مخاوف كوردية تجاه مواقف المعارضة السورية (5)

زارا مستو
zarakobani@hotmail.com

مسودة دستور الجمهورية السورية المعد من قبل التجمع لدستوري الليبرالي في 162011″

إنّأغلب النظم العربية الرسمية ومن لفّ لفّها من قوى قومية أو إسلامية أو يسارية (شيوعية), هي عصية على التغيير والتطوّر, وغير قابلة للدمقرطةوالفرمطة, ولا تستطيع أن تتقبل وتتعايش بسلام مع شعوب وطوائف تقطن معها, بل هي ضد حرية الفرد والديمقراطية وحق الشعوب في حريتها, فإنّ هذه الذهنية وليدة الثقافة العربية الموروثة, التي تعود جذورها إلى البداوة الصحراوية, التي يصفها المؤرخ البريطاني المعروف، أرنولد توينبي، بأنها “حضارة متجمدة “لا يزال هذه النظم وهذه القوى تنهل من هذه الثقافة,بل هي صورة مكبرة منها, وتتكرس هذه الثقافة عن طريقها.
إن ما تقوم به هذه الأنظمة بحق شعوبها من قتل وارتكاب مجازر, دليل على أنها معادية لحقها في الحرية والديمقراطية , بل تتعامل معها كأنّها عبيد لديها,فهي مستعدة أن تفعل الفظائع في سبيل بقائها في الحكم,وهي تفعل والأمثلة موجودة على أرض الواقع,هذه الممارسات تجسيد لثقافة التسلّط  الأبوي والتحكم القبلي, كتسلط سلطة الأب المطلقة بأفراد أسرته أوتحكم شيخ القبيلة بأبناء قبيلته.
إلا أنّ هذه الذهنية قدغدتغير مقبولةمن قبل نخب وشخصيات وقوى ديمقراطية ليبيرالية علمانية وحقوقيةعربية سوريا, فهؤلاء طرحوا مشاريع ورؤى تستحق التوقف عندها, آخرها” مسودة دستور الجمهورية السورية المعد من قبل التجمع لدستوري الليبرالي في 162011″
إن هذه المسودة حقيقة بحاجة إلى التمعن والتوقف عندها, ففيها الكثير من المبادئ والمواد التي يحلم بها المواطن السوري, قد تكون هناك ملاحظات عليها إلا أنها مجرد مسودة, لكن لها دلالاتها ومعانيها  لدى المواطن السوري.
ورد في المادة الأولى:
1- الجمهورية السورية دولة تعددية مؤلفة من إثنيات عديدة وعلى رأسها العرب والكورد ودولة ديمقراطية حرة ذات سيادة لا يجوز التنازل عن أي جزء من أراضيها .
 
2 –  الشعب العربي في سوريا جزء من الأمة العربية والوطن العربي .
 
3 –  الجمهورية السورية جزء لا يتجزأ من بلاد الشام .
 
4 –  الجمهورية السورية عضو في  الجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي والأمم المتحدة .
المادة الرابعة :اللغة الرسمية في البلاد هما اللغتان العربية والكردية على حد سواء
 
المادة  السادسة– علم الدولة ونشيدها وشعارها هو علم الاستقلال ونشيدها وشعارها”.انتهى

الفقرة الأولى من المادة الأولى:
إن الإشارة إلى التعددية والديمقراطية والمكونات في سوريا في الفقرة الأولى, والاعتراف بها دستورياً شيء في غاية الاهمية, هذا ما يتمناه المواطن السوري, ويناضل ويقدم التضحيات من أجله.
أما الفقرة الثانية والثالثةوالرابعة من المادة الأولى:
 تعكس مدى التخوف هذه القوى من الذهنية التي ترى أنّ هؤلاء المعارضين يتخلون عن العروبة والقومية العربية, ولذلكنراها تطرح شعارات قومية, إن هذه الشعارات تخلق قلقاًلدى المكونات غير العربية في سوريا, فيجب أن يتم التركيز على الموطن والشعب عامة أكثرمن التركيز على عرق أو قوميةأولون واحد لمكوّن واحد في سوريا, علماً أن الشعب السوري لم يحصد من هذه الشعارات القومية سوى الضيم والاضطهاد.
.المادة الرابعة:
 تعترف باللغة الكوردية بشكل جلي وصريح, وهذا موقف ينبع من الذهنية الديمقراطية التي تؤمن بالتعدد والتعايش,وتحرص على مصلحة كافة المكونات وفق قاعدة الشراكة الحقيقية, ولكن يجب أن لا ننسى أن هناك مكونات أخرى لها لغتها وثقافتها , فعلينا أن نعترف بها ونحافظ عليها من الاندثار, لأن هذه الثقافة تغني وتثري حضارة سوريا, وهي جزء من هذه الحضارة .
المادة السادسة:
تشير إلى العلم والنشيد اللذين كانا بعد الاستقلال مباشرة,  فالمأخذ هنا أنالعلم والنشيد لا يشيران إلى المكونات القومية الموجودة في سوريا, بل يشيران إلى القومية العربية وحدها, وهذا يخالف الواقع الموجود في سوريا, لأن سوريا تضم مكونات عديدة,اضافة الى العرب كالكرد والآشور والكلدان والأرمن والتركمان, وإذا كانت هناك حضارة في سوريا فهي نتاج هذه المكونات كلها, وليس الفضل لعرق واحد أو قومية واحدة فقط ,ولأن هذه المادة تجعل العرق هو المحدد  لهوية الوطن, ولذلك علينا ان نتوافق على علم ونشيديمثلان كافة المكونات في سوريا.
ولا شك أن الإيديولوجيا العرقية العنصرية كانت سببا للحروب وانتهاك حقّ الشعوب على مرّ التاريخ,كنظرية هتلر أو النظرية التي قامت عليها الصهيونية ,وتشبث القوميين العرب بنظرية العرق وإنكارها لبقية المكونات الأخرى سيفتح لنا باباً شبيهاً بتلك النظرية العرقية العنصرية,ولذا علينا نحن – السوريين- أن ننتبهإلى هذه القضية, قد تصبح هذه المفاهيم نقمة علينا, وموضع خلاف بين أبناء الشعب السوري.

إنّ مصلحة وطننا السوري هي أهم,ونحن لا نزال ننحرق بنار هذه المفاهيم القومية وندفع ثمن فواتيرها,والتي أحرقت السوريين والعرب معاً,إنّالإقرار بالحقائق يجسّد الوحدة الوطنية الحقيقية, ويحقّق العدالة والمساواة بين المكونات كلّها, ولذلك نقول إنّالمخرج الوحيد هو دولة مدنية ديمقراطية تعددية تقوم على أساسالعدالة والمساواة بين مكونات الشعب السوري كافة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)* تطورات هامة ومستجدات كبيرة تشكل واقع إيران والمنطقة والعالم. وتشير المواقف المتخذة إلى أن “إيران” في محور هذه التطورات! من هو الرابح ومن هو الخاسر؟ أجريت الانتخابات في ما يقرب من 70 دولة حول العالم، في عام 2024، وكان أهمها الانتخابات الأمريكية. كما فاز الحزب الجمهوري في أمريكا برئاسة الجمهورية، بالإضافة إلى الفوز بأغلبية مقاعد مجلسي…

كفاح محمود منذ تأسيس كثير من دول الشرق الأوسط خاصة تلك التي أُسّست نتيجة اتفاقية سايكس بيكو وخرائطها المفروضة بمبضع بريطاني فرنسي تركي، والأنظمة التي تكوّنت على إثرها عانت وما تزال تعاني من عقدة مركّبة بين هوية الدولة وأزمة نُخَبِها السياسية والثقافية ومفهوم المواطنة والانتماء، ومن أبرز ظواهرها التغييرات الدموية في الأنظمة السياسية التي حكمتها منذ منتصف القرن الماضي وحتى…

بدعوة من لجان تنسيق مشروع حراك ” بزاف ” لاعادة بناء الحركة الكردية السورية ، التامت الندوة الافتراضية الموسعة الثانية ليلة الثالث والعشرين من الشهر الجاري بمشاركة نحو أربعين شخصية وطنية مستقلة ، من بنات وأبناء شعبنا الكردي السوري ، من الداخل وبلدان الشتات ، ومن مختلف الفئات الاجتماعية ، وناشطي المجتمع المدني ، الذين تحاوروا بكل حرية ، وابدوا…

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…