إبراهيم محمود
أينما حلت الجراثيم فثمة حياة، لا بل يمكن القول بأن الجراثيم هي التي أهدت الحياة إلينا، كما أنها لا تنفكُّ تعلِمنا بالمزيد من الحقائق عما هو عضوي في الحياة، أو عن الحياة باعتبارها عضوية هائلة وجليلة.
إن الموقف السلبي من الجراثيم يكمن في الزاوية الضيقة منها، وهي أنها تهدد الحياة فينا، أي تنخر في عضوية الكائن الحي، دون النظر في اللحظة التي تؤذن بظهورها باعتبارها كامنة في العضوية ودورها الفاعل فيها.
أينما حلت الجراثيم فثمة حياة، لا بل يمكن القول بأن الجراثيم هي التي أهدت الحياة إلينا، كما أنها لا تنفكُّ تعلِمنا بالمزيد من الحقائق عما هو عضوي في الحياة، أو عن الحياة باعتبارها عضوية هائلة وجليلة.
إن الموقف السلبي من الجراثيم يكمن في الزاوية الضيقة منها، وهي أنها تهدد الحياة فينا، أي تنخر في عضوية الكائن الحي، دون النظر في اللحظة التي تؤذن بظهورها باعتبارها كامنة في العضوية ودورها الفاعل فيها.
إننا مأهولون بالجراثيم إلى درجة أنه يستحيل التسليم بوجود نشاط حيوي ما، دون الإقرار بوجود شراكة قارَّة جرثومية العلامة فيه، وأن تجلي أي أثر جرثومي رهن تغير ما في بنية العضوية المميّزة لهذا الكائن الحي.
ولعل اهتمامنا الاستباقي، كما يبدو، إلى ما هو جرثومي ناجم عن المردود الجرثومي والتحدي الذي يمثّله بالنسبة لعموم العضوية، إذ إن أي إشارة جرثومية تعني ضرورة التنبه إلى مدى سوي العضوي، كما لو أن الفعل الجراثيمي في أكثر مشهدياته وضوحاً وبلاغة أثر، يتأتى من كونه جرس إنذار بضرورة الحفاظ أكثر على العضوية ومداراة ساعتها البيولوجية، والاعتراف بسلطتها الحيوية كونها مستقلة عما نقرَّره برغبة منا أو وفق مخطط مسنود بنظام عقلي معين، أو وضع قاعدي…الخ، إن ثمة نظاماً قائماً بذاته للعضوية التي تعنينا لا نستطيع التحكم فيه، إلا باتباع الأساليب التي تحميه من تدخل يخلخله أو ينذر بتلف جزئي أو كلي فيه.
في المجتمع ثمة ما يشبه عمل الجراثيم، عندما نشير إلى المخاطر التي تتهدده، حيث إنه يستحيل التفكير في بنيان مجتمعي، سياسي، اقتصادي، دون الأخذ بعين الاعتبار، لجملة من التحديات المعيارية التي تتربص به، وكأنّي بهذه التحديات لا تتوعد النظام المجتمعي ومعاييره الأخلاقية وقوانينه، بقدر ما تبقي ساعة التنبيه بضرورة اليقظة إلى إمكان حصول خلل ما، واستفحال خطره بنيوياً، كلما قل التركيز عليه في شموليته.
لأقل مباشرة: إن فعل الثورة، أو الانتفاضة، أو الصرخة الاحتجاجية، في أي مجتمع محكوم من أعلاه، وكأن قلباً لما هو حيوي يتم فيه (الرأس إلى الأسفل، والرجلان في الأعلى)، مع ما يتبع ذلك من تنشيط أعضاء وتثبيط أخرى (في المجتمع الاستبدادي، يتقدم عمل اليد الطائشة، عمل العقل بمفهومه المجتمعي الجمعي)، وفي الحالة هذه، وحرصاً على أخلاقية حياة تتعدى في نظامها نظام المجتمع الأحادي الجانب، يكون الإيذان بظهور عمل الجراثيم، حيث تتناسب شدته أو قوة فعله طرداً مع قوة فعل النخر أو التشرذم الحاصل، إلى درجة أن العضوية كلها تستوجب سيطرة جراثيمية ليكون ثمئذ تنظيفها أو تطهيرها، كما لو أن عضوية جديدة تستعاد .
وبالتأكيد، فإن الذين يطلقون أسماء الجراثيم على من يؤثرون سلباً في مجتمع يعتبرونه مسجلاً” طابو” باسمهم، أو باسم من ينوبون عنه في تقرير واقع حال، إنما يغضون الطرف عن الدور الخلاق للجراثيم تلك، وقد غضوا الطرف كلياً أو جزئياً” بحسب خطورة التبليغ”، عن أوجه الفساد” النخور” المجتمعية من خلالهم أو بوجودهم هنا وهناك، كما لو أننا إزاء بكتيريا تتنشط في جسد متآكل شارف على الانتهاء، ليكون لدينا تساو ٍ تماماً، بين الفعل البكتيري: الجرثومي المتنامي، والانحلال المتنامي في العضوية، دون أخذ العلم، بسبب عمى الفساد المستشري طبعاً، أن الانحلال الكلي للعضوية باعتبارها تمثيل مجتمع كامل، يعني في الحال: تلاشي المجتمع كلياً.
إن كل ما يكتَب جديداً، أو يسمَّى جديداً، ويعهَد إليه إدارةً جديداً، يماثل الدخول في عهدة عضوية جديدة، وذلك لأن الجراثيم تكون أخلص لحياتها التي تتجاوزها بوصفها جراثيم فقط.
إذ إن نداء الحياة بأكثر صورها روعة ورقيَّ أبعاد هو الذي يستدعي استنفاراً جراثيمياً، لتكون الجراثيم برزخاً فاصلاً بين حياة وأخرى.
وما نشهده في الشارع العربي، أو السوري راهناً، يجلو لنا هذا النشاط الجراثيمي الدؤوب، إذ لا أحد يمكنه إنكار أي وضعية تضعضع حيوية بلغها مجتمعنا، وأي نوع من الجراثيم المهدّد للحياة فيه يسرح ويمرح طي أنسجته وخلاياه وتلافيفه الدماغية وأعصابه: جراثيم تعمل في اتجاه واحد (ثاناتوسي: تدميري)، وأن هذه الجموع التي تسمعنا صوتها، وتلك التي تهرق دماؤها، وتلك التي تجلجل بأقلامها تعبيراً عن أن مجتمعاً آخر يجب الاحتفاء به، خوفاً من انقراض القائم، هي أكثر ما تكون إخلاصاً لمبدأ الجراثيم وفعلها الخلاق في الحياة.
لكل منا مجموعة جراثيم تتناسب وقوة إرادته ودرجة تقبله للحياة الأجمل والأحلى، ولكل منا صحبة جراثيمية تتجاوب مع مستوى انفتاحه على العالم وتقديره لنداء الحياة الأرحب، ولكل منا تصريف وتقدير للجراثيم التي يدرك تنوع أدوارها وهي تعمل مجتمعة، وليس وفق جدل (السيد- العبد)، فهي كافتها معنية بسر الحياة.
شكراً شكراً إذاً للجراثيم التي تحس بنا ولا نحس بها، للجراثيم التي تعد لنا الحياة التي تتناسب وحقيقة إرادتنا فيما نقول ونفعل معاً، للجراثيم التي تستوطننا، وتعمل بمبدأ نظام راداري غير مرئي مباشرة، ولا نحس بها إلا في لحظة الخطر، كما لو أن خفاءها يظهِر مدى الاختلاف فيما بيننا، حيث يوجد بيننا من يعمل مخلصاً لقانونها الحيوي، متنبهاً بوعي متقدم إلى التحديات قبل حلولها، ومن يعمل متنبهاً لحظة وقوع الخطر، ومن يعمل إثر وقوعه” حيث العليجة عند الغارة ما تنفع” كما يقول المثل العامي! نلتقي إذاً في المفهوم الجرثومي للحياة.
في المجتمع ثمة ما يشبه عمل الجراثيم، عندما نشير إلى المخاطر التي تتهدده، حيث إنه يستحيل التفكير في بنيان مجتمعي، سياسي، اقتصادي، دون الأخذ بعين الاعتبار، لجملة من التحديات المعيارية التي تتربص به، وكأنّي بهذه التحديات لا تتوعد النظام المجتمعي ومعاييره الأخلاقية وقوانينه، بقدر ما تبقي ساعة التنبيه بضرورة اليقظة إلى إمكان حصول خلل ما، واستفحال خطره بنيوياً، كلما قل التركيز عليه في شموليته.
لأقل مباشرة: إن فعل الثورة، أو الانتفاضة، أو الصرخة الاحتجاجية، في أي مجتمع محكوم من أعلاه، وكأن قلباً لما هو حيوي يتم فيه (الرأس إلى الأسفل، والرجلان في الأعلى)، مع ما يتبع ذلك من تنشيط أعضاء وتثبيط أخرى (في المجتمع الاستبدادي، يتقدم عمل اليد الطائشة، عمل العقل بمفهومه المجتمعي الجمعي)، وفي الحالة هذه، وحرصاً على أخلاقية حياة تتعدى في نظامها نظام المجتمع الأحادي الجانب، يكون الإيذان بظهور عمل الجراثيم، حيث تتناسب شدته أو قوة فعله طرداً مع قوة فعل النخر أو التشرذم الحاصل، إلى درجة أن العضوية كلها تستوجب سيطرة جراثيمية ليكون ثمئذ تنظيفها أو تطهيرها، كما لو أن عضوية جديدة تستعاد .
وبالتأكيد، فإن الذين يطلقون أسماء الجراثيم على من يؤثرون سلباً في مجتمع يعتبرونه مسجلاً” طابو” باسمهم، أو باسم من ينوبون عنه في تقرير واقع حال، إنما يغضون الطرف عن الدور الخلاق للجراثيم تلك، وقد غضوا الطرف كلياً أو جزئياً” بحسب خطورة التبليغ”، عن أوجه الفساد” النخور” المجتمعية من خلالهم أو بوجودهم هنا وهناك، كما لو أننا إزاء بكتيريا تتنشط في جسد متآكل شارف على الانتهاء، ليكون لدينا تساو ٍ تماماً، بين الفعل البكتيري: الجرثومي المتنامي، والانحلال المتنامي في العضوية، دون أخذ العلم، بسبب عمى الفساد المستشري طبعاً، أن الانحلال الكلي للعضوية باعتبارها تمثيل مجتمع كامل، يعني في الحال: تلاشي المجتمع كلياً.
إن كل ما يكتَب جديداً، أو يسمَّى جديداً، ويعهَد إليه إدارةً جديداً، يماثل الدخول في عهدة عضوية جديدة، وذلك لأن الجراثيم تكون أخلص لحياتها التي تتجاوزها بوصفها جراثيم فقط.
إذ إن نداء الحياة بأكثر صورها روعة ورقيَّ أبعاد هو الذي يستدعي استنفاراً جراثيمياً، لتكون الجراثيم برزخاً فاصلاً بين حياة وأخرى.
وما نشهده في الشارع العربي، أو السوري راهناً، يجلو لنا هذا النشاط الجراثيمي الدؤوب، إذ لا أحد يمكنه إنكار أي وضعية تضعضع حيوية بلغها مجتمعنا، وأي نوع من الجراثيم المهدّد للحياة فيه يسرح ويمرح طي أنسجته وخلاياه وتلافيفه الدماغية وأعصابه: جراثيم تعمل في اتجاه واحد (ثاناتوسي: تدميري)، وأن هذه الجموع التي تسمعنا صوتها، وتلك التي تهرق دماؤها، وتلك التي تجلجل بأقلامها تعبيراً عن أن مجتمعاً آخر يجب الاحتفاء به، خوفاً من انقراض القائم، هي أكثر ما تكون إخلاصاً لمبدأ الجراثيم وفعلها الخلاق في الحياة.
لكل منا مجموعة جراثيم تتناسب وقوة إرادته ودرجة تقبله للحياة الأجمل والأحلى، ولكل منا صحبة جراثيمية تتجاوب مع مستوى انفتاحه على العالم وتقديره لنداء الحياة الأرحب، ولكل منا تصريف وتقدير للجراثيم التي يدرك تنوع أدوارها وهي تعمل مجتمعة، وليس وفق جدل (السيد- العبد)، فهي كافتها معنية بسر الحياة.
شكراً شكراً إذاً للجراثيم التي تحس بنا ولا نحس بها، للجراثيم التي تعد لنا الحياة التي تتناسب وحقيقة إرادتنا فيما نقول ونفعل معاً، للجراثيم التي تستوطننا، وتعمل بمبدأ نظام راداري غير مرئي مباشرة، ولا نحس بها إلا في لحظة الخطر، كما لو أن خفاءها يظهِر مدى الاختلاف فيما بيننا، حيث يوجد بيننا من يعمل مخلصاً لقانونها الحيوي، متنبهاً بوعي متقدم إلى التحديات قبل حلولها، ومن يعمل متنبهاً لحظة وقوع الخطر، ومن يعمل إثر وقوعه” حيث العليجة عند الغارة ما تنفع” كما يقول المثل العامي! نلتقي إذاً في المفهوم الجرثومي للحياة.
الجدير بالتنويه وهو جرثومي مختلَف عليه في متداوله، أن” الجرثومة” بالعربية تعني” الأصل”.
أليس لأن ثمة اعترافاً بمبدأ حياتي أشمل قبل التدشين لتفاوتات مواقعية أو مناصبية؟ بينما الجاري تداوله، فلعله يرجِعنا إلى معناه الأجنبي،.
بالفرنسية، ثمة” GERME” رغم أنها هذه في أس تشكلها لا تبعدنا عن المعنى الأشمل للخاصية الكبرى للجراثيم ورياديتها في الحياة.
خذوا بحكمة الجراثيم إذاً، ولن تخسروا كما هو فوزكم الآن باسمها!
أليس لأن ثمة اعترافاً بمبدأ حياتي أشمل قبل التدشين لتفاوتات مواقعية أو مناصبية؟ بينما الجاري تداوله، فلعله يرجِعنا إلى معناه الأجنبي،.
بالفرنسية، ثمة” GERME” رغم أنها هذه في أس تشكلها لا تبعدنا عن المعنى الأشمل للخاصية الكبرى للجراثيم ورياديتها في الحياة.
خذوا بحكمة الجراثيم إذاً، ولن تخسروا كما هو فوزكم الآن باسمها!