موجز عن تاريخ الحركة السياسية الكردية في سورية 1/3

وليد حاج عبد القادر

في التطبيق العملي لإتفاق سايكس بيكو عام 1920 بين فرنسا وبريطانيا الإستعمارية وبعد انسحاب الروس منها حيث تقاسمت حصتها كلا من تركيا الناشئة آنذاك على انقاض الدولة العثمانية وبريطانية وفرنسة، وبالرغم من أن مؤتمر الصلح الذي عقدته عصبة الأمم آنذاك ، وبالتالي اتفاقية سيفر الذي انتزعه الوفد الكردي من المؤتمرين حيث أقر بنصوص صريحة بكردستان وحق الأكراد في تقرير المصير، ما لبث كمال أتاتورك واستطاع أن يستبدله عام 1922 بإتفاقية لوزان والذي ألغى سيفر تماما رغبة من فرنسة وبريطانية في رشوة الأتراك لإبعادهم عن السوفييت آنذاك وكذلك لعب تدفق النفط من آبار ـ بابا كركر ـ في كركوك وبغزارة لامثيل لها ، وكذلك بوادر النفط في حقول ـ قره جوخ ـ في المنطقة الكردية من سورية ،
 وهنا أصبحت المنطقة تدخل في ـ بازارات ـ تصنيف وتحديد الحدود وبداية تشكل الدولتين العراقية المحتلة من قبل بريطانيا وسورية المحتلة من قبل الفرنسيين ، وأخذت الإتفاقات شبه اليومية والمتبدلة سيدة الموقف إلى أن حسمتها بريطانيا ـ عراقيا ـ بضم لواء الموصل والتي كانت تشمل كل كردستان العراق الحالية / أقضية شهرزور ـ هولير ودهوك وزاخو وكركوك التي كانت تابعة لهولير إداريا / ، بعد نشوب ما سمي بأزمة الموصل عام 1925 حيث انتزعت قرارا من عصبة الأمم بضمها نهائيا الى العراق / هذه الإتفاقية التي لاتعترف بها تركية الى اليوم بدليل أنها لاتزال تستقطع كدلالة رمزية من الموازنة العامة للدولة ليرة تركية واحدة لولاية الموصل / أما في الجانب السوري فقد عملت فرنسة المستحيل لتحتفظ بالمناطق المرشحة لإستكشاف البترول ، ومن هنا كانت الإتفاقات والبروتوكولات بينها وبين الأتراك وخط الحدود يتماوج في الأخذ والرد ، وفي كل خطوة يتم تثبيت مع حق / اهل المنطقة ..الخ / حتى التسوية النهائية للحدود عام 1939 والذي حسم لصالح تركية في منطقة الساحل بضم لواء اسكندرون لها وتنظيم الحدود نهائيا وعلى شكله الحالي .

ومن هنا تمت عملية اقتسام كردستان الى اربعة أجزاء علما أن التقسيم الأول بدأ منذ عام 1517 بعد معركة جالديران بين العثمانيين والصفويين ..

ومع قدوم الفرنسيين الى سورية كان الأكراد من جملة السوريين حسب التشكل الجديد ـ من المقاومين الأساسيين للفرنسيين ، حيث كان وزير الدفاع الشهيد يوسف العظمة كرديا والذي استشهد في معركة ميسلون ..وغيرها واختصارا للمشهد الكردي في سورية لابد من التذكير بأن منطقة تواجدهم هي منطقة الجزبرة ـ محافظة الحسكة ـ وشمال محافظة الرقة وقسما من محافظتي حلب وإدلب ، مع الأخذ بالإعتبار تواجد كثيف من الأكراد في منطقة دمشق والذين استقروا فيها منذ العهد الأيوبي وكذلك في مدينة حماة والذي شيدها أبو الفداءالأيوبي وفيها الى الآن عائلات كردية عريقة وقرى في محيطها مازالوا حتى الآن محافظين على لعتهم وكذلك عدة قرى في جبال العلويين الشرقي وفي محيط قلعة الأكراد ـ الحصن ومحيط حمص وأغلبهم من الأيوبيين والذين نسوا اللغة الكردية ولكنهم لاينكرون كرديتهم ..وقد ساهم الأكراد في الثورات ضد الفرنسيين وقدموا الشهداء ايضا لابل وكانوا قادة لثورات متعددة / ابراهيم هنانو ـ سعيد آغا الدقوري / وأول من رفع العلم السوري غند الإستقلال هو محمد البارافي الكردي ..

وبعد الإستقلال كان هناك حياة برلمانية ونوع من الحرية حيث كانت تصدر مجلات كردية ـ هاوار وبربانك مثلا ـ وهناك برلمانيون أكراد وجمعيات تناضل في العلن الى مرحلة سيطرة أو بروز القوميين العرب من وحدويين وبعثيين ..الخ ..حيث بدأت الأنشطة تغيب شيئا فشيئا ، ولتغيب نهائيا مع بدء الوحدة السورية المصرية وهيمنة التيار العروبي بمؤسساته الأمنية ، ومن ثم لتبدأ مرحلة وضع البرامج والنظريات في تعريب المناطق وبالتالي تهجير الأكرد الى المجهول وساختصر في الجانب السياسي

1 ـ كان هناك تداخل وترابط في النضال القومي الكردي فتشمل وبشكل جد دقيق بين القسمين التركي والسوري وإن كان هناك ـ دائما ـ نوعا من التواصل والعلاقات مع الأقسام الأخرى ، لأنه حتى عام 1963 كان الشعار الرئيسي عند الكرد هو تحرير وتوحيد كردستان .

وكانت قد تشكلت منظمات وأحزاب متعددة بين الحربين العالميتين منها امتدادات لأحزاب كانت ايام الإمبراطورية العثمانية ومن أشهر هذه الأحزاب أو المنظمات هي ـ خويبون ـ والذي تأسس عام 1929 وكان مؤتمره التأسيسي في لبنان ب ـ عالية ـ بحمدون ـ وهذا الحزب قاد انتفاضة آكري بقيادة الجنرال احسان نوري باشا والذي اعتمد العلم الكردي الحالي
2 تأسيس الحزب الديمقراطي الكردستاني في سورية والذي اعتمد ايضا شعار تحرير وتوحيد كردستان عام 1957
3 ـ اعتقال القيادة الكردية وكوادرها المتقدمة وتعريضهم لمحاكمات قاسية ، وصدور احكام جائرة بحقهم تضمنت بعد الإعتقال النفي الداخلي الإجباري لأبرز قادتها وفي مقدمتهم المرحوم الدكتور نورالدين ظاظا والمرحوم عثمان صبري ، وكانت هذه المرحلة المفصل في حياة الحزب أيضا إذ نتيجة لحملات الملاحقة والسجون وبالتالي بروز قضايا خلافية حول الشعب والأقلية وبالتالي امكانية الإستمرار في طرح الشعار المذكور ـ تحرير وتوحيد ـ أصاب الحزب نوع من الجمود والشللية الى عام 1965 ـ1966 والإنشقاق الأول والذي خاول البعض صبغها في بعدين أساسيين كامتداد للمد الماركسي / اللينيني ومفاهيم ربط النضال القومي بالطبقي فسمى أحدهم حزبه بإسم ـ الحزب اليساري الكردي في سورية وكانت بزعامة الراحل عثمان صبري والطرف الآخر عرف شعبيا بالإتجاه اليميني بزعامة السيد عبد الحميد حاج درويش ..

وطبيعي أن السلطة السورية أيضا كانت قد وضعت جلّ مشاريعها في التطبيق العملي من إحصاء استثنائي عام 1962 وتجريد أكثر من ربع مليون كردي من الجنسية السورية ، وكذلك الإستيلاء على الأراضي الزراعية وتشكيل ما سمي ب ـ مزارع الدولة ـ في خطوة تقليدية بائسة للكولخوزات والسوفخوزات !! على ما كان يبرره السادة الشيوعيون ـ وفي الحقيقة هي كانت بمثابة تقليد أعمى للكيبوتسات ـ الإسرائيلية ـ والتي مالبثت السلطات السورية في الكشف عن نواياها بتحويلها الى ـ مشروع إعمار مزارع الدولة والتي توضحت غاياتها بعد ذلك في الخطوة التعريبية الكبيرة للسلطة ومحاولتها في التغيير الديمغرافي للنطقة الكردية بجلبها سكانا عربا من محافظة الرقة ، والتي كانت قد سبقتها تجربة مصغرة بجلب سكان عرب من قرى السلمية ـ وطبيعي أنه قد رافقت هذه الخطوة إعتقالات واسعة لكثير من الشخصيات السياسية والإجتماعية الكردية وزجّوا في سجن الحسكة حتى أواخر عام 1968 … وإلى هذه المرحلة كان الحزبان الأساسيان هما وحسب المتعارف عليهما شعبيا / اليمين واليسار /
4 ـ في عام 1970 وبعد اتفاقية 11 آذار بين حكومة احمد حسن البكر والقائد التاريخي للأكراد الراحل مصطفى البارزاني ـ والد الرئيس مسعود البارزاني ـ ، سعى الراحل لتوحيد الحزبين الكرديين وتم تشكيل لجنة  دعت الى مؤتمر وطني عقد في بامردان بكردستان العراق ، وتم تشكيل هيئة / قيادة سميت بالقيادة المرحلية ، لتشرف على وحدة الحزبين مالبثت الخلافات أن دبت وبالتالي ظهر حزب ثالث سمي بالحياد من المستقلين وبعض من قيادات وكوادر الحزبين المذكورين سابقا وأصبحوا ثلاثة أحزاب ، ولم تصل الحركة الكردية عام 1980 إلا وكانت قد أصبحت خمسة أحزاب ـ اليمين بقي متماسكا فقط اليسار والحياد انقسما ـ وطبعا شاهدت هذه المرحلة اعتقال قيادة الحياد أو ما عرف بعدها ب ـ البارتي والذي دام لفترات طويلة ، رافقها التطبيق العملي لبرامج التعريب وبالتالي التغيير الديمغرافي للمنطقة بجلب عرب من محافظة الرقة وتوطينهم في المناطق الكردية ومنحهم الأراضي التي استولت عليها الدولة من الفلاخين الأكراد وسعيها ـ الحكومة ـ في تنفيذ مخطط محمد طلب هلال الضابط الأمني آنذاك والذي مازال الأكراد يدفعون الكثير ويعانون ايضا من تبعات برنامجه الشوفيني وتطبيقاته التي دامت منذ عام 1962 والذي على أرضيته تم إجراء احصاء استثنائي في المنطقة الكردية لتفرز أمورا بشعة في تطبيقاتها فتجرد الأب من الجنسية وتمنخه للإبن ، أو الأب مواطن والولد مجرد ..

وهكذا

5 ـ وقد وصل عدد الأحزاب الكردية لغاية اليوم ـ حسب توصيفات مجموع أحزاب الحركة الكردية كإئتلاف ظهر مع الثورة السورية الحالية الى 12 حزبا ، وانسحب منها مؤخرا حزبا وليبقى المجموع 11 حزبا ـ ضمن الإئتلاف ـ مع يقيني بوجود أكثر من طرف آخر يجب اعتباره حزبا حسب مقاسات بقية الأحزاب مثل البارتي الديمقراطي الكردي في سورية بقيادة الدكتور عبد الرحمن آلوجي ، وكذلك هنالك حركة تسمي نفسها بحركة الإصلاح وقد انشقت من حزب السيد عبد الحميد درويش ..إضافة الى عدد لابأس بها من منظمات حقوقية أو ثقافية وما شابه ….

يتبع بموجز مختصر عن الأحزاب ودور الأكراد وأحزابها في الثورة السورية ….

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…