سوريا لن تركع…!؟؟

المحامي قاسم عسكر

المواطنة كتعبير ومفهوم- فضلاً عن كونها رابطة قانونية بين الدولة والفرد، تتحدد بموجبها منظومة الحقوق والواجبات- هي الشعور والإحساس بالانتماء من قبل الفرد تجاه الدولة , والوطنية كمصطلح سياسي هي الموقف من سياسة الدولة الخارجية أو الداخلية تأييداً أو تعارضاً ضد المخاطر الخارجية أو الداخلية ، فليس هناك رؤى موحدة  لوضع معيار للوطنية ، فهي تختلف باختلاف المصالح وآليات تحقيقها والمحافظة عليها.

إن الأحداث التي تمر بها المنطقة العربية عموماً و سوريا تحديداً , تجعلنا نقف مرة أخرى أمام شعارات تلبس ثوب الوطنية المبنية على تصورات وسياسات قد تجاوزها الزمن, ومتطلبات المرحلة الراهنة.

فسوريا بلد جميع القوميات والأديان , تاريخها مشترك وحاضرها , ولا بد أن يكون مستقبلها كذلك , ولا أحد يريد لها غير الرفعة والعزة , ولا أحد يريد أن تركع أمام أية سياسة أو قرار مهما كانت الظروف .
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف لن تركع سوريا…!؟؟
لن تركع سوريا عندما تكون وطن جميع السوريين , وعندما تكون بلد الديمقراطية وتحترم حرية الرأي والتعبير, وتكون جميع مكونات المجتمع السوري ممثلة تمثيلاً صحيحاً في المؤسسات الإدارية والسياسية للدولة , وتكون ثروات سوريا لكل السوريين , ويقضى على الفساد ورموزه وأدواته , وعندما تقف الآلة الأمنية عن القمع والتعذيب , والتدخل في كل شاردة و واردة من حياة المواطنين, وعندما تتوقف منابع الدم والقتل في المدن السورية , وتتوقف الطائرات عن قصف المدنيين  وتهجير هم من مدنهم وقراهم  , سوريا لن تركع عندما يكون أساس وحدتها الوطنية العدل والمساواة,  وعندما يكون قضاؤها مستقلا ونزيهاً , سوريا لن تركع عندما تتخلى عن فكرة المؤامرة وتعترف بوجود أزمة حقيقة عمرها أكثر من ثلاثين عاماً , وتلجأ إلى منطق العقل والحوار مع كل أبنائها الغيورين على مصلحة هذا البلد، فأي شعار وطني خارج هذه السياقات وغيرها من المتطلبات وشروط القوة والصمود يتجاهل أو يجهل معادلة العصر لهو شعار خلبي زائف مخادع أساسه ليس إلا تصورات سياسية ماضوية أو مصالح ومكتسبات فئوية أو شخصية , لذلك فحينما تتجاهل السلطة الحاكمة في سوريا لشروط المناعة والقوة لن يجعلها تركع فقط إنما تخسر كل شيء.

     
 القامشلي12/6/2011

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…