أنا الديك…. Ezim dîk……!!!

خليل كالو

  الرحمة على روحك وطيب الرب ثراك ودمت في الذاكرة  يا شاعر الكرد الكبير جكرخوين  Cegerxwîn إذ أنت الذي قلت يوم ما بأن النخب الكردية ومثلها العامة كلهم ديوك  Hemû dîkin  ولا دجاج بينهم  حيث يصيح الكل عند طلوع فجره الخاص به وأحياناً أخرى من دون مناسبة وموعد مألوف * ويسود بين الجمع الكردي ثقافة الأنا والأنا فقط .

كلهم زعماء ورجال سياسة وفلاسفة وعارفين والمسالة الكردية لدى البعض منهم كركوب تكسي سرفيس العنترية يركب متى شاء وينزل متى شاء وفي نفس الوقت هم عبيد وتائهين في مؤخرة الشعوب لا حول لهم ولا قوة ولا أحد يحترمهم لا هنا ولا هناك وماذا أيضاً يمكن أن يقال في هذا الموضوع فالأمر واضح لا لبس فيه ولا نقول شيء آخر سواه فهذا يكفي لأي عاقل لمعرفة نمط وطبيعة الشخصية النخبوية السائدة.
 هذه المفارقة العجيبة والبنية المركبة المعقدة في سلوك ونفسية المرء من النخب الكردية (لا استثني نفسي من هذا التوصيف) جعلته بالضرورة شخصية شبيه ذات مردود ضئيل قد زرع فيه الثقافة المؤسسة للصفة والسلوك المعطل للحركة والتفكير المبتدع والفكر اللامستقبلي  وأن الرضاعة من المنبع والإرث السلفي المتخلف حول البعض منهم إلى أنا الإله الأول والأخير والمستبد والصنم الآبد.

والمصيبة الكبرى الأخرى المتزامنة التي يعاني منه المجتمع الكردي من خلال نخبه منذ زمن بعيد هو فقدان المنهجية والبرنامج الوطني الجامع  والرسالة الواضحة  لهذه النخب من أجل المستقبل لكي تبنى عليها نقاط ارتكاز فعالة وقاعدة انطلاق  سواء كان من الناحية السياسية أو الثقافية لأي حراك  شعبي عام منتج .

    يخطأ من يظن أن السياسة الكردية  بشكلها الحالي والآن هي بانية ويمكن تعول عليها مستقبلا إذا لم تغير من منهجها وطبيعة حراكها وإطارها القديم تشارك فيها كافة الفعاليات الاجتماعية _(وليس العطاليات الاجتماعية) كونها غير نابعة من مصالح وإرادة الشعب الكردي الآنية ولا تتماشى مع المستجدات والتطورات على الأرض بل في معظمها ارتجالية وشخصانية ذات  أطوار غريبة  فهي تخرب وتهدم أكثر مما تبني ولن تكون لها فاعلية  وقاعدة جماهيرية ما لم تكن الشخصية النخبوية فيها فاعلة وحرة التفكير والحركة والرأي وتضم الجميع إطار مشترك قائم على المصلحة العامة و الإرادة الجماعية ضمن عقد مشترك والرغبة في الحركة بشكل متناغم بعيدا عن الأنا الضالة والعقيمة والنرجسية السياسية وأن يسود المجتمع الكردي ثقافة الصراع والتنافس من أجل الإنتاج لا الاستهلاك والتعطيل .

  
 
   لا تزال الكثير من النخب الكردية تعيش القديم البالي والذهنية السلفية من حيث نمط الثقافة والتفكير غير المنتج والسلوك النرجسي والوهم في معرفة الذات وليس لديها رسالة مستقبلية واضحة بعد  بالرغم من الحراك العارم والعنيف الذي يسود المنطقة وخاصة في الوطن السوري وبالإضافة إلى الظلم والاضطهاد والإنكار والتشتت الذي يعانيه.

وصياحهم في المقدمة تصم الآذان وفي كل مكان ولا يستمع أحدهم للآخر فالكل لديه مشاريع وخطط  وآراء أفلاطونية للتعبير عن الذات العصابية والكثيفة من دون فعل وثمر ومردود وهذا من طبيعة وسلوك الشعوب المتخلفة التي تعبر أفرادها عن ذاتها بكثرة الكلام  فلا يمكن أومن المستحيل حتى التفكير بتطور وتغيير حقيقي وعمل مؤسساتي كردواري حديث ومنتج  في ظل  منهج الثقافة والتفكير القديم  والشخصية المنتهية صلاحيتها , وفي مثل هكذا أجواء غير الطبيعية تكون ثقافة الإقصاء والتخوين والعناد والنرجسية سائدا وهذا أمر حتمي ونتيجة منطقية لمقدمات غير منطقية.

لذا يكون قيادة مثل هكذا المجتمعات الديوكية صعبة للغاية وتحتاج إلى تغيير جذري وهنا نود ذكر قول لهتلر ورد في كتابه كفاحي  في سياق هذه المسالة: من الصعوبة بمكان قيادة جيش جلهم من الضباط  أي من الديوك…!!!!   

*…..

الديك حيوان غير بياض و غير منتج ومغرور بشكله وصوته لا وظيفة له سوى التلقيح والبروز أمام الدجاج

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شيروان شاهين تحوّل الصراع في سوريا، الذي بدأ منذ 14 سنة كحركة احتجاجات شعبية، من حالة صراع بين ميليشيات مسلحة وسلطة منهكة على مستوى أطراف المدن والأرياف إلى صراع طال شكل الدولة ككل. حيث أفرزت الحرب الأهلية واقعًا وعنوانًا جديدًا في 8 ديسمبر 2024: انهيار دولة البعث وإعلان دولة القاعدة. تميّز حكم البعث، الذي بدأه أمين الحافظ “السني”…

اكرم حسين   طرح الأستاذ عاكف حسن في مقاله هل ما زلنا بحاجة إلى الأحزاب السياسية؟ إشكالية عميقة حول جدوى الأحزاب السياسية اليوم، متسائلاً عمّا إذا كانت لا تزال ضرورة أم أنها تحولت إلى عبء ، ولا شك أن هذا التساؤل يعكس قلقاً مشروعًا حيال واقع حزبي مأزوم، خاصة في سياقنا الكردي السوري، حيث تتكاثر الأحزاب دون أن تنعكس…

صلاح عمر   ثمة وجوه تراها حولك لا تشبه نفسها، تبتسم بقدر ما تقترب من الضوء، وتتجهم حين تبتعد عنه. وجوهٌ لا تعرف لها ملامح ثابتة، تتشكل وفقًا لدرجة النفوذ الذي تقترب منه، وتتلون بلون الكرسي الذي تطمح أن تجلس بقربه. هؤلاء هم “المتسلقون”… لا يزرعون وردًا في القلوب، بل ينثرون شوك الطمع على دروب المصالح. لا تعرفهم في البدايات،…

أزاد فتحي خليل*   لم تكن الثورة السورية مجرّد احتجاج شعبي ضد استبداد عمره عقود، بل كانت انفجاراً سياسياً واجتماعياً لأمة ظلت مقموعة تحت قبضة حكم الفرد الواحد منذ ولادة الدولة الحديثة. فمنذ تأسيس الجمهورية السورية بعد الاستقلال عام 1946، سُلب القرار من يد الشعب وتحوّلت الدولة إلى حلبة صراع بين الانقلابات والنخب العسكرية، قبل أن يستقر الحكم بيد…