المثقف العربي أم المثقف الكردي

بيوار كربري

 عندما أتحدث معكم عنّي, فأنا أتحدث عنكم… آه ! أخرق من يعتقد أنني لست أنت
                   Victor HUGO

دخلت الأحداث في شهرها الثامن منذ اندلاع أول شرارة حرية في المنطقة فتوهجت هذه الشرارة لتصبح حريقا تأكل كل من ينطق بكلمة الحرية وقبل كل شيء الإنسان الذي عاش في عالم اللا إنسانية قرونا عديدة.


مع عدم تجاهل الأحداث في المنطقة ككل نذكر الوطن, خمس شهور ونيف انقضوا منذ اندلاع ثورتنا, ثورة الحرية والكرامة, ثورة رفع الظلم والحكم الاستبدادي للقائد الواحد والحكم الواحد ,
هذه هي ثورتنا, ولكن ما موقع المثقف العربي من كل هذه الأحداث؟ وأين حط رحال المثقف الكردي؟ من المعروف أن الثورة التي بدأت منذ مطلع هذه السنة والتي مازالت في خضم عنفوانها , هي ثورة الشباب أو كما تقال ثورة ” الفس بوك” , دائما كان الشباب هم عماد الثورات في العالم من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه ولكن كان هناك من يدعم هذه الثورات ألا وهو المثقف على اختلاف النوعية والخصوصية, والثورة الفرنسية هي خير مثال على ذلك, فقد كان الأدباء والشعراء وغيرهم من المثقفين هم القبضة الحديدية لتلك الثورة وكانت أقلامهم كالسيوف في أيدي الثوار.
وإن عدنا إلى زمننا القريب في المنطقة التي نسيت الثورات الحقيقية منذ عقود والأقلام التي أصبحت فأسا في يد الجلاد العربي, ماذا سنقول عن المثقف العربي والكردي بالرغم من التفاوت الكبير بينهما في العدد والعدة.
فقد كان للمثقف العربي دورا خجولا في دعم الثورة بل كان ضئيلا جدا بالنسبة لعدد المثقفين العرب في الوطن العربي, فقد ذهب معظمهم باتجاه السلطان الذي يهب السلطة والجاه لشعراء البلاط , والبعض الآخر اتخذ موقف الحياد السلبي منتظرا المنتصر ليهديه قلمه اليائس, أمّا المثقفين الذين حملوا لواء الحرية فقد كانوا في الخارج وأصبحوا ( المعارضة الخارجية ) مع الأسف هم قلة عانوا ما عانه الكثرة في الداخل أيضا, ربما كانت الأجواء مهيأة لهم في الخارج ولكن هذا لا يعني أنّ من في الداخل لا يستطيعون أن يكتبوا بأقلامهم ويصرخوا بألسنتهم ضد الظلم بل العكس صحيح فالمثقف الحقيقي الذي ينطق كلمة صدق هو الذي يكون في مواجهة الظلم وقريبا من الظالم لكي يكون دعما حقيقيا ومباشرا للثورة, فكل من هو خارج البلاد يستطيع أن يكون ثائرا ولكن ليس كل من في الداخل ثائر, الحقيقة تقال لم يكن للمثقف العربي ذلك الدور الكبير والعقيدة والإيمان الراسخ بالثورة وما زال إلى هذه اللحظة يميل إلى الظالم أكثر من أن يكون عونا للمظلوم.
ولكن كيف هو المثقف الكردي وبأي اتجاه يذهب ؟
هنا يجب أن نخص الحديث عن الثورة في الوطن (سوريا), دون أن نذكر ما عانه المثقف الكردي إلا أنه كان دائما لا يعجز عن الكتابة وقول كلمة الحق, فنراه في النهار يخرج إلى الشارع مع الشباب ويصرخ بأعلى صوته بشعارات الحرية, أمّا في الليل فهو موجود في كل المواقع الالكترونية الكردية والعربية وعلى الإذاعات والقنوات الفضائية, هذه هي حقيقة المثقف الكردي فالموجود في الداخل هو نفسه الموجود في الخارج لا يخاف ولا يتوقف عن التكلم والكتابة, بالمقارنة مع المثقف العربي فهو قدوة يحتذي بها, ربما لا يشكل المثقفين الكرد خمسة بالمائة بالنسبة للمثقفين العرب إلا أن عدد المثقفين الكرد الذين برزوا في هذه الثورة كان أكثر بكثير ممّا برز من المثقفين العرب في الوطن العربي المهدم كافة.
إذا يجب أن نعترف بأنّ للمثقفين الكرد دور كبير في ثورتنا وأيضا يحاولون جاهدين للم شمل البيت الكردي وهذا والله شيء جميل, ولكن مع الأسف هناك من اتهمهم وشتمهم ولعنهم.
أتذكر عندما كنا صغارا : عندما كان احد ما يشتم الآخر فيقول الآخر أن الشتيمة ترجع إلى صاحبها وهذا لتجنب معركة صغيرة بينهم , والحقيقة أن السحر انقلب على الساحر فقد أراد البعض أن يهين المثقف فأهان نفسه عندما دخل معركة كان المثقف هو المنتصر دائما.
أتمنى أن نقدّر المثقف الكردي ونحترمه لأنه يستطيع أن يصنع المستقبل القريب الذي نتطلع إليه جميعا
دام كلّ قلم يبكي الحرية
عاشت كلّ صرخة حق في وجه الظلم
النصر لثورتنا والخلود لشهدائنا الأبرار.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…