الدكتور عبد الحكيم بشار
إن المتتبع للأحداث في سوريا وما آلت إليه التطورات سيدرك بكل سهولة بعض الحقائق وهي:
إن المتتبع للأحداث في سوريا وما آلت إليه التطورات سيدرك بكل سهولة بعض الحقائق وهي:
الحقيقة الأولى : إن النظام السوري قد اتخذ قراراً لا رجعة عنه وهو الحل الأمني والخيار العسكري مهما كانت تداعياته ونتائجه مقروناً بإصلاحات وإجراءات لا ترتقي إلى مستوى المطالب الموضوعية للشعب ، بل إصلاحات تبقى تحت سقف السلطة وتبعيتها لتبقيها متمسكة بزمام السلطة بقوة في سوريا .
الحقيقة الثانية : إن الحراك الشبابي والشعبي والانتفاضة أو الثورة هي الأخرى قد اتخذت قراراً بالاستمرار في الاحتجاج والتظاهر حتى إسقاط النظام وإنها دفعت ضريبة غالية من الشهداء والدماء و‘ن العلاقة بينها وبين السلطة وصلت إلى نقطة اللاعودة وبات خيار الحوار مستبعداً إلى درجة شبه مستحيلة .
الحقيقة الثانية : إن الحراك الشبابي والشعبي والانتفاضة أو الثورة هي الأخرى قد اتخذت قراراً بالاستمرار في الاحتجاج والتظاهر حتى إسقاط النظام وإنها دفعت ضريبة غالية من الشهداء والدماء و‘ن العلاقة بينها وبين السلطة وصلت إلى نقطة اللاعودة وبات خيار الحوار مستبعداً إلى درجة شبه مستحيلة .
الحقيقة الثالثة : إن المعارضة الوطنية السورية لاتزال ضعيفة ومشتتة وغير قادرة على إدارة الحراك الشبابي بل غير قادرة حتى على اللحاق به ، بل لا تزال مشغولة بخلافاتها التي تبدو مخجلة إذا ما قورنت بحجم الأحداث والتضحيات وهي في معظمها خلافات شخصية تتحول إلى شكل من أشكال الصراع السياسي ولا تزال المعارضة منهمكة بصياغة بياناتها بكل ” دقة ” مستمرة في جدل مستمر لساعات حتى تنجح في صياغة جملة أو مفردة يكون حينها قد سقط بضعة شهداء خلال صياغتها لبيانها .
الحقيقة الرابعة : إن النظام الإيراني وعلى مستوى ولاية الفقيه قد اتخذ قراراً بالدفاع عن النظام السوري كدفاعه عن طهران لأن التغيير في سوريا سيمهد الطريق إلى تغيير بنية النظام والدولة في إيران .
الحقيقة الخامسة : إن حزب الله أيضاً قد اتخذ قراراً بالدفاع عن النظام السوري كدفاعه عن الضاحية الجنوبية بل دفاعه عن نفسه لأن التغيير في سوريا يعني انتهاء دور حزب الله بالتدريج
الحقيقة السادسة : إن السعودية ودول الخليج لا تزال مترددة بشدة ، فهي من جهة تجد نفسها أخلاقياً وسياسياً ومذهبياً بالضد بل النقيض من النظام السوري ، ولكنها أيضاً لا تريد تغييرات سريعة وسهلة في سوريا لأن ذلك قد ينقل عدوى التغيير إلى بلدانها بل ترغب أن ترى تغييراً مقروناً بحمام الدم ودماراً اقتصادياً هائلاً وفلتاناً أمنياً وفوضى حتى يبدو أن ثمن التغيير باهظ ومكلف وليس كما حصل في تونس ومصر ، وإن التحول البسيط في لهجة السعودية ودول الخليج لا يرتقي البتة إلى الوقوف إلى جانب الشعب السوري في محنته .
الحقيقة السابعة : إن المجتمع الدولي عاجز حتى اللحظة عن اتخاذ قرارات جريئة تمكنه من إنهاء العنف وقتل المدنيين في سوريا ، وسيبقى كذلك لفترة طويلة نسبياً لأن الخيارات المتبعة لديه حتى الآن (ضغط إعلامي وسياسي وعقوبات اقتصادية) لن تؤثر بشكل فعال وسريع على سير الأحداث في سوريا ، ولن تردع القيادة السورية عن الاستجابة لمطاليبها للقيام بالإصلاحات المطلوبة والمقبولة من الجماهير أو التنحي ، بل إن تلك الضغوطات قد تحتاج زمناً طويلاً حتى تعطي نتائجها الغير حاسمة ، وحينها تكون قد سالت أنهر من الدماء في سوريا ، وإن الخيار العسكري لا يزال لديها مستبعداً جداً لأن هذا الخيار ينطوي على أرجحية نشوب حرب إقليمية مفتوحة على كل الجبهات وفي كافة الساحات الإقليمية ، أمام هذه الحقائق فإن حمام الدم السوري سوف يسيل ويسيل وسيكون واهماً من يعتقد أن الاحتجاجات السلمية لوحدها كافية لإسقاط النظام أو لإجباره على القبول بانتقال سلمي وآمن للسلطة فإن قرار السلطة واضح في هذا الصدد وهو : (إما أنا أو من بعدي الطوفان) .
إزاء هذه الحقائق والمعادلة الصعبة فإن الأوضاع في سوريا مفتوحة على كل الاحتمالات ومنها
1- استمرار نزيف الدم السوري في ظل غياب قيادة موحدة سياسياً وتنظيمياً لكل من المعارضة والحراك الشعبي تكون صاحبة القرار في التعاطي مع الأحداث ، فإن احتمال ظهور أعمال مسلحة متفرقة دفاعاً عن النفس أمر وارد خاصة في ظل البطش المتزايد الذي تمارسه الآلة العسكرية للنظام بحق المدنيين العزل
وفي حال بروز هذه الظاهرة أو حدوثها (أعمال مسلحة دفاعية) فإن الأوضاع قد تتطور باتجاه اتساع هذه الأعمال والتي قد تأخذ طابعاً انتقامياً نتيجة المعاناة العميقة وبالتالي تغيير مجرى الأحداث في سوريا واتخاذها أبعاداً أخرى تخرجها من سياقها المرسوم لها .
2- في ظل غياب قيادة حقيقية للمعارضة والحراك واستمرار النزيف السوري فإن احتمال حصول أعمال انتقامية متبادلة بين بعض مكونات أو مذاهب المجتمع السوري يبدو أمراً غير مستبعد خاصة وإن السلطة تدفع الأمور بهذا الاتجاه ولا يوجد في المعارضة من يستطيع تجنبه لذلك فإن تفاقم الأوضاع في سوريا سياسياً واقتصادياً وأمنياً نتيجة العنف والقتل الذي تمارسه السلطة ، فاحتمال نشوب حرب أهلية يبدو غير مستبعد إن لم يكن مرجحاً حتى اللحظة ، إلا أن تطورات الأوضاع قد تدفع الأمور بهذا الاتجاه .
3- احتمال نشوب حرب إقليمية : إن تفاقم الأوضاع في سوريا وازدياد معاناة الشعب السوري وعدم استجابة النظام لنداءات المجتمع الدولي وضغوطاته قد يدفع بالمجتمع الدولي متمثلاً بالأمم المتحدة أو أمريكا والاتحاد الأوربي وفي وقت متأخر للاضطرار إلى اتخاذ قرار بالتدخل العسكري وبالتالي فتح الأبواب لنشوب حرب إقليمية وهو الأمر الأكثر ترجيحاً وهذا ما يدفع بالدول العظمى إلى الكثير من الحذر والتردد لاتخاذ قرار بهذا الشكل كما أن حصول أي خطأ في الحسابات بين القوى الإقليمية ونتيجة أي عمل صغير أو غير محسوب بين جهتين تقعان على النقيض في المعادلة السورية قد يتسبب في إشعال حرب إقليمية دون أن يكون هناك قرار مسبق بذلك .
إن الأوضاع في سوريا مفتوحة على كل الاحتمالات (العنف المتبادل – العنف الطائفي – الحرب الأهلية – حرب إقليمية مفتوحة) وإن جميع هذه الاحتمالات تنطوي على أثمان باهظة بالنسبة للشعب السوري ، وكما أن مصطلح (البلقنة) كناية عن العنف والمجازر التي رافقت التغيير في البلقان فإن التغيير في سوريا قد توازيه إن لم يكن أكثر تكلفة ، وبالتالي قد يتم تداول مصطلح (سورنة) كناية عن التغيير المقرون بالعنف ، مصطلحاً سائداً في العرف السياسي لفترة طويلة حينما تبدأ عملية التغيير الحقيقي في سوريا .
إزاء هذه الصعوبات والاحتمالات ما هو الحل ؟ هذا ما سأبدي رأيي فيه في المقالة القادمة .
الحقيقة الرابعة : إن النظام الإيراني وعلى مستوى ولاية الفقيه قد اتخذ قراراً بالدفاع عن النظام السوري كدفاعه عن طهران لأن التغيير في سوريا سيمهد الطريق إلى تغيير بنية النظام والدولة في إيران .
الحقيقة الخامسة : إن حزب الله أيضاً قد اتخذ قراراً بالدفاع عن النظام السوري كدفاعه عن الضاحية الجنوبية بل دفاعه عن نفسه لأن التغيير في سوريا يعني انتهاء دور حزب الله بالتدريج
الحقيقة السادسة : إن السعودية ودول الخليج لا تزال مترددة بشدة ، فهي من جهة تجد نفسها أخلاقياً وسياسياً ومذهبياً بالضد بل النقيض من النظام السوري ، ولكنها أيضاً لا تريد تغييرات سريعة وسهلة في سوريا لأن ذلك قد ينقل عدوى التغيير إلى بلدانها بل ترغب أن ترى تغييراً مقروناً بحمام الدم ودماراً اقتصادياً هائلاً وفلتاناً أمنياً وفوضى حتى يبدو أن ثمن التغيير باهظ ومكلف وليس كما حصل في تونس ومصر ، وإن التحول البسيط في لهجة السعودية ودول الخليج لا يرتقي البتة إلى الوقوف إلى جانب الشعب السوري في محنته .
الحقيقة السابعة : إن المجتمع الدولي عاجز حتى اللحظة عن اتخاذ قرارات جريئة تمكنه من إنهاء العنف وقتل المدنيين في سوريا ، وسيبقى كذلك لفترة طويلة نسبياً لأن الخيارات المتبعة لديه حتى الآن (ضغط إعلامي وسياسي وعقوبات اقتصادية) لن تؤثر بشكل فعال وسريع على سير الأحداث في سوريا ، ولن تردع القيادة السورية عن الاستجابة لمطاليبها للقيام بالإصلاحات المطلوبة والمقبولة من الجماهير أو التنحي ، بل إن تلك الضغوطات قد تحتاج زمناً طويلاً حتى تعطي نتائجها الغير حاسمة ، وحينها تكون قد سالت أنهر من الدماء في سوريا ، وإن الخيار العسكري لا يزال لديها مستبعداً جداً لأن هذا الخيار ينطوي على أرجحية نشوب حرب إقليمية مفتوحة على كل الجبهات وفي كافة الساحات الإقليمية ، أمام هذه الحقائق فإن حمام الدم السوري سوف يسيل ويسيل وسيكون واهماً من يعتقد أن الاحتجاجات السلمية لوحدها كافية لإسقاط النظام أو لإجباره على القبول بانتقال سلمي وآمن للسلطة فإن قرار السلطة واضح في هذا الصدد وهو : (إما أنا أو من بعدي الطوفان) .
إزاء هذه الحقائق والمعادلة الصعبة فإن الأوضاع في سوريا مفتوحة على كل الاحتمالات ومنها
1- استمرار نزيف الدم السوري في ظل غياب قيادة موحدة سياسياً وتنظيمياً لكل من المعارضة والحراك الشعبي تكون صاحبة القرار في التعاطي مع الأحداث ، فإن احتمال ظهور أعمال مسلحة متفرقة دفاعاً عن النفس أمر وارد خاصة في ظل البطش المتزايد الذي تمارسه الآلة العسكرية للنظام بحق المدنيين العزل
وفي حال بروز هذه الظاهرة أو حدوثها (أعمال مسلحة دفاعية) فإن الأوضاع قد تتطور باتجاه اتساع هذه الأعمال والتي قد تأخذ طابعاً انتقامياً نتيجة المعاناة العميقة وبالتالي تغيير مجرى الأحداث في سوريا واتخاذها أبعاداً أخرى تخرجها من سياقها المرسوم لها .
2- في ظل غياب قيادة حقيقية للمعارضة والحراك واستمرار النزيف السوري فإن احتمال حصول أعمال انتقامية متبادلة بين بعض مكونات أو مذاهب المجتمع السوري يبدو أمراً غير مستبعد خاصة وإن السلطة تدفع الأمور بهذا الاتجاه ولا يوجد في المعارضة من يستطيع تجنبه لذلك فإن تفاقم الأوضاع في سوريا سياسياً واقتصادياً وأمنياً نتيجة العنف والقتل الذي تمارسه السلطة ، فاحتمال نشوب حرب أهلية يبدو غير مستبعد إن لم يكن مرجحاً حتى اللحظة ، إلا أن تطورات الأوضاع قد تدفع الأمور بهذا الاتجاه .
3- احتمال نشوب حرب إقليمية : إن تفاقم الأوضاع في سوريا وازدياد معاناة الشعب السوري وعدم استجابة النظام لنداءات المجتمع الدولي وضغوطاته قد يدفع بالمجتمع الدولي متمثلاً بالأمم المتحدة أو أمريكا والاتحاد الأوربي وفي وقت متأخر للاضطرار إلى اتخاذ قرار بالتدخل العسكري وبالتالي فتح الأبواب لنشوب حرب إقليمية وهو الأمر الأكثر ترجيحاً وهذا ما يدفع بالدول العظمى إلى الكثير من الحذر والتردد لاتخاذ قرار بهذا الشكل كما أن حصول أي خطأ في الحسابات بين القوى الإقليمية ونتيجة أي عمل صغير أو غير محسوب بين جهتين تقعان على النقيض في المعادلة السورية قد يتسبب في إشعال حرب إقليمية دون أن يكون هناك قرار مسبق بذلك .
إن الأوضاع في سوريا مفتوحة على كل الاحتمالات (العنف المتبادل – العنف الطائفي – الحرب الأهلية – حرب إقليمية مفتوحة) وإن جميع هذه الاحتمالات تنطوي على أثمان باهظة بالنسبة للشعب السوري ، وكما أن مصطلح (البلقنة) كناية عن العنف والمجازر التي رافقت التغيير في البلقان فإن التغيير في سوريا قد توازيه إن لم يكن أكثر تكلفة ، وبالتالي قد يتم تداول مصطلح (سورنة) كناية عن التغيير المقرون بالعنف ، مصطلحاً سائداً في العرف السياسي لفترة طويلة حينما تبدأ عملية التغيير الحقيقي في سوريا .
إزاء هذه الصعوبات والاحتمالات ما هو الحل ؟ هذا ما سأبدي رأيي فيه في المقالة القادمة .
12/8/2011