على ماذا يراهن النظام في سوريا ؟…

  محمد سعيد وادي


إن ما يجري في الشارع السوري منذ / 15 / آذار من الانتفاضات والاحتجاجات الجماهيرية نتيجة لتراكمات من الاحتقان و الاستبداد والقهر والقبضة المفرطة للأجهزة الأمنية وذلك لإشباع غرائزهم الساديه بحق المواطن السوري وهذا الاحتقان المزمن والبطالة المتفشية وضعف التنمية وحالة الفساد والإفساد في كافة مفاصل الدولة ومؤسساتها .
فما كان على الشارع الشبابي السوري إلا اتخاذ قراره تمشياً مع حاجته إلى التغيير ومواكبة للربيع العربي القيام بهذه المهمة التي فشل فيها المعارضة السورية بكافة تنوعاتها ومكوناتها وقال كلمته
فالاحتجاجات والانتفاضات سلمية وديمقراطية بامتياز وعمت كافة المدن والبلدات السورية ولا يمكن الرجوع إلى المربع الأول وخاصة بعد أن تمت المواجهة من قبل أجهزة النظام بالحديد والنار وسال الدم في الأرض السورية ووصل عدد الشهداء إلى ما يقارب /1300 /شهيد
 فقد اثبت الأحداث بأن هذا النظام هو الأكثر قمعا واستبدادا في المنطقة فهو يضيف كل عام إلى المنظومة القمعية أنواعا جديدة من الوسائل والأدوات المبتكرة في أكثر الأنظمة إرهابا وقمعا ومنذ بدء الانتفاضة يرتكب جلاوزة النظام من الأمن والفرق الخاصة والشبيحة جرائم غير إنسانية ومذابح ممنهجة من خلال دك المدن بقذائف الدبابات والقناصة
إن القمع وقتل الناس لم يعد يخيف أحداً بل يحدث أثرا عكسيا فعلى النظام أن يدرك بان الكرامة والعزة والحرية أقوى من جبروت الدبابات و أزيز الرصاصات وان كبت الحريات وتجاوزات المنظومة الأمنية بحق المواطن وفرض أسطور القائد الضرورة وخرافة الحزب القائد الأوحد وإقصاء وتهميش الرأي الحر هذه العقلية رغم التحولات الكبيرة في العالم والمنطقة بدأت تتصدع وتتآكل ولم تعد مقبولا وانتهى زمن النهج الأمني في تدبير ومعالجة شؤون الأوطان .
إن الحلول الأمنية المفرطة في عنفها هي مجازفة خطره بعيدة عن كل قيم أخلاقي ووطني وإنساني بحق شعب لم يكن يوما تخلف عن أداء واجبه الوطني بل طالب فقط بالحرية والكرامة وبالنتيجة هذا الأسلوب في التعامل وصفة ناجعة لكارثة وطنية كبرى وقودها المواطن السوري ومستقبله ولا احد يستطيع توفير الغطاء أو الدفاع عن هكذا نظام وهو يقمع شعبه .
وما يزيد الطين بلة لم يعترف حتى الآن بوجود أزمة بنيوية سياسية يجب الوقوف عليها و معالجتها وماكينته الإعلامية الفاقدة للمصداقية والفاشلة في الأداء تتهم المنتفضين و المحتجين أحيانا بالمندسين والسلفيين وإقامة إمارة هنا وهناك وأحيانا بمؤامرة الغرب وأمريكا وراء هذه الاحتجاجات .
السؤال يطرح نفسه هل هناك ود ووفاق بين الغرب وأمريكا من جهة والسلفيين المتطرفين من جهة أخرى وهل يعلم النظام بان السلفيين والغرب وأمريكا نقيضين متعاكسين وهل تناسى معاناة الغرب وأمريكا من هذا التيار المتطرف إن هذه الادعاءات الكاذبة والفاشلة لا تنطلي لا على الشعب السوري  ولا على المجتمع الدولي بل لإيجاد تبرير لقمع الشعب وإدامة سلطته على اعتبار انه دولة الممانعة والمقاومة ويدفعه بذلك الاستمرار في غيه فنحن الكورد عانينا كثيرا مرارة أكاذيب النظام وإعلامه وخاصة أثناء إنتفاضة قامشلو في 12 آذار 2004 حيث قامت السلطات الأمنية بإحداث مجزرة بحق شباب الكورد واتهمنا على لسان وزير الداخلية /علي حمود/ بأن الانتفاضة الكوردية مرتبطة مع إسرائيل وأمريكا فالإعلام السوري الرتيب والسياسة المتبعة يكرر نفسه باستمرار والتعاطي الباهت إلى وجهة نظر وحيدة عقيمة وغير مفيدة .
ويبدوا أن النظام حسم خياره وراهن على قمع الشعب بالآلة العسكرية ومنطق القوة بدلا من صوت الحكمة وقوة المنطق و الإصغاء إلى مطالب المحتجين بالتغير الديمقراطي السلمي وإقامة دول القانون والحق والعدالة الإجتماعية

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…