لماذا هذا الصمت

بيوار كربري

مرة أخرى غابت عنا الحركة السياسية الكردية بأحزابها المتعددة والمتباعدة, وهذه المرة غابت بشكل نهائي ولا نجد لها أو منها شيئا مقروءاً أو شفهيا حتى إن البيانات التي اعتدنا رؤيتها باتت غائبة عن ساحة صفحات الانترنت ودون أيّ سبب يذكر, منذ قرابة شهر صمتت أحزابنا في حين أن الأحداث في سوريا تتوتر أكثر فأكثر وأصبحت مشوقة بمظاهر الحوارات الرنّانة والمؤتمرات البرّاقة في كبرى الفنادق والمتنزهات في دمشق العاصمة , حيث الأحاديث والأقاويل تكثر عن الأكراد والحركة السياسية الكردية تارة باسمها وتارة أخرى عن طريق شخصيات متزمتة ومعروفة بضعفها الوطني والقومي وسياستها المرنة نحو السلطة أمثال المدعي عمر أوسي حيث أصبح هو المتحدث الرسمي باسم الأكراد في سوريا والحركة الكردية هي جزء منهم

ومن سخرية القدر أن نجد أمثاله يتكلم بفم ملآن عن الأكراد وحقوقهم وما لهم وما عليهم وما يستحقون وما لا يستحقون مع أنه ربما طالب بما لم تطالب به الحركة الكردية بعد, وما زالت الأخيرة صامتة , فهذا لا يدل إلا على موافقتها على أقوال عمرنا هذا أو ربما يتكلم عمرنا بتفويض منهم, وهذا  الصمت الذي عهدناه من حركتنا يدل على ضعفهم وقلة حيلتهم ولست مستغربا ًمن ألا يرد أحد على هذا المدعي بالكردايتي وأقصد بالرد(أحزابنا الكردية السياسية).
والعجيب في الأمر أنهم شاركوا في مؤتمرات وأصبحوا جزءً وأعضاءً في تنسيقيات كهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الوطني الديمقراطي وغيرها من فعاليات ولم يذكروا شيئا عنها – كيف أصبحوا وكيف شاركوا ؟! وما هي أهدافها ومساعيها؟ وأظن انه علينا أن نستفسر عن هذه الأمور لأنها تمس مستقبلنا أولا ومستقبل الأحزاب آخرا ً – وما سمعناه لم يكن منهم أي من الأحزاب بل سمعناه من هذه المؤتمرات والتنسيقيات من خلال الإذاعات والقنوات الفضائية التلفزيونية أو من خلال الجرائد وصفحات الإنترنت.
لا أدري لماذا هذا الصمت والغياب في ظل هذه الأحداث التي نمر بها فمنذ بداية الأحداث والأحزاب  السياسية تطير خارج السرب وكل حزب في هواه وكانت المساعي للم الشمل وترتيب البيت الكردي حثيثة, دائما كنا نتهم السلطة ببث الفرقة بيننا وإحداث انشقاقات في أحزابنا ولكن ألا ترون أنّ السلطة منشغلة الآن بحدث أهم , أوَ ليس واجب علينا الآن وفي هذه اللحظة بالذات أن نلم صفوفنا ونتحد ونقول لا للفرقة ونكون قدوة لغيرنا ونطالب بحقوقنا بصوت واحد ونستعد لما هو آتٍ ؟ وهل فكرنا بالمستقبل القريب إن كنا مستعدين لخوض المعركة السياسية والانصهار في مجتمع مدني جديد بعقد اجتماعي جديد؟ وهل هناك منْ يمثلنا في النخبة السياسية إن كان على مستوى الدولة أو الوزارات أو غيرها من الأمور المتعلقة بسياسة الدولة الديمقراطية التعددية الجديدة؟
هل فكرنا أن يكون لنا في يوم من الأيام رئيسا كردياً لسوريا الجديدة أو رئيسا للوزراء أو محافظا؟ ولم لا , ألم يحصل هذا في العراق ومازال قائما, نعم يجب أن نحسب حسابا لكل شيء ولكن في ظل التفرقة التي نعيشها لا نستطيع أن نمثل أنفسنا أو أحزابنا فكيف سنمثل دولة كسوريا؟! فالنداء الوحيد موجهاً دائماً إلى الحركة السياسية الكردية في سوريا إن كانت منّي أو من الكثير من الكتاب والمفكرين والسياسيين الكرد , فأرجو أن تكونوا قدوة حسنة ولا تسمحوا لأحد أن يمثلنا وهو لا يستحق هذا التمثيل ولا تعطوهم الحق بأن يتكلموا باسمنا واسمكم وكونوا أنتم القدوة والنخبة ولا تكونوا في الوراء تنتظرون الأحداث والمواقف لتحتدم بل كونوا أنتم الحدث والموقف قبل كل شيء لتبقوا في الحدث و بعده, وانسوا الماضي لتكونوا في الحاضر تتهيئون للمستقبل.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شيروان شاهين تحوّل الصراع في سوريا، الذي بدأ منذ 14 سنة كحركة احتجاجات شعبية، من حالة صراع بين ميليشيات مسلحة وسلطة منهكة على مستوى أطراف المدن والأرياف إلى صراع طال شكل الدولة ككل. حيث أفرزت الحرب الأهلية واقعًا وعنوانًا جديدًا في 8 ديسمبر 2024: انهيار دولة البعث وإعلان دولة القاعدة. تميّز حكم البعث، الذي بدأه أمين الحافظ “السني”…

اكرم حسين   طرح الأستاذ عاكف حسن في مقاله هل ما زلنا بحاجة إلى الأحزاب السياسية؟ إشكالية عميقة حول جدوى الأحزاب السياسية اليوم، متسائلاً عمّا إذا كانت لا تزال ضرورة أم أنها تحولت إلى عبء ، ولا شك أن هذا التساؤل يعكس قلقاً مشروعًا حيال واقع حزبي مأزوم، خاصة في سياقنا الكردي السوري، حيث تتكاثر الأحزاب دون أن تنعكس…

صلاح عمر   ثمة وجوه تراها حولك لا تشبه نفسها، تبتسم بقدر ما تقترب من الضوء، وتتجهم حين تبتعد عنه. وجوهٌ لا تعرف لها ملامح ثابتة، تتشكل وفقًا لدرجة النفوذ الذي تقترب منه، وتتلون بلون الكرسي الذي تطمح أن تجلس بقربه. هؤلاء هم “المتسلقون”… لا يزرعون وردًا في القلوب، بل ينثرون شوك الطمع على دروب المصالح. لا تعرفهم في البدايات،…

أزاد فتحي خليل*   لم تكن الثورة السورية مجرّد احتجاج شعبي ضد استبداد عمره عقود، بل كانت انفجاراً سياسياً واجتماعياً لأمة ظلت مقموعة تحت قبضة حكم الفرد الواحد منذ ولادة الدولة الحديثة. فمنذ تأسيس الجمهورية السورية بعد الاستقلال عام 1946، سُلب القرار من يد الشعب وتحوّلت الدولة إلى حلبة صراع بين الانقلابات والنخب العسكرية، قبل أن يستقر الحكم بيد…