مما لا شكّ فيه أن الحركة الوطنية الكردية في سوريا عموماً تتحرك الآن باتجاه بناء مرجعية سياسية كردية، كانت ضرورية على الدوام, ولا تزال، وازدادت الحاجة لها الآن، بعد أن استدعتها ضرورات موضوعية تتعلق بالتقدم الذي أحرزته القضية الكردية والتي تتحول بالتدريج، في السنوات الأخيرة، من قضية سياسية تعني هذا الحزب أو ذاك، إلى قضية وطنية سورية، كما أنها بدأت تخرج من إطارها المحلي، لتحظى باهتمام واضح خارج سوريا، سواءً كان ذلك في الخارج الكردي أو الخارج الأوربي، خاصةً بعد أن أوهم هذا الاهتمام بعض الأفراد والفعاليات الكردية بمبررات نقل مركز القرار إلى هذا الخارج أو ذاك، وبإمكانية تجاوز الحركة الكردية المنظمة ودورها في القيادة والتمثيل.
ومن الطبيعي أن يبدأ هذا الحراك السياسي الكردي بتقريب وتوحيد وجهات النظر السياسية وصياغة الموقف من كيفية حل القضية الكردية وطبيعة هذا الحل،ومن هنا فإن الهيئة العامة للتحالف والجبهة الكرديين، وانطلاقاً من مسؤوليتها، كصاحبة رؤية سياسية مشتركة للحل الديمقراطي للقضية الكردية وداعية لبناء مرجعية سياسية كردية من خلال مؤتمر وطني، بدأت بالتحرك نحو الأطراف المعنية الأخرى وفق أجندة مدروسة تبدأ من إقرار مبدأ المرجعية، تليها مناقشة وتعديل مشروع الرؤية المشتركة، لتنتهي بالآليات التنظيمية المناسبة.
وقبل أن نبدأ بالخطوة التالية ألا وهي صياغة ما يمكن تسميته بالبرنامج السياسي، فإن من المفيد التأكيد على أن هذا المشروع لا يخصّ حزباً بمفرده، كما أنه لا يخصّ مجموع الأحزاب الكردية فقط، بل أنه يعني كل مهتم بالشأن الكردي داخل التنظيمات وخارجها، ولذلك، فإن من حق الجميع أن يكون لهم تعبيرات في هذا البرنامج.
لكن ذلك لا يعني أننا نريد لأحد أن يتنازل عن برنامجه وتصوراته الخاصة،ولا نريد له بنفس الوقت أن يفرض بنود برنامجه على الآخرين.
فنحن أمام برنامج مشترك له أطراف عديدة، يتطلب منا جميعاً البحث عن التوافقات ونقاط اللقاء، وتجنب مواضيع الخلاف التي قد تفيد إثارتها في حالات تسجيل النقاط الحزبية فقط على الغير.
أما مصلحة قضيتنا المشتركة، فهي تكمن في بذل الجهود لتوحيد وتنظيم جهود أصحابها والمناضلين في سبيلها، وبناء المرجعية المنشودة، تعمل على توسيع دائرة الأصدقاء، وتعبر عن إرادة شعبنا الكردي وطموحاته المشروعة في تأمين حقوقه القومية السياسية والثقافية والاجتماعية، لإن الإخلاص لهذه القضية لا يقاس بمدى ما نضحي فقط من أجلها أو نرفع في سبيلها من شعارات،بل كذلك بما ننظم ونوفر لها من طاقات موحدة،وما نختار لها من أهداف موضوعية لا تستمد شرعيتها من عدالتها فقط ،بل كذلك من إمكانات تطبيقها ،ومن قدرتها على إقناع الآخرين وحشد أكبر عدد ممكن من الأصدقاء في إطار ممارسة مختلف أشكال الضغط لانتزاع الاعتراف بالوجود الكردي والإقرار بالحقوق القومية الكردية في إطار وحدة البـلاد.
———
* الجريدة المركزية لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا(يكيتي)– العدد (158) أيلول2006 م- 2618 ك