حزب اللـه.. أسئلة برسم المستقبل القريب

عبداللـه نور إمام


نشأ حزب اللـه اللبناني – الإيراني في ظرف لبناني وإقليمي ودولي مختلف تماماً عما هو سائد اليوم .

وقد ساعده ذلك الظرف في ترسُّخه بين قسم من الشيعة اللبنانيين نتيجة التمويل والتسليح اللامحدودين الذين كان يستمدهما من إيران إلى درجة كان هذا الحزب يدفع رواتب للنساء اللواتي يلتزمن بلبس الحجاب .
وقد بقي هذا الحزب قوة إيرانية ضاربة ليس فقط في لبنان وضد إسرائيل ، بل في دول أخرى ، وحتى في داخل إيران نفسها ؛ فقد حقق هذا الحزب مكاسب هامة للنظام القمعي الإيراني عندما قام بتنفيذ عمليات قتل إرهابية ضد شخصيات كبيرة من قادة الشعب الكردي المقيمين في أوروبا ، كما قام عناصر هذا الحزب الموجودين في معسكرهم داخل الدولة الإيرانية بقمع انتفاضة الشعب الكردي في كردستان إيران في العام الماضي ..

ولعل المهمة الكبيرة والحاسمة في حياة هذا الحزب هي قيامه بدور الدرع الواقي للنظام الإيراني الذي يعاني حتى اليوم من وطأة ملفه النووي والضغوطات الدولية الناجمة عنه ، وكانت المعركة الأخيرة التي خاضها حزب اللـه ضد إسرائيل تدخل في هذا الإطار .
لم يكن حزب اللـه يعرف بأن عملية أسر جنديين إسرائيليين ستكون القشة التي ستقصم ظهره..

ولعل النظامين السوري والإيراني لم يفكرا بمصير هذا الحزب بقدر ما انصب تفكيرهما بمصيريهما الذين باتا قاب قوسين أو أدنى ، إلى درجة أنهما قاما بالمغامرة بالورقة الأخيرة (حزب اللـه) دافعين بها إلى أتون حرب غير مضمونة النتائج .
إن الحرب الأخيرة التي بدأها حزب اللـه بأسر جنديين إسرائيليين قد قسمت نفسها إلى معركتين له : معركة حدود انتهت رسمياً ومعركة وجود ماتزال مستمرة رغم كونها معروفة النتائج، وعبثاً حاولوا تصوير أنفسهم كـ «منتصرين»
المعركة الأولى خسرها حزب اللـه بالتخلي عن الحدود اللبنانية الجنوبية ، وباقتراب حل وشيك لمسألة مزارع شبعا لن يعود ثمة مبرر لشئء اسمه «المقاومة» ، وهكذا تكون هذه المعركة محسومة وحزب اللـه مهزوماً فيها .
أما المعركة الثانية فهي تبدأ بتعنت حزب الله وتشبثه بسلاحه رغم انعدام مبرر التسلح عنده ورغم انعدام إجماع وطني لبناني على ذلك ورغم إجماع دولي على نزع سلاح هذا الحزب .

وقد تأكد ذلك مجدداً في القرار الأخير 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 10/8/2006م.
فهل يستطيع حزب اللـه مقاومة كل هذه الجهات وقد فقد آلت مصادر قوته نحو التقلص وبات في عد تنازلي مع الزمن حتى بلوغ آخر بنود القرار الدولي 1701 ؟.
إن هذا يؤدي بنا إلى أن حزب اللـه سيلقي سلاحه عاجلاً أم آجلاً وسيرضى بالتحول إلى حزب سياسي غير مسلح .

ولكن هل بإمكانه – بعد ذلك – الضغط على اللبنانيين الشيعة وانتزاع أصوات الناخبين ؟ وهل سيبقى قادراً على تمويل المؤسسات التي تغري الفقراء بفتات الأموال التي تصلهم مقابل شراء أصواتهم وولائهم ؟
إذاً – وختاماً – هل سيتمكن حزب اللـه من إيصال ممثلين عنه إلى مجلس النواب اللبناني ؟ وإن استطاع ذلك فهل سيكون عدد هؤلاء الممثلين ونسبتهم كافية لحصول هذا الحزب على مقاعد وزارية ؟
أسئلة برسم المستقبل القريب ينتظرها حزب اللـه

3/10/2006

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…