الفكر المتأزم لا ينتج نقيضه الأحزاب الكردية نموزجاً (1)

دلكش مرعي

 إن راهن الشعوب وأوضاعها العامة حسب علم الاجتماع هو محصلة ونتاج لتراثها ولظروف اجتماعية و تاريخية معينة.و حسب هذا المفهوم فان أي بحث و استقراء عن حالة التطور أو التخلف الحضاري لمجتمع من المجتمعات لابد له من أن يمر عبر تقصي ظروفه التاريخية و الاجتماعية و الثقافية والروحية وغيرها من الظروف التي آثرت على مسار تطوره التاريخي.

فالموروث التاريخي و ما يتضمن من قيم و مفاهيم و عقائد هو الذي يتحكم –حسب علم الاجتماع-بصيرورة و مسار الكيان الاجتماعي.

و هو الذي يحدد هويته و درجة تطوره الحضاري في المجالات المختلفة.
 أما إذا تناولنا هذا الموضوع من و وجهة نظر علم النفس فان الصلة المجتمعية النابعة من الإرث التاريخي و مفاهيمه و قيمه الاجتماعية-حسب هذا العلم- لا تؤثر على وعي و سلوك شخص بعينه فحسب.

بل تؤثر على الصفات الشخصية لكل فرد و توجهاته السلوكية بصفة عامة صفوة القول هو أن الفكر المتأزم التالف لا ينتج إلا ذاته كالبذرة الموبوئة ومن العبث المراهنة على مناهل ثقافية وفكرية مأزومة أثبت فشلها تاريخياً وبأن مثل هذا المناهل المؤزومة سينتج إرتقاء وتطوراً مجتمعياً … فمن يلقي نظرة متفحصة على تراث شعوب هذه المنطقة سيلاحظ بأنها تضمن جملة من الأفكار والمفاهيم السلوكية والعقائدية التي بنيت على قيم العصبيات والعقائد الجامدة والولاء المطلق لهذا العصبية أو تلك أو لهذا الصنم البشري أو ذاك أو لهذا العقيدة الجامدة أوتلك  …  ومن المؤسف قوله بأنه لا يوجد في تراثنا وقيمنا ثقافة احترام الآخر واحترام المختلف واحترام حقوق الإنسان بل كانت هناك على الدوام وعبر مراحل تاريخية ثقافة قطع الرؤوس وسبي النساء وغزو الآخر وثقافة التأله وغيرها من القيم المعروفة التي سادت تاريخ شعوب المنطقة ومازال نفايات هذه الثقافة وجيناتها مازالت مرسخة ومجسدة في نسيج العديد من أصحاب الأدمغة الخاوية … اختصاراً نقول بأن ثقافة الأنا والقيم المتأزمة وعبادة الصنم لا ينتج إلا إنساناً متأزماً يبقى على طول الخط  أسير الفوقية وتضخم الذات … فالمعتل النرجسي حسب (لابلاش وبونتالس 1998)  / يبقى في حالة العلاقة المرآوية مع الذات التي تنفي وجود الآخر / أي الغرق في صورة الذات والوقوع في سجنه فيتحول الذات المعتل بهذه الآفة إلى صنم نرجسي وحيد متأله يختزل كل الأمور في شخصه ويسخر كل الوسائل والإمكانات لتكون مطية وممر لتحقيق ذاته المعتلة المضخمة … فيمكن القول بأن شعوب المنطقة في هذه المضمار تفتقر إلى ثقافة الإنجاز أي أن تجعل معيار احترام الإنسان وتقديره عبر الانجازات التي ينجزه الفرد لخدمة مجتمعه ووطنه في هذا المجال أو تلك …  والمتتبع  لواقع الأحزاب الكردية المبتلية بهذا التراث ومنذ نشوئها الميمون سيلاحظ المتتبع بأن واقع هذه الأحزاب بسياساتها الكاسدة في سوق السياسة وبذهنيتها المتأزمة وعبر نصف قرن من الزمن لم تنتج ومنذ تلك التاريخ وإلى يومنا هذا لم تنتج سوى الكبح والتأزم والتبعثر وإهدار الطاقات وخلق المزيد من الأذى النفسي واليأس  داخل الشارع الكردي  تحولت إلى استبداد مزدوج //كردبعثي//  ثاني تخيم استبدادها على مفاصل الشارع الكردي وغصباً عن إرادة هذا الشعب ….

فهذا الإرث قد أعاق تاريخياً حركة التقدم والتطور في المستويات الحضارية العامة لدى الكرد  ومازال يفعل فعله على الأرض ويعيق بهذا القدر أو ذاك حركة النهوض والارتقاء التي تتطمح لتحقيقها حركة الشارع الكردي بفعالياتها الشبابية في الظرف الراهن بسبب مواقفها الانعزالية التي تتهرب من كل توجه وحدوي تهدف إلى توحيد طاقات الشعب الكردي … فمن المؤسف قوله بأن الأنا الرجسية هي مازالت السلعة الأكثر شمولاً وتداولاً في بورصة الذات الكوردية .

   //يتبع//

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف يكتسب الخطاب الشعبوي سلطته وسطوته حين يتم استغلاله كأداة لإعادة تشكيل الواقع وفرض رؤية محددة، لتسيدها، بغض النظر عن صحتها أو توافقها مع منطق الواقع. هذا النوع من الخطاب لا يكتفي بتقديم المواقف الخاطئة بوصفها حقائق، بل يتجاوز ذلك إلى تشويه المواقف العقلانية، وتجريم كل من يتبنى رأياً صائباً، في محاولة لترسيخ الوهم وإضعاف كل محاولة للتصحيح. إن…

فرمز حسين ليس سهلاً البقاء في القمة، مقولة سويدية و تعني أن الحفاظ على البقاء في القمة أصعب بكثير من الوصول اليها. هذا المثل ينطبق حرفياً على هيئة تحرير الشام و الفصائل الاسلامية المسلحة الأخرى التي دخلت دمشق منتصرة. الأسد سقط و زمرته بعد ثورة شعبية دامت أكثر من ثلاثة عشر عاماً شارك فيها الأغلبية الساحقة من السوريين مضحّين في…

نظام مير محمدي* لقد أشعل تحرير سوريا الجدل من جديد حول الفرص الضائعة التي أطالت أمد نظام بشار الأسد الوحشي. فقد كشف الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند في مقابلة أجريت معه مؤخرا أنه في عام 2013، خطط هو والرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون لشن ضربة لزعزعة استقرار الأسد بعد استخدامه للأسلحة الكيميائية. ومع…

صلاح بدرالدين مؤتمر جامع في قامشلو على انقاض اتفاقيات أربيل ودهوك الثنائية لسنا وسطاء بين الطرفين ( الاتحاد الديموقراطي و المجلس الوطني الكردي ) وليس من شاننا اتفقوا او اختلفوا او تحاصصوا لانهم ببساطة لن يتخلوا عن مصالحهم الحزبية الضيقة ، بل نحن دعاة اجماع قومي ووطني كردي سوري عام حول قضايانا المصيرية ، والتوافق على المهام العاجلة التي…