مذكرات مظاهرة

Bavê Şivan

كانت أول مظاهرة منذ أربعين عاما ً , كل الاحتمالات واردة , القتل , الاعتقال , الضرب …..
سوية كنا نخوض تجربة ً لم نقرأ عنها أبدا ً , ذهبنا إلى الحلاق ” المزين ” ليحلق لنا الذقن والشعر , أرسلنا اللباس إلى المغسلة ثم إلى الكوّا  , فربما نمكث في السجن أياما ً طويلة ننسى فيها طعم الغسيل والحلاقة , ننسى فيها طعم النظافة , ودّعنا بعضنا , اتفقنا على مجموعة أشياء , إذا كنا في نفس المعتقل أو إذا كنا بعيدين عن بعضنا , إذا رأينا بعضنا في السجن أو لم نرى بعضنا … ضحكاتنا ترتفع والموعد يقترب وكافة الاحتمالات واردة .

في مقهى الروضة جلسنا نخطط ونراقب الأوضاع , الشرطة في كل مكان, بلغنا جميع الحاضرين بالتنقل بعيدا ً عن المكان , لا تجمعات, لا استفزازات , لا حركات مشبوهة .
اقتربت ساعة الصفر , في الحادية عشر إلا خمس دقائق أعلمنا الحاضرين بالتجمع وفي غضون دقيقتين فككنا اللافتات ووزعناها على النساء والفتيات , أما نحن ” حوالي الستة أشخاص ” فوقفنا في الصف الأول متكاتفين نصيح أن لا تراجع ولا هروب في أي حال من الأحوال , تقدمنا ببطء ٍ وخوف , خوف المترقب , لم يحدث ما توقعناه , تركنا أيدي بعضنا وانطلقنا بسرعة أكبر ونحن نصفق , وبدأت بعدها الشعارات والهتافات , رأينا أن الوضع أحسن مما تخيلنا فطلبنا من الأجانب رفع بطاقاتهم ” بطاقات المجردين من الجنسية “و بعد خروج القياديين من المجلس وطلبهم بأنهاء التظاهرة كنا أول المغادرين , بسرعة لملمنا اللافتات وطويناها وأوقفنا أول تكسي وذهبنا إلى اللامكان …..
أول تجربة خضناها ولكنها كانت ناجحة , الانضباط والتقيد بالمواعيد واستحضار كافة الاحتمالات الواردة .
في التظاهرة التي أعقبت اغتيال الشيخ معشوق الخزنوي تجمعنا بأعداد كبيرة, تقدمنا لنجد أمامنا الأمن المدجج بالسلاح , في الجهة الأخرى تم اعتقال العديد من الكرد , طلبت منا القيادة التراجع ( أول خطأ ) تفاوض القياديون على السمك في الماء ( ثاني خطأ ) لم يهرع أحد من القياديين إلى الجهة المقابلة للتحكم بالوضع ( ثالث خطأ ) بعد ألقاء الكلمات وتفريق المتظاهرين ذهب القياديون أول الناس إلى بيوتهم ليتركوا مجموعة من الشباب ” من أصحاب الدم الحار ” والأمن يتناوشون الضربات ( رابع خطأ ) بالطبع هذه أخطاء كبيرة مع العلم أننا لم نحسب الأخطاء الصغيرة .
تتالت المظاهرات والمسيرات وكل واحدة ” أضرب من التانية ” واليوم في ذكرى الإحصاء الاستثنائي جهز العديد من الكرد أنفسهم للتعبير عن  تنديدهم ورفضهم لهذا الإجراء القمعي الذي ما زالت آثاره إلى اليوم تتزايد , لم يستطع المتظاهرون التجمع في نقطة واحدة , تمكن الأمن وبسهولة من تفريقهم وإلقاء القبض على العديد منهم , السبب وكل السبب في رأيي يعود إلى المسؤولين عن التظاهرة .
أيها الأخوة القيادييون ما هكذا تكون المظاهرات , أنكم كرؤساء أحزاب لم تحسبوا أي حساب لأي طارئ ٍ قد يقع , ربما تقولون بأنكم فعلتم ولكن الواقع ينفي قولكم , ربما تدعون أن الظرف استثنائي , وهذا ما أقصده , الحساب للظرف الاستثنائي , فهذه ليست أول مظاهرة يقوم الأمن باستعمال العصي لتفريق المتظاهرين ومنعهم من التجمع , وهذا الأسلوب القديم الجديد لدى كل الحكومات الاستبدادية والديكتاتورية لتفريق التظاهرات , أين حساباتكم وخططكم البديلة .
لا أتحدث عن شيءٍ لا أعرفه , وأعترف بأن عمري كله ضرب أثنين لا يساوي عمركم الحزبي ولكن ما أعلمه أنكم مخطئون حتى الثمالة , أول ما يتبادر إلى الذهن عند التحضير لأي مظاهرة هو تحديد الانضباط , وهذا لم يحدث , قبل المظاهرة لا بد من جلسة يحضرها الكبارية في المظاهرة حتى يتلقوا التعليمات ويكونون مع الحدث وعلى علم بآخر التطورات , وهذا لم يحدث .
نحن لا نريد وقف السير وإحداث البلبلة ولكن الحكومة والأمن أرادت البلبلة ونحن لها , عندما تلحق بالمتظاهرين في الشوارع وتضربهم أمام الناس ” الرايح والجاي ” وعندما تقوم باعتقال العديد من الأكراد يتوجب عليكم حماية المشاركين , الحماية ليست بالبيانات بعد الاعتقال وتوكيل المحامين لهم والتنديد والاستنكار , الحماية في ساعة وقوع الحدث , نعم كان المطلوب منكم كقياديين بارزين التكاتف والسير قدما وعدم الالتفات إلى الوراء ومن يريد اللحاق بكم كان ومن لم يرد كان , كان المطلوب منكم الجلوس في منتصف الطريق متكاتفين حتى يأتي الأمن والعسكر ليحملوكم إلى سياراتهم ومن ثم إلى المعتقلات ” أسوأ احتمال ” أم إن هذا الاحتمال غير مرغوب  فيه لديكم , باعتقادي لا , لستم من أولئك الجبناء ولكن السبب يعود إلى ضعف وعيكم الثوري , وهنا النقطة المهمة , إذا كنتم أحزابا ً ثورية , عملية , شارعاتية , فعليكم أن تكونوا قدا , وإلا ليس من المنطق حمل ما لا تستطيعون معه  قدرا ً

5/10/2006

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

بوتان زيباري في خضم الثورات الكبرى التي تهز أركان الأنظمة المستبدة، يتوهج الأمل كجمرة حية في قلب ظلام كثيف. لكن التاريخ، بمعالمه الصارمة ووقائعه العنيدة، يصرّ على أن إسقاط الطغاة ليس سوى نصف المعركة؛ فالنصف الآخر، الأكثر تعقيدًا وخطورة، يتمثل في تجنب إعادة إنتاج الاستبداد في ثوب جديد وبملامح أخرى. الثورة التي تُبنى على حماس اللحظة دون رؤية استراتيجية…

نشرت الوكالة السورية للأنباء (سانا) وصفحة وزارة التعليم على وسائل التواصل الاجتماعي (الفيس بوك)، نسخة من التعديلات على عدد من المواد في المناهج التعليمية للمرحلة الثانوية بجميع صفوفها، بموجب تعميم حمل توقيع نذير القادري وزير التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة، صدر يوم الأربعاء ١ كانون الثاني/يناير ٢٠٢٥، وشملت التعديلات إعادة صياغة عبارات، وإزالة أو تعديل صور ورسوم في عدد…

نظام مير محمدي* لقد أدى انهيار نظام بشار الأسد، أحد أكثر الحلفاء الإقليميين أهمية لنظام الملالي، إلى تحول سياسي زلزالي في الشرق الأوسط. فبالنسبة لطهران، لا يمثل سقوط الأسد خسارة شريك رئيسي فحسب، بل يمثل أيضًا ضربة مدمرة لطموحاتها التوسعية الأوسع نطاقًا. القادة الإيرانيون يعترفون بالتأثير اعترف أحمد خاتمي، العضو البارز في مجلس صيانة الدستور ومجلس الخبراء في إيران،…

النقل عن الفرنسية: إبراهيم محمود ” الحركات الثورية بين الشرق الأوسط وفرنسا، نُشرت في Lundimatin، 19 أيلول 2019 “ في السنوات الأخيرة، اشتغل جزء من فريق التحرير لدينا على نطاق واسع على الثورات العربية (جزء من هذا العمل يمكن الوصول إليه في قسم “على الطريق” لدينا!) وخاصة على الانتفاضة السورية. كما وثقنا، قدر استطاعتنا، النضال والتجارب السياسية…