أخذت القوة المفرطة طابعاً مأساوياً بكل بلاغة الكلمة مع بداية شهر رمضان الفضيل حيث يفترض أن تكون له خصوصية وحرمة ورحمة، وفتح النظام حرباً رسمية ونظامية لا مبرر لها على الإطلاق تحت أي دعوى وعلى أكثر من جبهة وفي أكثر من منطقة سورية « حماة- إدلب- ديرالزور- حمص – درعا » بالتوقيت نفسه، ويسابق الزمن سباقاً محموماً لإخماد الانتفاضة الشعبية التي قال أحد” أولياء ” الله إنها في نهايتها، والتي يتهم فرسانها بـ “العصابات المسلحة والمجموعات الإرهابية والخارجين عن القانون والمندسين والسلفيين والمنادين بالإمارات الإسلامية” كم إمارة إسلامية فككت في سوريا خلال الخمسة الأشهر المنصرمة؟؟” وغيرها من النعوت التي لم ليس لها هذا المبرر ليبرر استعمال القوة بهذا الشكل”
لا أقتنع البتة أن العصابات والمجموعات المسلحة بهذه القوة العظيمة، هي” أين هي؟” لا تملك أسلحة ولا قنابل نتروجينية ولا نووية، ولا طائرات أسرع من الصوت حتى يتم المغامرة بزج الجيش السوري الوطني وإنهاكه وانكشاف ظهره، ورخو مناعة الحدود مع الأعداء في هذه الحرب، وتجيّش كل هذه الجيوش وأرتال الدبابات والمدافع والآليات الكثيرة بالمئات لتدك تحصينات هؤلاء”الأعداء”.
لقد زُجَّ الجيش السوري الذي عاهد أن يحمي السوريين من أعدائهم الحقيقيين في حرب هي ليست حربه، وميدان هو ليس ميدانه، مما ينذر بزعزعة السلم الأمني، وبمخاطر جمة واحتقان شعبي وتجييش ثأري، والخوف كل الخوف من مخاطر نمو الحقد الطائفي في نفوس السوريين، وهم بأحوج ما يكونون إلى العيش المشترك الآمن المؤمن الذي نعموا به منذ قرون، وليس عقود.
بات كل الغيارى على سوريا يخشون الانزلاق إلى احتراب داخلي بغيض، لن يخرج منه سوري واحد منتصراً كما قلنا في سابق هذا الكلام مرةً.
إيماني الشخصي كبير بوعي الشعب السوري الذي لم ينزلق إلى اللحظة لارتكاب هذا الخطأ الكبير، “ربما وجدت حالات فردية” لكنها لا تُعنْوِنُ حالة الحراك الشعبي السوري الذي بمجمله سلمي، ويطالب بسوريا أفضل وأجمل.
بي ثقة – حتى اللحظة- أن السوري لن يحمل السلاح في وجه أخيه السوري إلا أن استمرار الحل أو الحسم الأمني يفتح الطريق – حتى لأعدائنا جميعاً لإذكاء نار الاستعداء فيما بيننا، واستمرار القتل المجاني يُشجّع على ردّات فعل عواقبها غير محمودة بتاتاً.
بشديد الأسف كان ولا يزال فارس حل المعضل السوري هو السلاح الذي يفترض أن يستخدم عادة ضد الأعداء الألداء لا ضد الشعب الذي اشترى بحلال ماله كل هذا السلاح، وهو السلاح من العيار الثقيل والثقيل جداً.
فرغم كل هذه الدماء التي سالت وكل هذه الجراحات الواسعة على امتداد الوطن إلا أن السوريين لم، ومن الجلي لن يتوقفوا عن الإصرار الأسطوري لاستمرار خروجهم إلى حارات وساحات وأمام جوامع الوطن، ولن يكلوا، أن ييأسوا، لأن ما دفع من فاتورة الدماء والقتل والتعذيب والسجن والإخفاء هو باهظ حقاً، ومن سخا كل هذا السخاء لن يبخل الآن، ولن يتعب غداً، ورسالة الشعوب دائماً أبلغ، والتنصت إلى هذه الرسالة أجدى وأفضل من كل حلول الدم والقهر، والبكاء على الأحبة الذين يرحلون في غير الأوان.
الخيار الأمني الذي يوسم تفكير النظام حالياً هو الخيار الذي يلحق الآن وغداً أفدح الخسائر بكل السوريين، والنظام يعي جيداً أن التاريخ يكره كثيراً الالتفات إلى الوراء، التاريخ سيارة، علبة سرعته لا توجد فيه ” الأنارييه” حتى يعود إلى ما قبل الخامس عشر من آذار الماضي.
النظام بهذه الحالة يستعدي كل يوم شرائح جديدة ضده كانت في خانة الحياد أو المنتمية لفئة الأغلبية الصامتة التي لم تقرر بعد مع من تصف؟
هذا الخيار يذهب بسوريا إلى مجاهيل وظلمات لا يرضى أحد أن يتعرف عليها أو يذهب إليها.
هذه مسؤولية النظام لأنه الأقوى، وهو الراعي لكل مكونات السوريين باعتباره يقودهم، ويرعاهم، هي مسؤوليته أمام الله والتاريخ.
الاحتكام إلى منطق العقل، وسماع رسائل الأهل والجيران والأصدقاء والأغراب ليس خطأ، ولا استهانة من كرامة، ولا خضوعاً لأحد، ويبقى المستقبل المشرق لأي نظام هو أن يخدم، ويخضع لإرادة الشعب.
الخضوع لهذه الإرادة ليس إهانة بل قمة النبل والكرامة والغيرية والشرف.
لنفكر ألا نفرّط بسوريا العزيزة، لنشترِ سوريا معاً معارضة ونظاماً، قبل أن نباع جميعاً في أسواق الآخرين بأبخس الأثمان.
ونبكي كما قال الأندلسي الغريب يوماً تحت خيمة الحزن الأخيرة مثل” النساء ملكاً مضاعاً لم نحافظ عليه مثل الرجال”!!