الثورة السورية تلتهم أبنائها في المناطق الكردية

موسى موسى

لم يكن هناك ربيعاً عربياً، بل ثورة أشعلها التونسي البو عزيزي ـ في الشتاء العربي القارس ـ في جسده دون أن يعرف بأنها ستمتد من بلدته لتشمل تونس و بقية البلدان لتطيح بالأنظمة الفاسدة التي حكمت تلك البلدان عقوداً من الزمن فحولت تلك الثورات الشتاء العربي الى ربيع دافئ.

وقد واجهت الانظمة الحاكمة المستبدة الثورة بكافة وسائلها لقمعها لكن ثمارها أينعت في كل من تونس ومصر بسرعة لم يتصورها أحد في الوقت الذي ما زال الشعب الليبي واليمني والسوري يواصل ليله بنهاره لإنجاح ثورته مع فارق تجلى في الثورة السورية دون الليبية واليمنية في إلتهام الثورة لأبنائها في بعض المناطق السورية وبالتحديد في المناطق ذات الأغلبية الكردية (ديريك، القامشلي، عامودا، الدرباسية ،رأس العين، كوباني، عفرين)،
 فالتنسيقيات السورية العديدة التي تأسست في كافة المدن والبلدات السورية لم تشهد فيما بينها ما يعكر صفوها النضالي ضد النظام، كما لم تشهد المناطق السورية باستثناء ما ذكر من المناطق الكردية، من المعوقات والعراقيل التي تقف في وجه الثورة ـ إذا ما طرح القوات الامنية والشبيحة جانباً ـ فالمعارضة السورية المتمثلة بقواها المنظمة لم تصبح عائقاً ومعرقلاً للشارع السوري الثائر ولم تسجل أية واقعة تدل على انخراط القوى العربية المنظمة في الثورة المضادة بعكس ما يحدث في المناطق الكردية من تأسيس العديد من التنسيقيات المشبحة بشخصين أوثلاثة وبعض التنسيقيات الوهمية والتي تدار بقيادة بعض الاحزاب الكردية بهدف إعاقة وفرملة عمل ونضال تنسيقيات الشباب الكردي.

ان الثورة والثورة المضادة أمر طبيعي شهدتها شعوب العالم كلها ولكن الأمر لا يبدو طبيعياً إذا ما تعلق الأمر بإشاعة الدعاية المغرضة ضد الشارع الثائر بهدف النيل من همة ونشاط تنسيقيات الشباب الكردي، ومنع الناس من الالتحاق بالمظاهرات منذ اليوم الأول للثورة السورية، والتدخل في شؤونهم لزرع حالة الانقسام بينهم، وتأسيس تنسيقيات مشبحة و مرتبطة ليتمكنوا من الولوج بينهم لبث الفرقة والتشتت وخلق الخلافات، كلها لعرقلة نضالهم والنيل من الثورة السورية وتشويه سمعة التنسيقيات  عن طريق التنسيقيات التي تعمل عمل الشبيحة في المناطق الكردية الآنفة.

الأمر الغريب الذي يستوجب الوقوف عليه هو تشويه سمعة الشارع والشعب الكردي في سوريا عامة، فالشارع العربي لم يشهد ما يشهده الشارع الكردي، والقوى السياسية العربية المنظمة من أحزاب وغيرها لا تقع نفسها في ذلك الخطأ الشنيع والمتواطئ وهي أبعد من أن تجلب للشعب السوري لعنة الثورة وأحكامها بعد النصر.
ان ظاهرة التشبيح لم يعد مرتبطة بالنظام وحده فقد بدأ النظام بتعميمه بدءاً من خاصرة المناطق الأكثر ارتباطاً و ضعفاً وتفككاً والمناطق الكردية يبدو أكثر المناطق تقبلاً بالتعميم والتنفيذ وهي حالة معنية من كافة المتضررين من النظام برصدها وتثبيتها، ولا يمكن للمسؤولين عن تلك الحالة التشبيحية وتعميمها التملص من المسؤلية كما لا يمكن للمرؤوسين أيضاً التملص من قرار رؤسائهم قانونياً، لذلك على الجميع وخاصة أصحاب الأقلام الحرة المندمجة في الثورة القيام بواجبهم الثوري والوطني في التصدي لتلك الحالة ورصد وقائعها وتثبيتها.
15/08/2011  

  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…