم التغيير فتح  شهية  الشعوب العربية  لإمكانية  التغيير في بلدانها ومنها شعوب الخليج العربي ,واعتقد أن تقديم نموذج آخر للتغيير –نموذجاُ يتسم بحمامات الدم وبمزيد من العنف والدمار الاقتصادي والفلتان الأمني  بات مطلوبا لردع شعوب منطقة الخليج  حتى لمجرد التفكير بالمطالبة بالتغيير – وأعتقد أن الاختيار وقع في هذا النموذج على سوريا  لأسباب متعددة منها داخلية ( كون سوريا بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب والطوائف )  إضافة إلى عامل أخر هو العامل الإقليمي , أعني الدور  الإيراني المدافع بشدة عن النظام السوري والذي يردع دول الخليج في هذا الموضوع

كيف تقرأون الموقف الدولي بشكل عام تجاه النظام السوري؟

الموقف الدولي تجاه النظام السوري يتسم بالضعف الشديد إذا ماقورن بمواقفها تجاه تونس ومصر وليبيا  فالنظامان التونسي والمصري كانا صديقان للغرب وخاصة أمريكا  وعدد الضحايا كان اقل والأحداث في بدايتها  عندما طُلب منهما الرحيل بينما النظام السوري ظاهريا علاقاته متوترة منذ زمن مع أمريكا  وعدد  الضحايا تجاوز الألفين  والأحداث مضي عليها ستة أشهر  ولا يزال الموقف الدولي ليس حاسماً ، ورغم أن أمريكا وأوربا قد صعدتا من لهجتهما الإعلامية تجاه النظام السوري وطالبتا النظام السوري اليوم بالرحيل مقروناً بعقوبات اقتصادية أشد ، إلا أن كل ذلك لن يكون حاسماً في المعادلة السورية في الوقت القريب .

وأعتقد أن أحد أهم أسبابه  أن الخيارات الحاسمة أمام أمريكا  والغرب (( أعني الخيارات التي تحسم التغيير في سوريا))  ستكون مكلفة باهظة  ففي ظل عدم قدرة الخيارين السياسي والإعلامي على حسم التغيير وكذلك فإن الضغوطات الاقتصادية تحتاج إلى وقت طويل لتعطي نتائجها وهذا الوقت لايتحمله الوضع السوري  والخيار العسكري  في الوقت الراهن  مستبعد جداً لسببين :
أولهما ضعف شخصية الرئيس الأمريكي وعدم قدرته على اتخاذ  القرارات الجريئة  والمصيرية والتي قد تكون مكلفة بشرياً ومادياً لأمريكا.
وثانيهما : الخيار العسكري سيؤدي إلى ارجحية نشوب حرب إقليمية  مفتوحة لذلك فأن المواقف الدولية ليس لها تأثير حاسم حتى الآن في تحقيق التغيير في سوريا .

روسيا تهدد باستخدام حق الفيتو ضد أي قرار يتخذه مجلس الأمن من شأنه إدانة النظام السوري.

ما هي الأسباب التي تقف وراء الموقف الروسي؟

 روسيا تعتبر سوريا النظام  حليفاً لها وموطئ قدم أساسي لها في الشرق الأوسط وعلى البحر الابيض المتوسط  ومن الصعب التخلي عن موقعها في المنطقة  إلا إذا  تعرضت لضغوط دولية هائلة أو من خلال صفقة تبادل مصالح , أما دفاعاً عن الشعب السوري وحقوق الإنسان فلا يمكن لروسيا أن تأخذ موقفاً إنسانيا في هذا الصدد.

كيف سيكون نظام الحكم في سوريا الجديدة؟

 وضع سوريا خلال مرحلة التغيير وبعده مفتوح على كل الاحتمالات  منها:
1- أن يكون نظام الحكم في سوريا نظاماً شموليا بعد التغيير حيث قد تصل إلى الحكم قوى لاتؤمن في الحقيقة بالديمقراطية.
2- قد تحصل حرب أهلية في سوريا إذا لم يتم الأخذ بعين الاعتبار واقع سوريا التعددي وتأجيل جميع  القضايا إلى مابعد التغيير بوقت غير محسوب ((لأجل غير مسمى)).
3- قد يحكم  سوريا ائتلاف  من عدة أحزاب وتحقق ديمقراطية شكلية توافقية ,فالمعارضة السورية بمعظم تياراتها غير ديمقراطية من حيث البنية الأساسية  لذلك فإن خلق ديمقراطية حقيقية في سوريا يحتاج إلى عاملين هامين:
1-    وجود مجتمع مدني قوي وحر وديمقراطي.
2-    وجود  أحزاب وطنية ديمقراطية حقيقية .
وهذان العنصران غير متوفران في الوقت الحالي.

ما هو الحل الأمثل للقضية الكردية في سوريا الجديدة؟

 الحل الأمثل للقضية الكوردية حسب المعطيات  الوطنية  واتجاه تطورات الأحداث والمواقف الإقليمية والدولية  يعتبر الفيدرالية هو الحل الأمثل للقضية الكوردية  في سوريا وهو حل يستجيب ويتماشى مع تطورات الأحداث أولا ويشكل عاملاً حاسماً لمنع  خيارات التقسيم في سوريا  حيث يعتبر التقسيم أحد الخيارات التي قد تدفع بها  تطورات الأحداث في سوريا في إشعال فتيل حرب أهلية أو إقليمية مفتوحة لذلك إقرار نظام فدرالي في سوريا عامة والفيدرالية الكوردية بشكل خاص يشكل  أحد العوامل التي تردع التقسيم في سوريا  ويتماشى أيضا مع كون الشعب الكوردي ثاني اكبر قومية في البلاد وله كل الحق في التمتع بفدرالية اختيارية.

حاوره مكسيم العيسى
موقع سوريا الجديدة

19.08.2011

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد تقود إلى عواقب وخيمة. لاسيما في السياق الكردي، حيث الوطن المجزأ بين: سوريا، العراق، إيران،…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…