حول البحث عن تأسيس هيئة تمثيلية !

جوان يوسف: 

بداية لابد من شكر موقع ولاتي مه لمبادرته ، حول البحث عن آلية تأسيس هيئة تمثيلية ومصدر قرار كوردي موحد وهي مبادرة أعتقد أنها تأتي في سياق تحفيز العقل الكوردي ، للبحث عن مخرج لازمة الواقع الكوردي ، الذي يعيش في حالة تعويم للخطاب والمفاهيم والاهداف  السياسية ، منذ أن تلمس الكورد في سوريا الوعي السياسي والتنظيمي .

وهو جهد يشكر عليه ، لكن ما لفت انتباهي ، هو الالتباس الحاصل (من وجهة نظري) بين السؤال المطروح وأجوبة السادة الكتاب ، ففي حين ركز السؤال على البحث عن الاليات ، كانت معظم الاجوبة  تقريبا  توصف الحال الراهن، وطبعا هذا لاينتقص من جهدهم عموما لكن يبقى الموضوع الاساسي غائبا .
استهلال : اعتقد أن “المشروع السياسي الكوردي ” يعيش حالة ارباك وتعويم ادى الى الكثير من التشوش في الوعي السياسي لدى المتلقين عامة  تجسد في اكثر من مستوى:
 اولها : نفى المشروع عن نفسه ان يكون حركة تحرر وطني يسعى الى بناء دولته المستقلة وما يترتب على ذلك من اليات لتنفيذ برنامجه، سواء على المستوى التنظيمي أو الخطاب السياسي والتعبوي .
 وثانيا لم يختار أن تكون سورية وطنا نهائيا له، بالجغرافية المحددة ، وفق سايكس بيكو ، وبالتالي يكون  تعبيرا صادقا عن هموم كامل المجتمع وجزء أساسي من قوى التغييرفي سوريا ، وما يترتب عن ذلك من شراكة حقيقية في السلطة والثروة ضمن قاعدة التمايز القومي والوحدة السياسية .
ولا هو استطاع ثالثا  ان يزاوج  بين أن يكون حامل للتغيير باتحاه  انشاء نظام ديمقراطي يكون مدخل لحل القضية الكوردية في سوريا وبين حلمها (وهذا حق) في تقرير مصيرها  بما يعني بناء دولة كردستانية  .
 لهذا نجد أن المشروع السياسي واقف في الهوة الفاصلة بين انتمائه السوري والكردستاني ، وبدت مفاهيم الوطنية والقومية تشكل عبئا عليه، فضلا عن انها مبهمة تماما ،مما أدى الى إنفصاله عن المجتمع الكوردي وبات يسبح في فضاء اقل مايقال عنه أنه خارج هموم المواطن الاعتيادية المادية منها والايديولوجية  من جهة  , ووقع تحت ضغوطات السلطة لضعفه السياسي والتنظيمي من جهة ثانية ، بحيث بات عبارة عن استطالات للخارج (بحكم علاقاته مع الاطر الكوردستانية ووقوعها تحت هيمنة خطابها السياسي ) من وجهة نظر السلطة وجزء من المعارضةالسورية ، واستطالات للسلطة من وجهة نظر المجتمع والجزء المتبقي من المعارضة السورية  ، ومن هنا نراه دائما هو من يقدم الضمانات وحسن النية في أي حوا ر أو لقاء مع أطراف المعارضة العربية ، وكان اخره ما قدمته من ضمانات توثيقية لما سميً بهيئة التنسيق الوطني  للتغيير الديمقراطي ،…..

(وهذا لايتعارض كون سوريا جزء من الوطن العربي) وقبلها في وثيقة إعلان دمشق و………..
في هذا الوضع( اللا-  مع ) وهو وضع مأزوم حكما ، بات الحفاظ على ذاته همه الأساسي ، بدلا من العمل على تنفيذ مقدمات مشروعه السياسي المفترض الذي تأسس من أجله ، ومن أجل ذلك جنح دائما للبحث عن مشاريع الوحدات والتجمعات  ليعيد انتاج ذاته المأزومة .

بعيدا عن اصحاب المصلحة الحقيقية .
ورغم الادراك التام إن الاستبداد القائم في سوريا منذ عقود فرغ المجتمع عموما من السياسة ، و شكل عائقا مهما أمام قطاعات واسعة من المجتمع ، لاخذ دورها الريادي في انتاج وعي سياسي ، الا انها (الاحزاب) بقيت حبيس نفسها ولم تنجز ما يخرجها من حالة الاستلاب للسلطة ،  والاغتراب عن المجتمع ، رغم كل المحاولات الحثيثة شكلا .
القضية  التي اشر ت إليها قد تدفع البعض إلى الاعتقاد بأنني متحامل على هذه الأحزاب ، بيد أن تصوراتي لاتلغي أهمية نضالات هذه الأحزاب ، ولاسيما إذا أدركنا أن هذه الأحزاب “تعبيرات” مجتمعية تدافع عن مصالحها ، وهي مرتبطة أوثق ارتباط ، بدرجة ووعي المجتمع ، ووجودها ضرورة هي من ضرورات إنتاج المجتمع لتمثيلاته السياسية والثقافية (وإن ترهلت وباتت تشكل عبئ على كاهله) في هذا السياق أعتقد يأتي سؤال الاخوة في ولاتي مه حول آلية تأسيس هيئة تمثيلية ومصدر قرار كردي موحد وهم مشكورين على ذلك .
مما تقدم ، أعتقد بات من الضروري انتاج رؤية كوردية للتغيير في سوريا ، تتمثل فيها مصالح اكثر قطاعات المجتمع الكوردي ، ولن استبق الامر في ذلك ، ملتزما بالسؤال المطروح حول البحث عن الاليات قبل الخوض في الرؤية  والتصورات السياسية .
 وأجد من الهام البحث عن أليات لتشكيل هيئة تتمثل فيها الى حد بعيد تعبيرات المجتمع ، ومن ثم صياغة الرؤية الكوردية لمستقبلنا .
وهنا لابد من الاشارة أن ما أطرحه مجموعة من الافكار أرجوا أن تكون مساهمة في الاتجاه الصحيح   

  نحو هيئة التمثيل :
 
اولا  حتى في اعتى الديمقراطيات ، المساهمين في صنع القرار ،هم اللذين يتوجهون الى صناديق الاقتراع ، وعادة هؤلاء لايشكلون سوى نسبة ضيئلة من اللذين يحق لهم التصويت ، وقياسا على ذلك ، فالهيئة لابد ان تكون من الناشطين والمشتغلين بالشأن العام عموما ، وليس اللهاث وراء هؤلاء الصامتين من المجتمع  مع جل تقديرنا لهم .
ثانيا : يمكن الاستفادة من النقابات كونها تجمعات قائمة ، وتشمل تقريبا كل قطاعات المجتمع (اقصد هنا الكورد) بحيث يتم اختيار ممثليهم ،  وبهذه الالية  نكون  انتجنا ما يمكن تسميته بالنقابات الموازية ، يستفاد منها بمستويين الاولى اشتقاق التمثيل منها وثانيا تصبح كتلة منظمة حركية ترفد الهيئة التمثيلية او مركز القرار الكوردي  المفترض .
ثالثا بالنسبة  للشباب  اللذين باتوا محط الانظار ، يمكن الاستفادة من المجموعات الشبابية  لاختيار ممثليهم ، بالاخص اصبح لهم الان الى حد ما تمثيلاتهم مع الاخذ بعين الاعتبار الكتلة الشبابية النشيطة  التي لم تنطوي تحت مسميات محددة
رابعا : بالنسبة للمرأة ولضعف الاهتمام بها ، ومن هن خارج النقابات ، اعطائهم تسهيلات في التمثيل بحيث توجه الدعوة عامة لهم ويفتح المجال أمامهم للمشاركة والتمثيل الواسع .
خامسا: الكتلة الحزبية ،رغم اغلبهم ممثلين في النقابات،لكن تقديرا لجهودهم ، لابد من تمثيلهم وفق قاعدة لكل حزب ممثل  
سادسا: لدينا قطاع واسع من الفلاحين (نقابة الفلاحين هي اضعف نقابة في سورية )والعمال المياومين  اللذين لاينتمون الى نقابة او جمعية لابد من مساعدتهم في اختيار ممثليهم ، واعتقد انها المهمة الاصعب ولابد من اخذ الوقت والجهد والاهتمام الكافي ليتمكن هؤلاء من ايصال صوتهم .
سابعا : صيغة الكوتات يجب الابتعاد عنها تماما لانو ما في حدى أحسن من حدى
من ممثلي هؤلاء جميعا يمكن الخروج بهيئة تأسيسية وورقة عمل أولية حول مجمل القضايا المطروحة على الساحة الكوردية والدعوة على اساسها الى مؤتمر كوردي ينبثق عنه هيئة تمثيلية تكون مصدر القرارالكوردي
ما تقدم هي اليات نظرية تحتاج الى التمويل المالي وتحتاج الى مجموعة اشخاص لتحمل مسؤولية المتابعة والتنسيق
دون ان ننسى دور الاعلام المرئي ،في توجيه واعلام الناس ، على اهمية هذه الهيئة .
ملاحظة اخيرة  لابد من التأكيد : ان هذا العمل سيخلق معارضة  ،وانا اراها  مشروعة ، تنبثق شرعيتها ، من مشروعية الهيئة التأسيسية ذاتها
جوان يوسف  / قامشلو 15/7/2011
ciwanyusif@yahoo.com

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد جميل محمد جسّدت مؤسسة البارزاني الخيرية تلك القاعدة التي تنصّ على أن العمل هو ما يَمنحُ الأقوالَ قيمتَها لا العكس؛ فقد أثبتت للكُرد وغير الكُرد أنها خيرُ حضن للمحتاجين إلى المساعدات والمعونات والرعاية المادية والمعنوية، ومن ذلك أنها كانت في مقدمة الجهات التي استقبلَت كُرْدَ رۆژاڤایێ کُردستان (كُردستان سوريا)، فعلاً وقولاً، وقدّمت لهم الكثير مما كانوا يحتاجونه في أحلك…

ريزان شيخموس بعد سقوط نظام بشار الأسد، تدخل سوريا فصلًا جديدًا من تاريخها المعاصر، عنوانه الانتقال نحو دولة عادلة تتّسع لكلّ مكوّناتها، وتؤسّس لعقد اجتماعي جديد يعكس تطلعات السوريين وآلامهم وتضحياتهم. ومع تشكيل إدارة انتقالية، يُفتح الباب أمام كتابة دستور يُعبّر عن التعدد القومي والديني والثقافي في سوريا، ويضمن مشاركة الجميع في صياغة مستقبل البلاد، لا كضيوف على مائدة الوطن،…

كلستان بشير الرسول شهدت مدينة قامشلو، في السادس والعشرين من نيسان 2025، حدثا تاريخيا هاما، وهو انعقاد الكونفرانس الوطني الكوردي الذي انتظره الشعب الكوردي بفارغ الصبر، والذي كان يرى فيه “سفينة النجاة” التي سترسو به إلى برّ الأمان. إن هذا الشعب شعبٌ مضحٍّ ومتفانٍ من أجل قضيته الكردية، وقد عانى من أجلها، ولعقود من الزمن، الكثير الكثير من أصناف الظلم…

إبراهيم اليوسف ما إن بدأ وهج الثورة السورية يخفت، بل ما إن بدأت هذه الثورة تُحرَف، وتُسرق، وتُستخدم أداة لسرقة وطن، حتى تكشّف الخيط الرفيع بين الحلم والانكسار، بين نشيد الكرامة ورصاص التناحر. إذ لم يُجهَض مشروع الدولة فحسب، بل تم وأده تحت ركام الفصائل والرايات المتعددة، التي استبدلت مفردة “الوطن” بـ”الحيّ”، و”الهوية الوطنية” بـ”الطائفة”، و”الشعب” بـ”المكوّن”. لقد تحولت الطائفة…