حاوِرْني تحت الرصاص !!!

  صالح دمي جر- بيروت

لا يختلف عاقلان على أن الشعب هو مصدر أي قوة وشرعية في العالم, وهو وحده الذي يملك سلطة إسقاط  أو الإبقاء على أي نظام في العالم مهما تكبر وتجبر , وقد أثبتت العديد من التجارب عملياً فشل أعتى الديكتاتوريات في ليّ ذراع شعوبها وكسر إرادتها وأظهرت أن الشعوب تملك الحق الحصري في حياة أو زوال أنظمتها.

 وإذا أضفنا لهذه الفكرة ما يتمتع به وضع شعوب المنطقة وردّة فعلها على ما واجهته  في ربيعها الدامي من خصوصية, فسوف نستتخلص نتيجة  مفادها أن الرهان على الأنظمة ضد الشعوب هو ليس فقط فعل تصفيق ونفاق خارج مسار التاريخ ,بل هو ضرب من الإنتحار الذي يطال مختلف النواحي السياسية والإقتصادية والإجتماعية ويودي بالمراهن الى الهاوية , أكان فرداً أو جهة او دولة.
وبالتالي فإن أية محاولة للإنقضاض على قرار إتخذه الشعب , بغية سحب الشرعية منه ستبوء حتماً بالفشل الذريع  وخاصة إذا كان النظام نفسه من يحاول .

وقد كثرت محاولات النظام السوري منذ الخامس عشر من آذار لكسر إرادة  الشباب الثائر المسالم الذي حسم أمره بأيد خاوية وصدور عارية و حناجر تصدح (الشعب يريد إسقاط النظام).

حيث بدأت هذه المحاولات بنظرية وجود مندسين ومتآمرين مع الخارج ولن تنتهي بالسماح بعقد لقاء لمعارضين وموالين في فندق سمير أميس .
فقد أعلن النظام في  نفس اليوم الذي عقد فيه المعارضون إجتماعهم, أن الحوار الوطني مع المعارضة سيبدأ في العاشر من شهر تموز القادم بعد أن وضع مارد المعارضة في قمقم سمير أميس ليبعث رسالة للرأي العام ويقول له هاأنذا اقبل الآخر شريكا على طاولة الحوار.
منذ متى كان النظام يوافق على عقد إجتماعات تشاورية يتم فيها التطرق لبحث الأزمة السورية الراهنة وكيفية الإنتقال إلى دولة ديمقراطية مدنية.

وهو الذي لم يكتفي بالرهان على الحلول العسكرية مع التطورات الميدانية من خلال إعطاء الضوء الأخضر لقوى الأمن والشبيحة بممارسة المزيد من القمع والتنكيل بالمتظاهرين (المتآمرين) والحلول الأمنية  والتضييق والتسويف مع القضايا المطلبية  العاجلة للشعب في الداخل , بل وتدخل حتى في اللقاءات والمؤتمرات المعارضة في الخارج منعاً لإنعقادها .
مع كل الإحترام والتقدير الذي نكنه  للشخصيات المعارضة والمشاركة في هذا اللقاء إلا أنهم لا يمكنهم بأي شكل من الأشكال- لا هم ولا معارضة الخارج – أن يمثلوا الشعب السوري إذ ليس من المعقول أن يقبل الشباب السوري أن يقدم شرعية للنظام وهو الذي قدم قبل يومين من اللقاء العشرات من فلذات أكباده  ثمنا لجمعة سقوط الشرعية التي شارك أغلب هولاء المعارضين أوبعضهم  فيها.


ان تمحور اللقاء حول المسلمات العامة والمبادئ النظرية التي تتفق عليها الأطراف كافة بما فيها النظام دون الإشارة الى نقاط محددة  تضع الإصبع على الجرح الشعبي النازف , بالإضافة الى شكل وآلية إنعقاده , يضع علامات إستفهام كبيرة حول جدوى عقد هكذا لقاء وفي هذا الوقت بالذات إذا ما أخذنا بعين الإعتبار أن المدعوين إلى اللقاء لا ينتمون إلى أي حزب أو تكتل سياسي معين، وبالتالي فهم لا يمثلون إلا أنفسهم .
هو لقاء مثالي اذاً وفرقعة  إعلامية ليس إلا , ولا أظن أن المثاليات يمكن أن تجد لها موطئ قدم حالياً في سوريا الثكلى بأبنائها الأبرار ,الذين دفعوا وما زالوا يدفعون حياتهم وكرامتهم  على قارعة الطرقات والملاجئ ثمناً  للحرية الآفلة في سماء وطنهم .
يخشى من هذا اللقاء أن يكون النظام قد اصاب الحافر هذه المرة في ضرب المعارضة ببعضها حيث فشل سابقاً مع الكرد.

وأن يكون المجتمعون قد عبثوا من حيث لا يدرون بتضحيات الشباب ودماءه , عبر تقديم خدمات مجانية للنظام وإظهاره بمظهر الراعي والحامي لمناخ ديمقراطي يستطيع فيه كل مواطن التعبير عن مواقفه وقناعاته بعيداَ عن سياسة كم الأفواه التي طالما إتسمت بها آلهة الارض في سوريا .وبذلك يكون النظام قد نجح في وضع اللبنات الاولى لمبدأ في الحوار عنوانه عنوان هذا المقال.


28-6-2011

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…