نبيل شبيب
الاستبداد في سورية شامل للجميع، عرباً وأكراداً، والوطن في سورية جامع للجميع، عرباً وأكراداً، واسترداد الوطن من قبضة الاستبداد الدموية مهمة الجميع، عرباً وأكراداً، وهذا ما أدركه الثوار جميعاً، عرباً وأكراداً..
وليس ذكر الأكراد هنا إلاّ على سبيل المثال، فما تتحدث به الفقرات التالية يشمل ما يتعلق بالعلاقة بين الغالبية والأقليات عموماً، وبمختلف المعايير، أي يشمل مثلاً الشركس والآشوريين، ويشمل مثلاً آخر المسلمين والمسيحيين، ويشمل مثلاً ثالثاً السنة والعلويين والدروز والإسماعيليين.
الاستبداد في سورية شامل للجميع، عرباً وأكراداً، والوطن في سورية جامع للجميع، عرباً وأكراداً، واسترداد الوطن من قبضة الاستبداد الدموية مهمة الجميع، عرباً وأكراداً، وهذا ما أدركه الثوار جميعاً، عرباً وأكراداً..
وليس ذكر الأكراد هنا إلاّ على سبيل المثال، فما تتحدث به الفقرات التالية يشمل ما يتعلق بالعلاقة بين الغالبية والأقليات عموماً، وبمختلف المعايير، أي يشمل مثلاً الشركس والآشوريين، ويشمل مثلاً آخر المسلمين والمسيحيين، ويشمل مثلاً ثالثاً السنة والعلويين والدروز والإسماعيليين.
إنّما يؤخذ مثال الأكراد للبيان على ضوء أحد المعايير الانتمائية وهو المعيار القومي، لا سيما وأنّ أولى محاولات الاستبداد المتسلّط (التي لم تنقطع..
وتحمل حالياً عنوان محاولة إثارة فتنة طائفية) لشقّ صفوف الشعب الثائر، استهدفت الرابطة الوطنية الجامعة بين العرب والأكراد، فكان ذلك العرض المزيّف المغري المعروف، وكأنّه “هدية” يقدّمها من اغتصبها من قبل: إعادة الجنسية، وهي “بعض” الحق المسلوب من مئات ألوف الأكراد منذ أكثر من خمسين سنة.
لقد أدرك المواطنون الأكراد أبعاد اللعبة الاستبدادية، فرفضوا استبدال حق مغصوب بحق مغصوب آخر..
رفضوا أن يحصلوا على الجنسية، وينأوا بأنفسهم عن ثورة الحرية والكرامة.
إن وعي المواطنين الأكراد بالواقع الراهن هو الذي جعلهم قادرين على التمييز بين خطوة ظاهرها تحقيق مصلحة ذاتية، وحصيلتها خسارة مصلحة وهدف أكبر، وقادرين على تقدير أنّ من شأن انزلاقهم للقبول بهذه “اللعبة الاستبدادية” أن يفقد ما يحصلون عليه -إن حصلوا عليه أصلاً- قيمته الحقيقية.
…
إنّ الحقوق جميعها والحريات جميعها وإنّ مشاركة الجميع في صناعة القرار، دون أن يكون شيء من ذلك على حساب طرف من الأطراف أو فرد من الأفراد أو فئة من الفئات..
جميع ذلك وسواه (ومنه على سبيل الإجمال دون تفصيل: العدالة والتقدم والكرامة) هو مكوّنات متكاملة، لهدف الثورة الشعبية الجامعة، لا يُستغنى عن أيّ منها، ولا يمكن أن يتحقق شيء منها بطريق آخر، فجميع ذلك مرتبط ببعضه بعضاً ارتباطاً وثيقاً.
…
يترتب على ذلك الكثير ممّا يجب الحفاظ عليه في مسار الثورة ومسار عملية البناء الجديد للوطن والدولة، ويمكن تثبيت بعضه في الفقرات التالية بإيجاز شديد:
1- كل موقف يحفظ وحدة الثوار ووحدة طريقهم الآن مطلوب ومصيري، وكل موقف يثير النزاعات الجانبية مرفوض وخطير.
2- لا ينبغي تعامل الثورة والثوار مع بعضهم بعضاً، أو تعامل من يتصدّى للإعداد لحقبة انتقالية أو وضع مستقر متوازن دائم بعد إسقاط النظام، مع المواطنين الأكراد، ولا أن يتعامل المواطنون الأكراد مع الثورة والثوار وهم جزء منهم، ولا مع من يشتغلون سياسياً لِما بعد الثورة وهم جزء منهم، على أساس أنّ الأكراد أقليّة (وهذا ما يسري على جميع الفئات الأخرى التي تمثل نسبا دون نسبة الأكثرية سواء بمنظور عقدي أو قومي أو أي منظور آخر كما سبق التنويه) إنّما يجب أن يكون التعامل المتبادل على أساس أنهم مواطنون، قطعة من نسيج الوطن الواحد، كما أن الغالبية قطعة من هذا النسيج.
3- يترتب على ذلك أن لكل فرد من الأفراد جميعَ حقوق المواطنة، وعليه جميع واجباتها، دون استثناء، وبغض النظر عن كل انتماء.
4- ثم يترتب عليه إضافة إلى ذلك أنّ لكلّ أقلية خصوصياتها كما أنّ للغالبية خصوصياتها، وأنّ هذه الخصوصيات يجب أن تراعى دستورياً وتشريعياً وسياسياً واجتماعياً وثقافياً واقتصادياً، بما يحفظ التوازن على قاعدة التعددية، ويحول دون أن يكون للغالبية في أي وقت من الأوقات ميزات ما لأنها غالبية، على حساب الأقليات جميعا أو بعضها، أو أن يكون لأقلية أو أكثر ميزات ما على حساب الغالبية.
5- توجد حالياً وتوجد مستقبلاً مواضع تماسّ بين هذه الخصوصيات، لا بدّ من التعامل معها على أساس التفاهم دون الخلل في قاعدة المواطنة المشتركة، وليس على أساس الخلاف المؤدّي عادة إلى غلبة الأقوى عدداً أو موقعاً على الأضعف.
6- للتوضيح يمكن ذكر بعض نقاط التماس المهمّة، مثلاً (1): اللغة الرسمية للدولة هل تكون لغة الغالبية العربية فقط، أم لغة الأقلية الكردية أيضاً..
ومنها مثلاً آخر(2): هل يُحافظ على تسمية الدولة وفق واقع الغالبية فيها “العربية” أم ينبغي تجنّب ذلك مراعاة لقوميات أخرى..
ومنها مثلاً ثالثاً (3): كيف تُمنع الغالبية من الحيلولة دون حظر جانب من جوانب الخصوصية للأقليات في الميادين اللغوية والثقافية والاجتماعية وغيرها..
ومنها مثلاً رابعاً وأخيراً (4): هل توجد فوارق على هذه الأصعدة ترتبط بتفاوت عددي بين الأقليات، فالأكراد هنا مثال، والنسيج الوطني يجمع أيضاً الشركس والأرمن والآشوريين، ويجمع المسلمين والمسيحيين، ويجمع السنة والدروز والعلويين..
وهكذا.
7- إنّ إثارة الخلاف حول أي قضية من هذه القضايا المرتبطة بنقاط التماس المذكورة وأمثالها، أثناء الثورة وقبل الشروع الفعلي في عملية البناء بعد إسقاط النظام، لا تختلف في جوهرها ومفعولها عن أسلوب الاستبداد في محاولته شق صفوف الثوار عن طريق “عرض الجنسية” المخادع على المواطنين الأكراد.
8- الحرص على عدم إثارة الخلاف حول نقاط التماس، لا يعني الامتناع عن التفاهم الآن على ضمانات ألاّ تصبح سبب خلاف مستقبلاً.
9- من هنا السؤال: ما هي الضمانات التي يمكن -ويجب- تقديمها لجميع مكوّنات النسيج الوطني، وعلى وجه التخصيص الأقليات فيه، الآن، أثناء الثورة، لترسيخ الاطمئنان إلى أنّ ما بعد الثورة سيشهد على أرض الواقع ما يعنيه تثبيتُ قاعدة المواطنة أساساً مشتركاً يحفظ توازن الحقوق والواجبات والخصوصيات بين جميع الأفراد والفئات الشعبية.
10- بعض هذه الضمانات يصنعه التاريخ القريب ومسار الثورة نفسها..
فالعهد الاستبدادي القمعي الفاسد الدموي، أوجد -رغماً عنه- لدى عموم شعب سورية، أفرادا وفئات وطوائف وأطيافا، درجة عالية من الإدراك الواعي، للاقتناع الجازم، بأنّ استغلال أي وضع من الأوضاع لصالح الغالبية مثلاً، أو لصالح أقلية بعينها دون أخرى، لا بدّ أن يفضي آجلاً أو عاجلاً، إلى مخاطر وأضرار تصيب الجميع دون استثناء، بمن في ذلك الفئة التي تحسب أنّها حصلت على ميزات لنفسها لفترة من الفترات، بوسائل “الغلبة”.
11 – ومن هذه الضمانات ما ينبغي للعاملين الآن من أجل رؤية مستقبلية لسورية ما بعد الثورة، أو ما بعد تحقيق هدفها الأول: إسقاط النظام المستبد الفاسد، أن يضعوا صياغة له بطريق التواصل والحوار والاجتهاد، أي بطريق التفاهم وليس الخلاف.
12- من الضمانات الممكن تحقيقها كمثال: صياغة ميثاق وطني (أو عقد مواطنة اجتماعي..
لا تهمّ التسمية بل المضمون) يثبّت عددا من المبادئ والأسس والقواعد التي ينبغي الحفاظ عليها والالتزام بها، بغض النظر عن التفاصيل المرتبطة بصياغة الدستور وتشكيل الأجهزة، وبغض النظر عن المرجعية التي يتمّ تثبيتها عبر تحكيم الإرادة الشعبية، التي تمثل بطبيعة الحال “الغالبية”، أي التوافق على سريان مفعول ما يجري تثبيته في الميثاق الوطني، مما يحمل صفة القواسم المشتركة بين المرجعيات المتعددة والانتماءات المتعددة، بحيث يكون تحكيم الإرادة الشعبية في اختيار المرجعية عند بناء الدولة الجديدة، شاملاً لِما يجري تثبيته من مبادئ وأسس وقواعد، يمكن أن تكتسب في نص الدستور الذي يجري الاستفتاء الشعبي الشامل عليه، صيغة مواد توافقية جامعة غير قابلة للتعديل أو الإلغاء.
…
إنّ العاملين في المبادرات والمؤتمرات جميعاً، مدعوون إلى حمل مسؤوليتهم على هذا الصعيد، مسؤولية التوافق والتفاهم لا الخلاف والتصادم، وهي مسؤولية جسيمة..
ثقيلة فيما يترتب عليها، ولكنها رغم ذلك لا تساوي عُشر معشار ما يحمله الثوار من مسؤولية عبر ما يقدّمونه من تضحيات بطولية، في ثورتهم المشتركة الواحدة، على أرض وطنية جامعة، وهذا بعض ما يعنيه التأكيد المتكرّر، إنّ على من يوصفون بالسياسيين والمفكرين والناشطين والحقوقيين وما شابه ذلك، أفرادا وتجمعات، أن يرتفعوا إلى مستوى هذا الشعب البطولي الكريم الثائر، بكلّ مكوّناته، من غالبية وأقليات، دون تمييز، ومن يعجز الآن عن أن يرتفع بنفسه إلى هذا المستوى، يعجز تلقائياً عن أن يكون موضع الثقة الشعبية في المستقبل.
وتحمل حالياً عنوان محاولة إثارة فتنة طائفية) لشقّ صفوف الشعب الثائر، استهدفت الرابطة الوطنية الجامعة بين العرب والأكراد، فكان ذلك العرض المزيّف المغري المعروف، وكأنّه “هدية” يقدّمها من اغتصبها من قبل: إعادة الجنسية، وهي “بعض” الحق المسلوب من مئات ألوف الأكراد منذ أكثر من خمسين سنة.
لقد أدرك المواطنون الأكراد أبعاد اللعبة الاستبدادية، فرفضوا استبدال حق مغصوب بحق مغصوب آخر..
رفضوا أن يحصلوا على الجنسية، وينأوا بأنفسهم عن ثورة الحرية والكرامة.
إن وعي المواطنين الأكراد بالواقع الراهن هو الذي جعلهم قادرين على التمييز بين خطوة ظاهرها تحقيق مصلحة ذاتية، وحصيلتها خسارة مصلحة وهدف أكبر، وقادرين على تقدير أنّ من شأن انزلاقهم للقبول بهذه “اللعبة الاستبدادية” أن يفقد ما يحصلون عليه -إن حصلوا عليه أصلاً- قيمته الحقيقية.
…
إنّ الحقوق جميعها والحريات جميعها وإنّ مشاركة الجميع في صناعة القرار، دون أن يكون شيء من ذلك على حساب طرف من الأطراف أو فرد من الأفراد أو فئة من الفئات..
جميع ذلك وسواه (ومنه على سبيل الإجمال دون تفصيل: العدالة والتقدم والكرامة) هو مكوّنات متكاملة، لهدف الثورة الشعبية الجامعة، لا يُستغنى عن أيّ منها، ولا يمكن أن يتحقق شيء منها بطريق آخر، فجميع ذلك مرتبط ببعضه بعضاً ارتباطاً وثيقاً.
…
يترتب على ذلك الكثير ممّا يجب الحفاظ عليه في مسار الثورة ومسار عملية البناء الجديد للوطن والدولة، ويمكن تثبيت بعضه في الفقرات التالية بإيجاز شديد:
1- كل موقف يحفظ وحدة الثوار ووحدة طريقهم الآن مطلوب ومصيري، وكل موقف يثير النزاعات الجانبية مرفوض وخطير.
2- لا ينبغي تعامل الثورة والثوار مع بعضهم بعضاً، أو تعامل من يتصدّى للإعداد لحقبة انتقالية أو وضع مستقر متوازن دائم بعد إسقاط النظام، مع المواطنين الأكراد، ولا أن يتعامل المواطنون الأكراد مع الثورة والثوار وهم جزء منهم، ولا مع من يشتغلون سياسياً لِما بعد الثورة وهم جزء منهم، على أساس أنّ الأكراد أقليّة (وهذا ما يسري على جميع الفئات الأخرى التي تمثل نسبا دون نسبة الأكثرية سواء بمنظور عقدي أو قومي أو أي منظور آخر كما سبق التنويه) إنّما يجب أن يكون التعامل المتبادل على أساس أنهم مواطنون، قطعة من نسيج الوطن الواحد، كما أن الغالبية قطعة من هذا النسيج.
3- يترتب على ذلك أن لكل فرد من الأفراد جميعَ حقوق المواطنة، وعليه جميع واجباتها، دون استثناء، وبغض النظر عن كل انتماء.
4- ثم يترتب عليه إضافة إلى ذلك أنّ لكلّ أقلية خصوصياتها كما أنّ للغالبية خصوصياتها، وأنّ هذه الخصوصيات يجب أن تراعى دستورياً وتشريعياً وسياسياً واجتماعياً وثقافياً واقتصادياً، بما يحفظ التوازن على قاعدة التعددية، ويحول دون أن يكون للغالبية في أي وقت من الأوقات ميزات ما لأنها غالبية، على حساب الأقليات جميعا أو بعضها، أو أن يكون لأقلية أو أكثر ميزات ما على حساب الغالبية.
5- توجد حالياً وتوجد مستقبلاً مواضع تماسّ بين هذه الخصوصيات، لا بدّ من التعامل معها على أساس التفاهم دون الخلل في قاعدة المواطنة المشتركة، وليس على أساس الخلاف المؤدّي عادة إلى غلبة الأقوى عدداً أو موقعاً على الأضعف.
6- للتوضيح يمكن ذكر بعض نقاط التماس المهمّة، مثلاً (1): اللغة الرسمية للدولة هل تكون لغة الغالبية العربية فقط، أم لغة الأقلية الكردية أيضاً..
ومنها مثلاً آخر(2): هل يُحافظ على تسمية الدولة وفق واقع الغالبية فيها “العربية” أم ينبغي تجنّب ذلك مراعاة لقوميات أخرى..
ومنها مثلاً ثالثاً (3): كيف تُمنع الغالبية من الحيلولة دون حظر جانب من جوانب الخصوصية للأقليات في الميادين اللغوية والثقافية والاجتماعية وغيرها..
ومنها مثلاً رابعاً وأخيراً (4): هل توجد فوارق على هذه الأصعدة ترتبط بتفاوت عددي بين الأقليات، فالأكراد هنا مثال، والنسيج الوطني يجمع أيضاً الشركس والأرمن والآشوريين، ويجمع المسلمين والمسيحيين، ويجمع السنة والدروز والعلويين..
وهكذا.
7- إنّ إثارة الخلاف حول أي قضية من هذه القضايا المرتبطة بنقاط التماس المذكورة وأمثالها، أثناء الثورة وقبل الشروع الفعلي في عملية البناء بعد إسقاط النظام، لا تختلف في جوهرها ومفعولها عن أسلوب الاستبداد في محاولته شق صفوف الثوار عن طريق “عرض الجنسية” المخادع على المواطنين الأكراد.
8- الحرص على عدم إثارة الخلاف حول نقاط التماس، لا يعني الامتناع عن التفاهم الآن على ضمانات ألاّ تصبح سبب خلاف مستقبلاً.
9- من هنا السؤال: ما هي الضمانات التي يمكن -ويجب- تقديمها لجميع مكوّنات النسيج الوطني، وعلى وجه التخصيص الأقليات فيه، الآن، أثناء الثورة، لترسيخ الاطمئنان إلى أنّ ما بعد الثورة سيشهد على أرض الواقع ما يعنيه تثبيتُ قاعدة المواطنة أساساً مشتركاً يحفظ توازن الحقوق والواجبات والخصوصيات بين جميع الأفراد والفئات الشعبية.
10- بعض هذه الضمانات يصنعه التاريخ القريب ومسار الثورة نفسها..
فالعهد الاستبدادي القمعي الفاسد الدموي، أوجد -رغماً عنه- لدى عموم شعب سورية، أفرادا وفئات وطوائف وأطيافا، درجة عالية من الإدراك الواعي، للاقتناع الجازم، بأنّ استغلال أي وضع من الأوضاع لصالح الغالبية مثلاً، أو لصالح أقلية بعينها دون أخرى، لا بدّ أن يفضي آجلاً أو عاجلاً، إلى مخاطر وأضرار تصيب الجميع دون استثناء، بمن في ذلك الفئة التي تحسب أنّها حصلت على ميزات لنفسها لفترة من الفترات، بوسائل “الغلبة”.
11 – ومن هذه الضمانات ما ينبغي للعاملين الآن من أجل رؤية مستقبلية لسورية ما بعد الثورة، أو ما بعد تحقيق هدفها الأول: إسقاط النظام المستبد الفاسد، أن يضعوا صياغة له بطريق التواصل والحوار والاجتهاد، أي بطريق التفاهم وليس الخلاف.
12- من الضمانات الممكن تحقيقها كمثال: صياغة ميثاق وطني (أو عقد مواطنة اجتماعي..
لا تهمّ التسمية بل المضمون) يثبّت عددا من المبادئ والأسس والقواعد التي ينبغي الحفاظ عليها والالتزام بها، بغض النظر عن التفاصيل المرتبطة بصياغة الدستور وتشكيل الأجهزة، وبغض النظر عن المرجعية التي يتمّ تثبيتها عبر تحكيم الإرادة الشعبية، التي تمثل بطبيعة الحال “الغالبية”، أي التوافق على سريان مفعول ما يجري تثبيته في الميثاق الوطني، مما يحمل صفة القواسم المشتركة بين المرجعيات المتعددة والانتماءات المتعددة، بحيث يكون تحكيم الإرادة الشعبية في اختيار المرجعية عند بناء الدولة الجديدة، شاملاً لِما يجري تثبيته من مبادئ وأسس وقواعد، يمكن أن تكتسب في نص الدستور الذي يجري الاستفتاء الشعبي الشامل عليه، صيغة مواد توافقية جامعة غير قابلة للتعديل أو الإلغاء.
…
إنّ العاملين في المبادرات والمؤتمرات جميعاً، مدعوون إلى حمل مسؤوليتهم على هذا الصعيد، مسؤولية التوافق والتفاهم لا الخلاف والتصادم، وهي مسؤولية جسيمة..
ثقيلة فيما يترتب عليها، ولكنها رغم ذلك لا تساوي عُشر معشار ما يحمله الثوار من مسؤولية عبر ما يقدّمونه من تضحيات بطولية، في ثورتهم المشتركة الواحدة، على أرض وطنية جامعة، وهذا بعض ما يعنيه التأكيد المتكرّر، إنّ على من يوصفون بالسياسيين والمفكرين والناشطين والحقوقيين وما شابه ذلك، أفرادا وتجمعات، أن يرتفعوا إلى مستوى هذا الشعب البطولي الكريم الثائر، بكلّ مكوّناته، من غالبية وأقليات، دون تمييز، ومن يعجز الآن عن أن يرتفع بنفسه إلى هذا المستوى، يعجز تلقائياً عن أن يكون موضع الثقة الشعبية في المستقبل.
المصدر: http://www.ikhwansyria.com