سيزار اليوسف
في بداية ثمانينيات القرن العشرين رحل الخالدان ملا مصطفى بارزاني وكاك إدريس مصطفى بارزاني في ظروف أقل ما يقال عنها: إنها كانت عصيبة وتدعو إلى اليأس, ليتركا الرئيس مسعود بارزاني في حال من التشتت والفقر والحرمان من أي مورد أو دعم سياسي أو معنوي أو مادي،إلا من مساندة المخلصين من أبناء الشعب الكوردي, وفي مواجهة نظام كان يستغل الظروف الدولية والإقليمية بأيِّ ثمن.
حيث بدأت الهجمة المسعورة على الكورد, وتتالت الحملات الواحدة تلو الأخرى (لن أذكرها كلَّها لأن كاتب الرسالة يعرفها جيداً لأنه كان يقتات عليها متنقلاً من عاصمة إقليمية إلى أخرى مستمتعاً بطعم الفستق والتفاح ومؤخراً بطعم البرتقال اليافاوي في أماكن مفروشة بالسجاد العجمي!), وتصدى لها البيشمركة مسعود بارزاني بكل شرف وشجاعة وتفانٍ, ليس بصفته قائداً آمراً, بل بصفته بيشمركة يداً بيد مع أخوانه البيشمركة.
حيث بدأت الهجمة المسعورة على الكورد, وتتالت الحملات الواحدة تلو الأخرى (لن أذكرها كلَّها لأن كاتب الرسالة يعرفها جيداً لأنه كان يقتات عليها متنقلاً من عاصمة إقليمية إلى أخرى مستمتعاً بطعم الفستق والتفاح ومؤخراً بطعم البرتقال اليافاوي في أماكن مفروشة بالسجاد العجمي!), وتصدى لها البيشمركة مسعود بارزاني بكل شرف وشجاعة وتفانٍ, ليس بصفته قائداً آمراً, بل بصفته بيشمركة يداً بيد مع أخوانه البيشمركة.
وفي بداية التسعينيات, حدث ما حدث في العراق ونتجت عنه الهجرة المليونية وكان الرئيس معهم وبينهم, منهم ولهم.
إبّان فرض منطقة الحظر على العراق طرأت مشاكل خلقتها الأيادي والأدمغة القذرة بين الأخوة, وتطورت ثم آلت الأمور إلى ما آلت إليه, ومع ذلك تصرف الرئيس مسعود بارزاني بكل حكمة واقتدار, واجتاز أصعب الامتحانات وأكثرها كلفة حيث كان الدم الكوردي هو الثمن.
وبعد سقوط النظام العراقي البائد, بدأت أهم المعارك كوردياً, المعركة السياسية, ولن أدخل في تفاصيل إنجازات الرئيس مسعود بارزاني ولكن باختصار شديد: تثبيت الفيدرالية لجمهورية العراق, ثم حصول الكورد على أهم المناصب السياسية على الإطلاق وهما رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية.
هذه لمحة بسيطة وموجزة جداً لما يمكن أن يقال في هذه العجالة.
فمن تلك الحال إلى هذه الحال, يبدو يسيراً تقدير ما تتطلبه تلك الظروف من عظمة واقتدار.
هذا فيما يخص وضع الكورد في العراق باعتبار الرئيس معنياً به ومطلوب منه معالجته.
فإذا كان قَدَر الرئيس مسعود بارزاني أن يكون ابناً لأب الكورد، وأن يقال له «لماذا لا تكون نصف ملا مصطفى بارزاني الخالد؟» فإن لكلِّ زمن رجالاته أيضاً، ولكل سياق تاريخي شروطه التي ينبغي أن تُقرَأ بطريقة تناسب مقام الحال، فقد خاض الرئيس معارك الجبال جنباً إلى جنب مع الخالد, حين كانت المعارك هي الخيار الوحيد, وعندما بدأت معارك المفاوضات فنّد القول الشهير: (إن الكورد يخسرون على طاولة المفاوضات ما يكسبونه على أرض المعارك) .لقد ترك ملا مصطفى بارزاني إرثاً هائلاً, والحفاظ على هذا الإرث هو تحدٍّ كبير أمام الرئيس مسعود وهو أصعب بكثير من بنيان مجد جديد, فقد تابع إكمال البناء الذي وضع أسسه وأركانه الخالد مصطفى بارزاني.
أما وأنْ يُطلب من الرئيس مسعود بارزاني «على الأقل توجيه كلمة للشعب الكردي في كردستان سوريا بتوحيد الخطاب أو الصف أو الكلمة, أو على الأقل توجيه ولو نصيحة أو خطاب واحد للشباب الكردي الذي يثور إلى جانب إخوانهم من المكونات السورية الأخرى أو شكرهم على حضارية وسلمية انتفاضتهم كي لا يقعوا في بعض الأخطاء…» فيمكن تقديم بعض الملاحظات على النحو الآتي:
أولاً: إقليم كوردستان جزء من جمهورية العراق الفيدرالي والموقف الرسمي للدولة يصدر من بغداد.
ثانياً: الحراك الجماهيري في عموم سوريا, هو من أجل مطالب وطنية سورية, وهو شأن داخلي لا يسمح لطرفٍ كوردي خارجي بالتدخل فيه لأمور كثيرة تدخل في مصلحة هذا الحراك عامة، وفي مصلحة الكورد السوريين خاصة,لأن النظام وبعض أطراف المعارضة السورية يسعون جاهدين إلى إثبات ادّعاءاتٍ بأن الكورد السوريين انفصاليون!، أما في المناطق الكوردية فبالإضافة إلى هذه المطالب, هناك المطالب القومية الخاصة بالكورد السوريين.
وأما إبداء توجيه أو رأي أو موقف فإنه يتوقف على مدى إدراك القيادة في حكومة إقليم كوردستان بأن الوقت المناسب لـم يَحِنْ بَعْدُ، وأن الأمور في ما يتعلق بالكورد السوريين لم يبلغْ حدَّاً يستدعي تدخلاً صريحاً يطالِبُ به بعض المتسرّعين الذين يريدون أن يستجروا الإقليم إلى مشكلات قد لا تكون في مصلحته وهو لا يزال في طور التأسيس، ومن المفيد أيضاً ألا يُفهَم تأنّـي حكومةِ الإقليم بأنه ضرب من (الـجُبْن) الذي خَلَطَ بعضُهم بينه وبين الحكمة السياسية والحِلْمِ.
ثالثاً: الأحزاب الكوردية في سوريا أثبتت أنها قادرة على إدارة هذه المرحلة, وهي على تواصل دائم مع جميع الحركات الشبابية السورية ومن بينها الكوردية, وهي تقدم لها النصح والمشورة أيضاً.
وإذا وصلت الأمور إلى مرحلة تعجز فيها الحركة الكوردية عن الإدارة وعن سماع أصوات (بكاء نسائنا، وصيحات شبابنا), وقتئذ سيكون لدى الكورد السوريين ثقة بأن الرئيس مسعود بارزاني سيكون في قلب الحدث, لا في مصيف صلاح الدين (الذي يبدو بأن السيد باغستاني قد فقد سُبلَ الوصول إليه او التواصل معه!) كما لـمَّح السيد باغستاني إلى ذلك في سياق أراد به الذمَّ في ما يُشبه المدحَ، فالرئيس لم يخلع بزّة البيشمركة بعد.
رابعاً: القيادات التي تمثل نهج الــ بارزاني كانت ولا تزال وستبقى تمثل هذا النهج, لم يتم تكليفها من أي جهة, بل أفرزتهم نضالاتهم واختارتهم وانتخبتهم القواعد والجماهير العريضة التي تهتدي وتقتدي بهذا النهج، ويعلم الجميع أن حكومة الإقليم والرئيس مسعود لا يتدخلان في الشؤون التنظيمية الداخلية للأحزاب الكوردية السورية ومنها البارتي الذي طاله ذمُّ صاحب الرسالة من خلال الإساءة إلى بعض قياداته التي تمَّ تعيينها وفق النظام الداخلي للحزب.
لقد انتقل الكورد في سوريا من مرحلة العواطف والشعارات والهتافات الرنانة (التي لا تشبع من جوع ولا تكسي من برد) إلى مرحلة العمل السياسي الحقيقي, فأين مصلحة الكورد من إراقة دماء شبابهم؟ وهل مطلوب من الكورد أن يضحوا إلى ما لا نهاية مجاناً؟ وعوضاً عن الآخرين وبدون مقابل! لقد انتهت تلك الحقبة, وآن للكورد أن يتصرفوا بطرق عقلانية.
وأن يمارسوا السياسة ويستفيدوا من تجاربهم.
إلى كاتب الرسالة:
ليس قصدك أن تسيء إلى شخص الرئيس ملمحاً إلى قصور في شعوره تجاه أخوانه ولا أن تحرجه ليتخذ مواقف أقل ما يقال عنها إنها تدخل في الشؤون الداخلية لسوريا فأنت تعرف أكثر من غيرك أنك لا تستطيع أن تستجر الرئيس إلى مواقع كهذه.
أما إذا كنت تُصَوِّرُ بأن أحداً ما سيتخذ أي إجراء بحقك, وتسويقك المسبّق عن العقاب والقتل بسبب هذه الرسالة, فأنا وأنت والجميع نعلم بأنك لن تحاسَب.
أما إذا استشعرت خطراً من أفعال سابقة يمكن أن تُدان بها وتُعاقبَ عليها فإن رسالتك هذه لن تكون غطاء شرعياً أو إعلامياً على حقائق قد تظهر ذات يوم! وقد انكشفت الآن وتتوقع محاسبة فلا يمكنك التستر خلف هذه الرسالة، ولا يمكنك أن تأخذها ساتراً لأعمال أخرى أنت مدان بها.
لن أضع الاحتمالات ولكن إن لم أخطئ الظن فإنك أصبت في جزء من غاياتك من وراء هذه الرسالة؛ فحقاً لم ولا ولن يُذكَر اسمك ليس في قامشلو فحسب، بل في أي مكان، ولم يك أحد يقرأ لك إن لم تعنون رسالتك بهذا العنوان الكبير.
ولكنني متأكد جداً بأنه لن يكون لك مكان في مستقبل سوريا فمن لا ماضي له لا حاضر له ولن يكون له مستقبل.
إبّان فرض منطقة الحظر على العراق طرأت مشاكل خلقتها الأيادي والأدمغة القذرة بين الأخوة, وتطورت ثم آلت الأمور إلى ما آلت إليه, ومع ذلك تصرف الرئيس مسعود بارزاني بكل حكمة واقتدار, واجتاز أصعب الامتحانات وأكثرها كلفة حيث كان الدم الكوردي هو الثمن.
وبعد سقوط النظام العراقي البائد, بدأت أهم المعارك كوردياً, المعركة السياسية, ولن أدخل في تفاصيل إنجازات الرئيس مسعود بارزاني ولكن باختصار شديد: تثبيت الفيدرالية لجمهورية العراق, ثم حصول الكورد على أهم المناصب السياسية على الإطلاق وهما رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية.
هذه لمحة بسيطة وموجزة جداً لما يمكن أن يقال في هذه العجالة.
فمن تلك الحال إلى هذه الحال, يبدو يسيراً تقدير ما تتطلبه تلك الظروف من عظمة واقتدار.
هذا فيما يخص وضع الكورد في العراق باعتبار الرئيس معنياً به ومطلوب منه معالجته.
فإذا كان قَدَر الرئيس مسعود بارزاني أن يكون ابناً لأب الكورد، وأن يقال له «لماذا لا تكون نصف ملا مصطفى بارزاني الخالد؟» فإن لكلِّ زمن رجالاته أيضاً، ولكل سياق تاريخي شروطه التي ينبغي أن تُقرَأ بطريقة تناسب مقام الحال، فقد خاض الرئيس معارك الجبال جنباً إلى جنب مع الخالد, حين كانت المعارك هي الخيار الوحيد, وعندما بدأت معارك المفاوضات فنّد القول الشهير: (إن الكورد يخسرون على طاولة المفاوضات ما يكسبونه على أرض المعارك) .لقد ترك ملا مصطفى بارزاني إرثاً هائلاً, والحفاظ على هذا الإرث هو تحدٍّ كبير أمام الرئيس مسعود وهو أصعب بكثير من بنيان مجد جديد, فقد تابع إكمال البناء الذي وضع أسسه وأركانه الخالد مصطفى بارزاني.
أما وأنْ يُطلب من الرئيس مسعود بارزاني «على الأقل توجيه كلمة للشعب الكردي في كردستان سوريا بتوحيد الخطاب أو الصف أو الكلمة, أو على الأقل توجيه ولو نصيحة أو خطاب واحد للشباب الكردي الذي يثور إلى جانب إخوانهم من المكونات السورية الأخرى أو شكرهم على حضارية وسلمية انتفاضتهم كي لا يقعوا في بعض الأخطاء…» فيمكن تقديم بعض الملاحظات على النحو الآتي:
أولاً: إقليم كوردستان جزء من جمهورية العراق الفيدرالي والموقف الرسمي للدولة يصدر من بغداد.
ثانياً: الحراك الجماهيري في عموم سوريا, هو من أجل مطالب وطنية سورية, وهو شأن داخلي لا يسمح لطرفٍ كوردي خارجي بالتدخل فيه لأمور كثيرة تدخل في مصلحة هذا الحراك عامة، وفي مصلحة الكورد السوريين خاصة,لأن النظام وبعض أطراف المعارضة السورية يسعون جاهدين إلى إثبات ادّعاءاتٍ بأن الكورد السوريين انفصاليون!، أما في المناطق الكوردية فبالإضافة إلى هذه المطالب, هناك المطالب القومية الخاصة بالكورد السوريين.
وأما إبداء توجيه أو رأي أو موقف فإنه يتوقف على مدى إدراك القيادة في حكومة إقليم كوردستان بأن الوقت المناسب لـم يَحِنْ بَعْدُ، وأن الأمور في ما يتعلق بالكورد السوريين لم يبلغْ حدَّاً يستدعي تدخلاً صريحاً يطالِبُ به بعض المتسرّعين الذين يريدون أن يستجروا الإقليم إلى مشكلات قد لا تكون في مصلحته وهو لا يزال في طور التأسيس، ومن المفيد أيضاً ألا يُفهَم تأنّـي حكومةِ الإقليم بأنه ضرب من (الـجُبْن) الذي خَلَطَ بعضُهم بينه وبين الحكمة السياسية والحِلْمِ.
ثالثاً: الأحزاب الكوردية في سوريا أثبتت أنها قادرة على إدارة هذه المرحلة, وهي على تواصل دائم مع جميع الحركات الشبابية السورية ومن بينها الكوردية, وهي تقدم لها النصح والمشورة أيضاً.
وإذا وصلت الأمور إلى مرحلة تعجز فيها الحركة الكوردية عن الإدارة وعن سماع أصوات (بكاء نسائنا، وصيحات شبابنا), وقتئذ سيكون لدى الكورد السوريين ثقة بأن الرئيس مسعود بارزاني سيكون في قلب الحدث, لا في مصيف صلاح الدين (الذي يبدو بأن السيد باغستاني قد فقد سُبلَ الوصول إليه او التواصل معه!) كما لـمَّح السيد باغستاني إلى ذلك في سياق أراد به الذمَّ في ما يُشبه المدحَ، فالرئيس لم يخلع بزّة البيشمركة بعد.
رابعاً: القيادات التي تمثل نهج الــ بارزاني كانت ولا تزال وستبقى تمثل هذا النهج, لم يتم تكليفها من أي جهة, بل أفرزتهم نضالاتهم واختارتهم وانتخبتهم القواعد والجماهير العريضة التي تهتدي وتقتدي بهذا النهج، ويعلم الجميع أن حكومة الإقليم والرئيس مسعود لا يتدخلان في الشؤون التنظيمية الداخلية للأحزاب الكوردية السورية ومنها البارتي الذي طاله ذمُّ صاحب الرسالة من خلال الإساءة إلى بعض قياداته التي تمَّ تعيينها وفق النظام الداخلي للحزب.
لقد انتقل الكورد في سوريا من مرحلة العواطف والشعارات والهتافات الرنانة (التي لا تشبع من جوع ولا تكسي من برد) إلى مرحلة العمل السياسي الحقيقي, فأين مصلحة الكورد من إراقة دماء شبابهم؟ وهل مطلوب من الكورد أن يضحوا إلى ما لا نهاية مجاناً؟ وعوضاً عن الآخرين وبدون مقابل! لقد انتهت تلك الحقبة, وآن للكورد أن يتصرفوا بطرق عقلانية.
وأن يمارسوا السياسة ويستفيدوا من تجاربهم.
إلى كاتب الرسالة:
ليس قصدك أن تسيء إلى شخص الرئيس ملمحاً إلى قصور في شعوره تجاه أخوانه ولا أن تحرجه ليتخذ مواقف أقل ما يقال عنها إنها تدخل في الشؤون الداخلية لسوريا فأنت تعرف أكثر من غيرك أنك لا تستطيع أن تستجر الرئيس إلى مواقع كهذه.
أما إذا كنت تُصَوِّرُ بأن أحداً ما سيتخذ أي إجراء بحقك, وتسويقك المسبّق عن العقاب والقتل بسبب هذه الرسالة, فأنا وأنت والجميع نعلم بأنك لن تحاسَب.
أما إذا استشعرت خطراً من أفعال سابقة يمكن أن تُدان بها وتُعاقبَ عليها فإن رسالتك هذه لن تكون غطاء شرعياً أو إعلامياً على حقائق قد تظهر ذات يوم! وقد انكشفت الآن وتتوقع محاسبة فلا يمكنك التستر خلف هذه الرسالة، ولا يمكنك أن تأخذها ساتراً لأعمال أخرى أنت مدان بها.
لن أضع الاحتمالات ولكن إن لم أخطئ الظن فإنك أصبت في جزء من غاياتك من وراء هذه الرسالة؛ فحقاً لم ولا ولن يُذكَر اسمك ليس في قامشلو فحسب، بل في أي مكان، ولم يك أحد يقرأ لك إن لم تعنون رسالتك بهذا العنوان الكبير.
ولكنني متأكد جداً بأنه لن يكون لك مكان في مستقبل سوريا فمن لا ماضي له لا حاضر له ولن يكون له مستقبل.