في ذكرى تأسيس أول حزب كردي في سوريا «إنطلاقة سياسية جديدة لحركة الإصلاح»

في الرابع عشر من حزيران من كل عام نحتفلُ بذكرى تأسيس أول حزبٍ سياسي كردي في سوريا، حيث تم إعلان تأسيسه في 14/6/1957 ليصبح هذا الحزب الأداة النضالية الأولى التي ساهمت في تجميع طاقات أبناء الشعب الكردي في سوريا آنذاك، وتأطير تلك الطاقات في نطاق ممارسته لواجباته الوطنية والقومية على حد سواء.

وأتى تأسيس الحزب الكردي الأول في سوريا انطلاقا من مجموعة من العوامل والظروف المحلية والإقليمية والدولية التي أحاطت بتلك المرحلة وبلورت تالياً الحاجة حينذاك إلى وجود تنظيم سياسي يعبر عن حقوق القومية الكردية في سوريا والتي كانت ولا تزال تتعرض للتهميش والتجاهل من قبل الأنظمة المتعاقبة على سدة الحكم في سورية.
وتأتي هذه المناسبة اليوم في ظرف استثنائي تمر به سوريا، إذ تشهد البلاد منذ أواسط آذار الماضي موجة احتجاجات شعبية واسعة مطالبة بالإصلاحات والحرية وتغيير النظام في سوريا، وشهدت هذه الاحتجاجات سقوط المئات من الضحايا بين مدنيين وعسكريين، وتعمقت الأزمة نتيجة لإصرار السلطات على التعاطي بذهنية أمنية صرفة مع تطلعات الشارع السوري الذي انتفض بعد عقود من الجمود في الحياة السياسية التي احتكرها حزب البعث منذ تقلده زمام السلطة عام 1963 وقضى على كافة جوانب النشاط السياسي بإعلانه لحالة الطوارئ.

وفي سياق الأزمة الوطنية وموجة الاحتجاجات فقد وجد الشباب الكردي نفسه معنياً بكل تفاصيل المشهد الوطني ما دعاه للمشاركة في الحملات الاحتجاجية من خلال تنظيم التظاهرات المدنية والسلمية المطالبة بالتغيير، وقد تفاعل الموضوع الكردي بشكل لم يترك مجالاً للشك حول أهمية هذا المكون في النسيج السوري بحيث اشتملت جملة المراسيم والقرارات التي صدرت خلال الأحداث الأخيرة مجموعة من القرارات المتعلقة بالشأن الكردي كتجنيس المجردين من الجنسية حيث جاء المرسوم المتعلق بها بصيغة التجنيس وليس إعادة الجنسية لأصحابها متجاهلا جميع المترتبات القانونية و التعويضات عن الحرمان لعشرات السنين وإغفال موضوع المكتومين الذين تقدر أعدادهم بالآلاف )وتعديل المرسوم رقم(49)/ لعام2008 ، وكان آخر مظاهر تفاعل الملف الكردي هو الدعوة التي وجهتها جهات رسمية لمجموعة من الأحزاب الكردية لعقد لقاء بينها وبين السيد رئيس الجمهورية، ورغم أن الشعب الكردي في سوريا كافح منذ قرابة نصف قرن لفتح مثل هذه الفجوة في جدار النظام وتحقيق أي اختراق أمام ممانعة الشوفينيين، بهدف تسليط الضوء على تفاصيل القضية الكردية في سوريا، إلا أننا ارتأينا عدم فصل همومنا وإخراجها من سياق المشهد الوطني العام، وتم التريث في موضوع اللقاء إلى حين استيفاء ظروف وضرورات اللقاء والحوار وفي مقدمتها سحب الجيش من المدن والبلدات الآمنة وكف يد الأجهزة الأمنية عن التدخل في شؤون المواطنين ووقف نزيف الدم السوري.

إننا في “حركة الإصلاح” إذ نأسف لكل قطرة دم تراق، فإننا نرى بأن السلطة مطالبة بالإحتكام والاستجابة إلى الإرادة الجماهيرية أياً كانت، كما نعتقد بأن النظام فوت فرص ثمينة للإصلاح والمصالحة مع فئات الشعب.

كما أننا وبمناسبة الذكرى الرابعة والخمسين لتأسيس أول تنظيم سياسي كردي في سوريا، نؤكد مجدداً على أن القومية الكردية في سوريا هي قومية أصيلة وأن القضية الكردية هي قضية وطنية لابد من حلها حلاً سياسياً عادلاً متمثلاً بالاعتراف الدستوري بالوجود القومي الكردي وضمان كل ما يترتب تالياً من  إزالة للمظالم التي تعرض لها الشعب الكردي في سوريا منذ عشرات السنين ومنحه جميع الحقوق العادلة.

كذلك فإننا نتوجه بالتحية إلى جميع الكوادر والرفاق في الحركة الكردية ممن يمتثلون الامتداد طبيعياً لتلك الانطلاقة المباركة في الرابع عشر من حزيران 1957 ونحيي كافة الرفاق في “حركة الإصلاح” مستهلين هذه المناسبة لنؤكد لهم ولأبناء شعبنا مجدداً بأننا لم نمتلك سوى تصوراً لمشروع إصلاحي داخل الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، وأننا قدمنا عدة مبادرات لحل الأزمة في الحزب وأننا تخاطبنا داخل إطار الحزب تحت مسمى “حركة الإصلاح” وبالتزام تام بقضايانا التنظيمية الداخلية، إلا أن العقلية الشمولية المتفردة في قرار الحزب كانت حساسة جداً لأي طرح إصلاحي يضعف تسلطها ويحد من مصادرتها للحزب وقراراه وموارده البشرية والمالية، وخلال عام ونصف من الآن وبهدف التأثير باتجاه إصلاح مفاصل الحزب كنا قد أدركنا أن الأمر يتطلب صيغة عالية التنظيم بين الرفاق الأمر الذي نجحنا في تحقيقه بمساعدة جميع الرفاق في الحركة، من هنا فإننا نرى بأن تحديد نشاطنا “كحركة إصلاح” ضمن حدود الحزب الديمقراطي التقدمي لم يعد  كافياً في ظل التطورات الراهنة في البلاد .

لذا أقرت المنسقية العامة لحركة الإصلاح في إجتماعها المنعقد في أيار المنصرم أن يكون اليوم الرابع عشر من حزيران /2011 إنطلاقة سياسية جديدة للتفاعل مع كافة أبناء شعبنا وهيئاته وتنظيماته وكافة القوى الوطنية في البلاد تحت اسم “حركة الإصلاح” وكي يبقى هذا اليوم رابطاً طبيعياً وتاريخياً بيننا وبين جميع رفاقنا وبين ماضينا وحاضرنا.
                                                

   الهيئة التنفيذية لحركة الإصلاح

14-6-2011

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…