م .
بافي زين هل يكفي تدوين التاريخ مرة واحدة ؟ ألا يتعرض التاريخ المكتوب للتحريف والتزوير والتشويه ؟ ألا يمكن للقوي المنتصر اللعب به وصياغته على مزاجه ومقاسه ورؤيته مهما خالف الحقيقة ؟ حتى التاريخ المحفور على الصخور والرقيمات تتعرض للتشويه و التحريف .
نعتقد أنه لا يكفيى تدوين التاريخ لمرة واحدة , ولا من قبل فريق واحد أو طرف معين فقط ، لما يتعرض له من تغيير و تشويه ,والتاريخ الذي بين أيدي الناس ليس هو المكتوب منذ البداية ، ولم يُكتفَى به ، بل يعاد صياغته باستمرار وفق جدلية الزمان والمكان ، وتغيير موازين القوى , وما يستجد من معلومات , أو من خلال التطور الأفقي في مذاهبه وفلسفاته, وظهور أدوات فكرية جديدة تستخدم لفهم كينونة التأريخ وجدليته على الدوام , ومما لاشك فيه أن أحدا ، من المؤرخين أو الفلاسفة ، ومهما عظمت قوته , على مستوى الدول والمؤسسات وحتى الأفراد ,لا يستطيع أن يحتكر كتابة التاريخ ولا اعتقال صدقيته ,
بافي زين هل يكفي تدوين التاريخ مرة واحدة ؟ ألا يتعرض التاريخ المكتوب للتحريف والتزوير والتشويه ؟ ألا يمكن للقوي المنتصر اللعب به وصياغته على مزاجه ومقاسه ورؤيته مهما خالف الحقيقة ؟ حتى التاريخ المحفور على الصخور والرقيمات تتعرض للتشويه و التحريف .
نعتقد أنه لا يكفيى تدوين التاريخ لمرة واحدة , ولا من قبل فريق واحد أو طرف معين فقط ، لما يتعرض له من تغيير و تشويه ,والتاريخ الذي بين أيدي الناس ليس هو المكتوب منذ البداية ، ولم يُكتفَى به ، بل يعاد صياغته باستمرار وفق جدلية الزمان والمكان ، وتغيير موازين القوى , وما يستجد من معلومات , أو من خلال التطور الأفقي في مذاهبه وفلسفاته, وظهور أدوات فكرية جديدة تستخدم لفهم كينونة التأريخ وجدليته على الدوام , ومما لاشك فيه أن أحدا ، من المؤرخين أو الفلاسفة ، ومهما عظمت قوته , على مستوى الدول والمؤسسات وحتى الأفراد ,لا يستطيع أن يحتكر كتابة التاريخ ولا اعتقال صدقيته ,
وإن كان مرتبطاً بشكلّ ماسٍّ لكيانه الجمعي, دون أن يخضع لوسيلة النقد والشك وأحياناً التكذيب , كون العملية التأريخية تحوي بين طياته جملة من المتناقضات الذاتية والموضوعية والباحث في هذه الحالة قد يدنو من الحقيقة أثناء القيام بمهامه, أو يبتعد عنها وذلك حسب رؤيته المشخصة للواقع وقراءته له , وما يتعرض له من ضغوط نفسية وعاطفية واعتبارات مزاجية ونفعية متعددة وعوامل أخرى لا مجال لذكرها0
يقال: إن بعض فراعنة مصر القدامى قبل آلاف السنين، حين كان التاريخ يُسجَل عن طريق حفر النقوش على الأحجار الصلدة ، إنهم كانوا يمحون حفريات ونقوش أسلافهم و يعيدون كتابة بعض الأحداث ناسبين إلى أنفسهم معارك لم يخوضوها وانتصارات لم يحرزوها , وكذلك يخبرنا الأحداث ، بعد وفاة فلاديمير إيليتيش لينين – قائد الثورة البلشفية الروسية – أنّ صراعاً مريراً دار من بعده بين أبرز رفيقين له وهما جوزيف ستالين وتروتسكي , انتهى بانتصار الأول وبطرد الثاني, فعاد ستالين إلى وثائق الثورة وأمحى كل عمل هام قام به تروتسكي, لا بل عمد إلى تشويه صورته, ولم تنجُ اللوحات الزيتية التي رسمها الفنانون لأحداث الثورة وعلقت في المتاحف العامة, فأعيدت الريشة إليها لتمحو وجه تروتسكي النضالي في الثورة 0
لابد من التذكير بالدور الايجابي والهام للمستشرقين الأجانب ( هولنديين – فرنسيين – ألمان – انكليز – روس )في استكشاف العديد من المعالم والآثار في المنطقة ، ففي مصر مثلاً يعود لهم الفضل في اكتشاف ” حجر الرشيد ” وكنوز ” غنج آمون ” وفك أسرار الكتابة الهيروغليفية وغيرها من الآثار والتحف والمواقع الأثرية ، ولا تزال أبحاثهم معتمدة في العديد من المراكز البحثية والجامعات العالمية وإن عدنا إلى التذكير بالحضارة الإسلامية منذ عهد النبي وخلفاء الراشدين ، مروراً بالأمويين والعباسيين والحضارة الأندلسية ، والأيوبية في مصر و الشام ، والفاطميين في مصر .
نجد أن حضارة المنطقة قد تمَّ اختزال مكوناتها العلمية والثقافية والعمرانية في العنصر العربي فقط ، وتم تجاهل العناصر غير العربية المشاركة في بنائها ، وإن تمَّ ذكرها فبشكل خجول ، و حصل تزوير فاضح في تنسيب العمل الحضاري للآخرين إلى العرب ، حتى أصبحت الحضارة الإسلامية جزءاً من الحضارة العربية وليس العكس .
لذا سميت بالحضارة العربية الإسلامية علماً إن العديد ممن شاركوا في بنائها وازدهارها ورفعوا من شأنها في كافة مجالات الحياة ، خاصة الثقافية والعمرانية منها، لم يُذكَر لهم أي دور بل نسبت أصولهم وأعمالهم العظيمة إلى العروبة والأمة العربية .
فالكثير ممن أبحروا في علوم الفقه والرياضيات والفلك هم من الأعاجم – قوميات غير عربية – أمثال : سيبويه ، أحمد الفراهيدي ، ابن خلكان ، ابن الأثير، ابن ماجه ، صلاح الدين الأيوبي ، محمد كرد علي ….إلخ ، إذاً جل ما كتب في الفلسفة والنحو والعلوم التجريدية يُنسَب إلى الأمة العربية والعنصر العربي وبالتالي إلى الحضارة العربية ، علماً بأن من وضع اللبنات الأولى لهذه الحضارة وساهم بشكل فعال فيها في شتى المجالات ، هم من العجم إلى جانب العرب .
ومن يبحر في بطون الكتب ويبحث فيما سمي بـ ((تاريخ العرب الحديث )) لا يجد فيه سوى صورة واحدة ، فيه تمجيد للأمة والتغني بالهزائم وتحويلها إلى انتصارات ولا مجال فيها للاخفاقات والانكسارات ، وإن حاول البعض الوقوف بجدية أمام حقائق التاريخ وأدلى بدلوه فيه واقترب من الحقيقة وذكر الجوانب السلبية فيه فسيلقى السجن أو الملاحقة ، تحت ذرائع وحجج واهية وجاهزة (( كالعصف بالأمة وتاريخها و خدمة الأعداء )) .
وعندما يزول ظلم الدكتاتورية وينحسر الاستبداد أمام شعاع الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير ، عندها سيُكتَب التاريخ من جديد ، لكن دون انحرافٍِ أو تزويرٍ ، بل تُذكر الحقائق التاريخية كما هي ، عندها ستظهر الحضارة العربية والإسلامية الحقة – دون أن تلحق الإسلامية بالعربية في المصطلح – بتلاوينها القومية العديدة وتنوعها الفذ ، وستظهر مساهمات الشعوب فيها ، كلٌّ حسب حجمه ودوره فيها .
وعندها أيضاً سيُكتَب التاريخ الجديد وتُسمَّى فيه الأشياء بأسمائها ، انهزمنا هنا ، وانتصرنا هناك ، الهزيمة والنصر كفعلان تاريخيان متعاقبان زمنياً حسب الظروف وليس حسب أهواء الحكام .
وأخيراً ، بذرة الشك تبقى حيةً لدى الكثيرين حول سر العملية التاريخية كونها تحتكر لجهة الأقوى والمنتصرة في الغالب ، والتي تمتلك الإرادة في تحويل مسار الأحداث لصالحهم ، فيأتي المشهد أحادياً خالياً من المصداقية وقد تستمر هذه الحالة إلى حين ، لكنها لن تدوم إلى أبد الدهر ، فالمنتصر القوي اليوم الذي استحوذ على ناصية التاريخ قد يكون هو المهزوم الضعيف غداً ، فيُصاغ ما كُتِب من جديد ، وهكذا قد تستمر التقلبات التاريخية إلى آجالٍ غير مسمّى ، إلى (( نهاية التاريخ)) .
يقال: إن بعض فراعنة مصر القدامى قبل آلاف السنين، حين كان التاريخ يُسجَل عن طريق حفر النقوش على الأحجار الصلدة ، إنهم كانوا يمحون حفريات ونقوش أسلافهم و يعيدون كتابة بعض الأحداث ناسبين إلى أنفسهم معارك لم يخوضوها وانتصارات لم يحرزوها , وكذلك يخبرنا الأحداث ، بعد وفاة فلاديمير إيليتيش لينين – قائد الثورة البلشفية الروسية – أنّ صراعاً مريراً دار من بعده بين أبرز رفيقين له وهما جوزيف ستالين وتروتسكي , انتهى بانتصار الأول وبطرد الثاني, فعاد ستالين إلى وثائق الثورة وأمحى كل عمل هام قام به تروتسكي, لا بل عمد إلى تشويه صورته, ولم تنجُ اللوحات الزيتية التي رسمها الفنانون لأحداث الثورة وعلقت في المتاحف العامة, فأعيدت الريشة إليها لتمحو وجه تروتسكي النضالي في الثورة 0
لابد من التذكير بالدور الايجابي والهام للمستشرقين الأجانب ( هولنديين – فرنسيين – ألمان – انكليز – روس )في استكشاف العديد من المعالم والآثار في المنطقة ، ففي مصر مثلاً يعود لهم الفضل في اكتشاف ” حجر الرشيد ” وكنوز ” غنج آمون ” وفك أسرار الكتابة الهيروغليفية وغيرها من الآثار والتحف والمواقع الأثرية ، ولا تزال أبحاثهم معتمدة في العديد من المراكز البحثية والجامعات العالمية وإن عدنا إلى التذكير بالحضارة الإسلامية منذ عهد النبي وخلفاء الراشدين ، مروراً بالأمويين والعباسيين والحضارة الأندلسية ، والأيوبية في مصر و الشام ، والفاطميين في مصر .
نجد أن حضارة المنطقة قد تمَّ اختزال مكوناتها العلمية والثقافية والعمرانية في العنصر العربي فقط ، وتم تجاهل العناصر غير العربية المشاركة في بنائها ، وإن تمَّ ذكرها فبشكل خجول ، و حصل تزوير فاضح في تنسيب العمل الحضاري للآخرين إلى العرب ، حتى أصبحت الحضارة الإسلامية جزءاً من الحضارة العربية وليس العكس .
لذا سميت بالحضارة العربية الإسلامية علماً إن العديد ممن شاركوا في بنائها وازدهارها ورفعوا من شأنها في كافة مجالات الحياة ، خاصة الثقافية والعمرانية منها، لم يُذكَر لهم أي دور بل نسبت أصولهم وأعمالهم العظيمة إلى العروبة والأمة العربية .
فالكثير ممن أبحروا في علوم الفقه والرياضيات والفلك هم من الأعاجم – قوميات غير عربية – أمثال : سيبويه ، أحمد الفراهيدي ، ابن خلكان ، ابن الأثير، ابن ماجه ، صلاح الدين الأيوبي ، محمد كرد علي ….إلخ ، إذاً جل ما كتب في الفلسفة والنحو والعلوم التجريدية يُنسَب إلى الأمة العربية والعنصر العربي وبالتالي إلى الحضارة العربية ، علماً بأن من وضع اللبنات الأولى لهذه الحضارة وساهم بشكل فعال فيها في شتى المجالات ، هم من العجم إلى جانب العرب .
ومن يبحر في بطون الكتب ويبحث فيما سمي بـ ((تاريخ العرب الحديث )) لا يجد فيه سوى صورة واحدة ، فيه تمجيد للأمة والتغني بالهزائم وتحويلها إلى انتصارات ولا مجال فيها للاخفاقات والانكسارات ، وإن حاول البعض الوقوف بجدية أمام حقائق التاريخ وأدلى بدلوه فيه واقترب من الحقيقة وذكر الجوانب السلبية فيه فسيلقى السجن أو الملاحقة ، تحت ذرائع وحجج واهية وجاهزة (( كالعصف بالأمة وتاريخها و خدمة الأعداء )) .
وعندما يزول ظلم الدكتاتورية وينحسر الاستبداد أمام شعاع الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير ، عندها سيُكتَب التاريخ من جديد ، لكن دون انحرافٍِ أو تزويرٍ ، بل تُذكر الحقائق التاريخية كما هي ، عندها ستظهر الحضارة العربية والإسلامية الحقة – دون أن تلحق الإسلامية بالعربية في المصطلح – بتلاوينها القومية العديدة وتنوعها الفذ ، وستظهر مساهمات الشعوب فيها ، كلٌّ حسب حجمه ودوره فيها .
وعندها أيضاً سيُكتَب التاريخ الجديد وتُسمَّى فيه الأشياء بأسمائها ، انهزمنا هنا ، وانتصرنا هناك ، الهزيمة والنصر كفعلان تاريخيان متعاقبان زمنياً حسب الظروف وليس حسب أهواء الحكام .
وأخيراً ، بذرة الشك تبقى حيةً لدى الكثيرين حول سر العملية التاريخية كونها تحتكر لجهة الأقوى والمنتصرة في الغالب ، والتي تمتلك الإرادة في تحويل مسار الأحداث لصالحهم ، فيأتي المشهد أحادياً خالياً من المصداقية وقد تستمر هذه الحالة إلى حين ، لكنها لن تدوم إلى أبد الدهر ، فالمنتصر القوي اليوم الذي استحوذ على ناصية التاريخ قد يكون هو المهزوم الضعيف غداً ، فيُصاغ ما كُتِب من جديد ، وهكذا قد تستمر التقلبات التاريخية إلى آجالٍ غير مسمّى ، إلى (( نهاية التاريخ)) .